حاوره : عبد عون النصراوي
حوار يتجسس بعمق على المناطق الخفية للشاعر الدكتور عمار المسعودي وفيه يُطلعنا على أهم المحطات والجوانب من حياته السياسيّة والأدبيَّة التي ما زالت مجهولة للكثيرين داخل وخارج الوطن ولشريحة كبيرة من المجتمع ولجيل الشباب .
عندما هممت بكتابه مقدمة لهذا اللقاء أحسست بكلماتي تضيع مثل من لم يكتب كلمة جميلة يوماً ولعل أهم الأسباب هي المكانة التي يحظى بها شاعرنا الكريم بين القلوب قبل المكانة التي يحظى بها بين القبيلة ولعل الأخلاق والتواضع الذي يملكه المسعودي أحد وأهم الأسباب التي تجعلني ابحث له عن مقدمة بعيدة عن التقليدية التي تعودنا عليها ولعلي لم ولن أجد الكلمات التي توفي حقه …
إن المسعودي هو بستان من الشعر, عناصره خالدة كونه عنصر من عناصر القمر المضيء وهو من مواليد محافظة كربلاء لديه دكتوراه في الأدب وصدرت له ثلاثة دواوين وله كتب نقدية عديدة ولديه تحت الطبع مجموعة شعرية وهو يشغل حالياً منصب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة كربلاء.

• هل هناك سبب حقيقي وراء كتابتك للشعر ؟
ـ الشعر لا يحتاج مناسبات بل هو مناسبة بنفسه أن تستطيع بالكلمات فتح كثير من النوافذ وان توسع العالم.
• أطلق عليك العديد من الألقاب ، أيهما أقرب لنفسك ؟ ولماذا ؟
ـ شاعر الخضرة والقرى وأحبها عندي لقب أطلقه الشاعر صلاح السيلاوي ( صوفي الخضرة ) كونه يتطابق مع ما أريده من الشعر ومن الصوفية التي هي أثيرية العالم ومن القرى.
• هل من الممكن أن تذكر لنا مؤلفاتك ؟ وما الإنجاز الأبرز من بينها ؟
ـ على مستوى الشعر هناك أربع مجموعات هي بالتتابع الزمني:
ساعة يلمع الماس ١٩٩٦
ما يتعطل من الأسئلة ١٩٩٩
يختفي في القرى ٢٠٠٧
يزرع بهجاته ٢٠١٧
الأقرب لي هي كل هذه المجموعات كون كل منها يحمل بصمته وأطلعه وعناصره ، رغما من إن الإصدار الأول يحمل رفة قلب المولود الأول أما في النقد فلدي كتابان هما :
– الصورة الاستعارية في شعر عبد الأمير الخضيري.
– الرفض في الشعر العراقي الحديث من ١٩٢١- ١٩٥٨.
وهناك العديد من المقالات النقدية التي أتابع بها بعض الظواهر الإبداعية لمبدعين عراقيين أو عرب منها :
– الرفض في شعر أدونيس
_ ثنائية النص في محرقة الجواهري
– قصيدة الجواهري ( أم عوف ) دراسة تحليلية
– الحكمة في شعر الصعاليك
مع مجموعة من مقالات نشرتها تتابع مجموعات أدبائنا وإصداراتهم الجديدة.
• للطفولة مساحة كبيرة في حياة كل إنسان .. ما هو أثرها في بناء شخصيتك ؟
ـ الطفولة هي العالم من دون قيود هي أن تغرق في شبر سراب ظانا به محيطا هائجا مائجا، هي أن تكتب كل شيء وتمحوه ، تعشق كل شيء لتهجر، الطفولة هي مسك الكون وافلاته، أو هي كل هذه السواقي التي تحاول القفز عليها من دون أي رغبة لك بالإعلان عن اجتيازك مسافة العطش.
الطفولة هي كل هذا الذي نحاول كتابته الآن أو استعادته أملنا براءتنا صخبنا جوعنا خوفنا أمتنا وما تتشكل منه قاماتنا وهي تشابه انطقة الأشجار تلك التي تعلن عن عمرها ومداها وعمق جذورها.
• كيف تنظر للمرأة ؟ وماذا كتبت لها وعنها ؟
ـ المرأة هي هذا السر الذي ابتدأت منه سرديات الوجود هي هذه التفاحة المحرمة هي ابتداء الجدل والعناد والرغبة في الوجود لظل الرجل يروي اطمئنانه ومكاسبة من تكسير للباب الحجري من دون تحطيم لسور الدعة المضروب حول حياته هي التي اكتشفت العالم حينما أنزلت شريكها من هيولى السكون إلى التشكل.
سر المرأة في هذا العالم يحرر يستعبد يغزى يكون يفنى يحصل كل ذلك باسمها:
لأول امرأة كنت بلا دمع
لآخر امرأة كنت بلا دمع
لو أن دمعي بلا امرأة أصرت
فائضا واسترحت لاسترحت
وصرت فائضا حدثت نفسي لنفسي
المرأة أذن سر الكون.

