ان استخدام السلاح الكيمياوي ضد الشعب , يعتبر من اعظم الجرائم البشعة , ضد الانسانية , والتي ترعب وتخيف الضمير الانساني العالمي , ولا يمكن ان تمر دون عقاب , او حسب ما صرح به وزير خارجية الروسي , بانه انتحار سياسي , وكل المعطيات بان السلاح الكيمياوي بمادة غاز السارين , قد استخدم في الغوطة الشرقية من ريف دمشق , وحتى الرئيس الايراني الجديد , اقر باستخدام المواد الكيمياية , وهناك ضحايا وقعوا . وكل المؤشرات بان ساعة الحسم اوساعة الصفر اقتربت كثيرا , وان قرار شن هجوم صاروخي اتخذ , ولا رجعة عنه في كل الاحوال , وبات وشيكا جدا يحسب بالساعات المعدودة .. لكن المسألة الاهم التي تشغل بال المتابعين والمختصين في الشأن السوري , هل تكون الضربات الصاروخية صاعقة ومدمرة , قد تؤدي الى اسقاط النظام السوري ؟ . ام تكون ضربات محدودة الاهداف , بحيث تجبر النظام الامتثال الى الحل السياسي , ويذهب الى جنيف2 , دون ان يفرض شروطه على المعارضة السورية , ويقبل بمرحلة انتقالية دون الاسد ومن الذي تلطخت يداه بدماء الشعب السوري ؟ . وقد عبر وزير خارجية السوري ( وليد المعلم ) , بان امام سورية خيارين : اما الاستسلام او الدفاع . واذا كان الترجيح الى الخيار الاول ( الاستسلام ) , فيجب ان يعلن الان قبل الضربات الصاروخية , بان يعلن موافقته على الحل السياسي والاتفاق مع المعارضة على , رسم خارطة المرحلة المقبلة دون اشراك بشار الاسد , او على اركان النظام العسكرين ان يعودوا الى عقلهم ورشدهم , والحفاظ على ما تبقى من سورية المحطة , والتي اهلكها الدمار ثلاثين شهرا , دون ان يلوح في الافق بوادر الحل , ان يقوموا هؤلاء القادة العسكرين بعزل وتنحي الاسد وبطانته المجرمة , ويعلنوا عن الاستعدادهم الى الحل السياسي . او خيار الدفاع , ويجب في هذه الحالة الاخذ بالاعتبار والحسبان , الفرق الشاسع وكبير بالامكانيات العسكرية والتقنية الحديثة لدى الاطراف المتحاربة , واذا تمادى بعنجهيته النظام السوري ويطلق بضعة صواريخ على الجانب الاسرائيلي , ففي هذه الحالة يكون انتحاره السياسي , حقيقة ماثلة بشكل واضح , سيواجه برد عنيف وقاتل يفقد كل اوارق بقاءه وديمومته . وفي كل الاحوال بان سورية مقبلة على ايام عصيبة ومظلمة , ومن المحتمل جدا , ان تعود الى الوراء قرون طويلة , اي الى عصور الظلام , فحين كانت بداية الاحتجاجات الشعبية سلمية ولمدة ستة شهور , باعتراف رأس النظام , وكان من الممكن تجنب سورية من الوقوع في الحرب المدمرة , التي اهلكت الحرث والنسل , وما آلت اليه آلة الدمار والخراب , وزاد الوضع اكثر تعقيدا وصعوبة , بدخول تنظيم القاعدة وجبهة النصرة المتطرفة , وتسيدت على الساحة السورية , بفعل الدعم الكبير بالمال والسلاح ورجال , من اطراف اقليمية ودولية . ساعدت هذا التنظيم الارهابي , ان يكون فعال ومؤثر على الساحة , واذا حدث انقلاب جذري وسيطرت حواشي القاعدة ووحوشهم على مقاليد الامور في سورية , فانهم سيحولونها الى جهنم سوداء , بفرض نمط ديني سلفي ومتخلف ( امارة اسلامية ) بقوة التهديد بالسلاح , وسيكون بالضد من تواجد كل الاقليات , التي تشكل جزء هام واساسي من الشعب السوري , ففي هذه الحالة يكون الخاسر الاكبر الشعب السوري بعموم طوائفه ومكوناته . يعني تحول سورية من نظام بعثي دكتاتوري , الى نظام همجي يؤمن بالقتل والذبح وسفك الدماء , وهنا تكون المصيبة اعظم وافدح , ستعود سورية الى العصور المظلمة , لذا على اركان النظام والذين مازالوا بيدهم الحل السياسي , قبل ان يفرطونه ويصيع من يديهم , العمل على الاتفاق مع المعارضة الوطنية المعتدلة , الاتفاق التام على الشروط الموضوعية والواقعية , وابعاد تنظيم القاعدة وحواشيه المجرمة , ان هذه الامكانية الوحيدة المتبقية , اذا تخلى اركان النظام عن العنجهية والمكابرة الفارغة . ان يعودوا الى عقلهم ورشدهم , قبل ان يفقدوا الورقة الاخيرة , وانقاذ ما تبقى من سورية المحطمة والمنكوبة , قبل ان تقع لقمة سائغة وغنيمة سهلة الى اصحاب الكهوف المظلمة