منذ ان اعلن رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي عن انطلاق معركة تحرير الفلوجة في الـثالث والعشرين من الشهر الخامس والعراقيون قد كثفوا، على نحو غير مسبوق، من تواجدهم على تويتر، تلك المنصة الرقمية المهمة التي يتواجد فيها الملايين ممن يخوضون جدالات ونقاشات بل حروبا فكرية طاحنة تدعم او تساند الحروب الواقعية التي نشهد صراعاتها يوميا في الكثير من مناطق العالم.
ومع شدة قربي من هذا العالم وكتابتي فيه عدة مقالات الا انني مازلت غير قادر على تحديد السبب الحقيقي الجامع المانع الذي ادى الى دخول العراقيين الى هذا العالم على الرغم من ان اهميته لم تكن خافية عليهم ولا هم بجاهلين التواجد الداعشي الكبير على تويتر وتحشيدهم جيوشا من الحسابات قدّرها المحلل بمعهد بروكينجز للأبحاث الاستاذ جي إم برجر بانها تصل الى 90 الف حساب في نهاية عام 2014.
نعم قد يكون سبب صحوة العراقيين في هذه المنصة الرقمية يعود الى شعورهم المتزايد واحساسهم الكبير والمكثف باهمية الدفاع عن العراق وقواته الامنية في معركة الفلوجة التي يعتبرها تنظيم داعش اهم معقل من معاقله، ولها ابعاد رمزية لايشك احد في اهميتها لديهم ، ولذا امسى الوعي لدى العراقيين باهمية استعادة هذه المدينة متساوقا ، ولو على نحو مختلف، مع اهميتها لدى داعش، فهبوا جميعا الى تويتر وابلوا فيه بلاءا حسنا شهد الجميع بذلك سواء ماتعلق بهاشتاكات العراقيين التي تظهر لاول مرة منذ اطلاق موقع تويتر في عام 2006 في القائمة الاكثر تداولا ( التريند) بل وصلت بعض هاشتاك العراق الى المراتب الاولى على العالم.
دخول العراقيين في عالم تويتر جاء على خلفية خبرة لابأس بها في موقع التواصل الشهير الفيسبوك الذي يستخدمه اكثر من 11 مليون شخص في العراق ويعد ثالث دولة بالوطن العربي في الترتيب بعد مصر والسعودية، ولذا كان العراقيون متفوقين فيه الى حد كبير وبشكل لافت، وشنوا حملات مضادة ضد الدواعش وخصومهم ، ما جعل هذه التجربة ناجحة بشكل كبير، مع انها حددت العراقيين ب140 حرف في تغريداتهم ، وهو ماجعلهم يتعاملون معه على نحو مغاير لما اعتادوا عليه في الفيسبوك من منشورات لاحصر لكلماتها.
ولم يقف الامر عند هذا المستوى من المشاركة العراقية الكبيرة في تويتر، بل اصبح العراقيون يراقبون التغريديات على تويتر ويتفحصون الوارد فيها ويقومون بالرد عليها وشن حملات منظمة من خلال الهاشتاك المناهضة وعلى نحو منظم وجيد الى حد ما قياسا بالفترة القريبة لتواجد العراقيين على هذا الفضاء الرقمي.
ولعل اخر واهم حدث يتعلق بما ذكرته اعلاه هو المنشور الذي كتبه الدكتور الاماراتي عبد الخالق عبد الله بعد تحرير الفلوجة اذ قال، في حسابه على تويتر، : فرحت لهزيمة التنظيم الإرهابي داعش في الفلوجة، واستكثرت تهنئة الجيش العراقي والحشد الطائفي الإيراني، فهما لا يستحقان التهنئة ولا يحظيان بالثقة”.
شخصيا استغربت مما قاله الدكتور عبد الخالق، اذ لو انه تحدث عن الحشد فقط لما استغربنا باعتبار ان اغلب الخليج لديهم فكرة خاطئة ومشوهة عن الحشد الشعبي ويدخل العامل الطائفي والحكم والمسبق والدعاية الاعلامية المضادة كعوامل اساسية في تقييم الحشد ، لكن الدكتور عبد الخالق يستكثر تهنئة الجيش العراقي ! ويراه لايستحق التهنئة ولايحظى بالثقة !.
ومن الجديد الذكر ان الدكتور عبد الخالق هو عضو الهيئة الاستشارية لمجلة دراسات دولية التي تصدر من مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة بغداد وكان قبل فترة قد نشر خبرا عن اختياره كعضوا في هذه الهيئة الاستشارية وهو مزهو وممتلئ بالفخر بالطبع.
لم استطع شخصيا السكوت عليه، فكتبت منشورا احدهما في صفحتي على الفيسبوك والاخر في تويتر ووضعت ماقاله عن الجيش العراقي وفي نفس الوقت وضعت وثيقة انتماءه لمجلة دراسات دولية ، وقلت بان لو قال استاذ عراقي بحق الجيش الاماراتي ماقاله عبد الخالق بحق جيشنا لتم حرمانه حتى من الوصول لحدود الامارات وليس يوضع او يبقى عضوا في مجلة عراقية.!
وحالما وصل خبر اسائة الدكتور عبد الخالق للجيش العراقي والحشد الشعبي الى العراقيين في تويتر وفي الفيسبوك حتى تم شن حملة كبيرة جدا ضده دفعت جامعة بغداد الى اصدار قرار بالاستغناء عنه وانهاء عضويته بالمجلة لعدم احترامه تضحيات الجيش العراقي والحشد الشعبي والاسائة لهما.
ولم يجد الدكتور عبد الخلق رد فعل على ماقام به من اسائة قبيحة للجيش العراقي سوى ان قال ” بسبب تغريدة عن الحشد الطائفي في العراق صدر قرار ينهي عضويتي في الهيئة الاستشارية لمجلة اكاديمية تصدر عن جامعة بغداد” .. وبالطبع هو لم يقل الجيش العراقي بل قال الحشد لانه يريد استدرار عطف من يكرهون الحشد ومن هم مشحونون طائفيا وهو يعلم بانه اخطأ حينما اساء للجيش العراقي اسائة بالغة من غير ادنى مبرر منطقي.
باختصار: العراقيون الان في موقع جديد في تويتر واصبح لهم بصمة يستطيعون من خلالها ايضاح وجهة نظرهم ونقل الحقيقة للعالم على هذه المنصة الرقمية، وكل ماعليهم الان اعادة تنظيم وترتيب انفسهم من اجل توحيد النشر وتوجيهه بما يخدم قضايا العراق الوطنية ومساندة عملياتهم العسكري ضد داعش بالاضافة الى القضايا الاخرى المطروحة في الراي العام.