• معاناة شعبنا العراقي هل جسدها في كتاباتك وشعرك ؟
ـ لم يعد الشعري هو ذاك البوق الذي ينادي بالناس تعبئةً وسوقا وتعليما خاصة بعد نضج كل هذه الأدبيات كل في حقله أدبيات السياسة والاجتماع والحرب لذا تحتم على الشعر أن يكون هو المناسبة أي بمعنى أن يهرب الشعر مما يستبيحه ويوظفه سالبا منه كل عناصر وجوده ، لقد تعرض الشعر طيلة وجوده لهذا الابتزاز وان يكون دريئة تختفي خلفها أهداف غير قادرة للوصول لمرتبة الخلود.
يمكن للشعر أن يراقب الوجود ويقوم بتشفيره أي إن الشعر يتشرب الوجود بعناصر ه وأحداثه ليعيد ه وغير متشابه.
• كيف ترى الواقع الثقافي في العراق اليوم ؟
ـ يمكن الحديث عن الواقع الثقافي العراقي من مسارات عديدة منها:
– المبدع العراقي الذي وجد في أجواء ذهاب الرقيب فرصة عظيمة للكتابة والبوح مما أتاح للفنون الإبداعية ان تزدهر وتنطلق بفورة على مستوى الرواية والشعر من هنا نستطيع القول: إن المعادلة انقلبت فصار العراقي مؤلفا منافسا في مجال الرواية الذي كان متخلفا بعض الشيء على الرغم من وجود تجارب مهمة قبل التغيير.
-المستوى الثاني هو الحاضنة التي تنتج الثقافة من مدارس وجامعات نجدها وقد تراجعت بسبب سوء إدارة هذه المؤسسات العائد بالمؤكد للفوضى الوجودية التي يمر بها البلد ومحاولة كثير من المحسوبين على الوطن إبدال انساق ثقافية متردية والتسويق لها لتكون أدبيات أيدلوجية رخيصة تروج لمشاريع سياسية أو طائفية أرخص مما افقد الهوية الوطنية التي تعد الثقافة أسها كثيرا من عناصرها مما فتح الباب واسعة لرغبات تشظية الوطن.
– المستوى الثالث مستوى الدولة التي لم تخصص ميزانيات للعمل الثقافي متناسية إن قيام الدول يتطلب حواضن ثقافية تمنحها وجودها وشرعيتها ومصداقية لذا عدت الثقافة ديكورا خارجيا وإطارا لا غير مانحة وزارة الثقافة
أقل التخصيصات كونها غير مؤمنة بأهمية الثقافة أو أنها تخشى من إشاعة الوعي على مصالح طبقتها السياسية المتخلفة وغير الواعية وغير المنتمية لسحنة البلاد وصفاتها.

• كونك رئيساً منتخباً للدورة الثانية على التوالي لإتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في كربلاء ، هل أستطعت تصحيح أخطاء وتراكمات الماضي ؟ وهل هناك دعم حكومي للإتحاد ؟
ـ تجربتي مع اتحاد الأدباء أضافت لي خبرة في إدارة مشهد ثقافي انطلاقا من برنامج الاتحاد جعلتني قريبا من قلوب أصدقائي الأدباء كما أنها فرصة سانحة للعمل بقلب مليء بالأمل لجعل الثقافة هي الحصن الوطني المتماسك لذا حرصنا في الاتحاد ليكون خطابنا عراقيا يقع خارج كل المشاريع التي تحاول جاهدة تمزيق هوية البلاد.
استطاع اتحادنا أن يواظب في تقديم أماسيه الأسبوعية المتنوعة مع استضافات لمعظم الأسماء المهمة على مستوى الشعر والرواية وكل فنون الإبداع، كذلك ألف اتحادنا بمسيرته بين قلوب أدبائه حتى صار أسرة إبداع ينظر إليها المشهد العراقي نظرة تبجيل واحترام.

• ما معنى أن تكون أبن القرية ؟ ما الذي أضاف لعمار المسعودي ؟
ـ القرية هي كل هذا الذي أنا به علمتنا العطاء وان نكون سواقيا لا
عطشا وثمرا لا حجرا وصبحا لا ليلا وصبرا لا يأسا

• متى تغفر الإساءة ؟
ـ أنا متسامح كما القرى دائما ما أسعى لنثر الوداد في قلوب من اعمل أو أتعامل معهم فالتسامح صفة نادرة وسماوية.

• يقال بأنك مغرور ؟ وهل من الضرورة أن يكون الأديب مغروراً ؟
ـ لا احد يقول عني مغرور أنا كائن صفري الذات ويشهد من يتعامل معي بذلك تعلمت من القرى أن أباشر العالم بلا رتوش أو مكياجات.

• ما رأيك بهذه الأسماء :
( محمد علي الخفاجي ـ السياب ، الجواهري ، أحمد آدم ـ كربلاء ـ الحسينية ـ إتحاد الأدباء ـ الكلية التربوية المفتوحة ـ الإبداع ـ الأم ـ الزمن ـ التاريخ ) ؟
ـ محمد علي الخفاجي روح شعرية كبرى
– السياب رائد الحداثة
– الجواهري شاعرية كبرى غطت كل مساحات الوجود
– احمد ادم الشاعر الذي يتواجد بيننا بكثرة
– كربلاء وجود كبير وجداني بين الشهادة والحياة الصحراء والبساتين القرى الحواري إنها قلب يحتفل بالجميع
– الحسينية قرية الحب والأقمار والصدق والأثمار والأطيار إنها جنون اخضر
– اتحاد الأدباء قلبنا العراقي بامتياز
– الكلية التربوية مؤسسة تعمل بصمت وقد أنجزت تطوير المعلمين وساهمت في إرجاع انساق غابت عن مدارسنا بسبب الحروب والحصارات .
– الأم هي من ينتظرك في النوافذ حتى عودتك من الغرق السجن الحرب السفر.
– التاريخ كلمة أخشاها كونه كتب بمداد سياسي ندفع دماءنا يوميا جراء استعادته

• كلمة أخيرة ؟
– امتناني لك أخي المبدع عبد عون النصراوي.