أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعمه للجيش السوري في مواجهة الحرب الإرهابية التي تشنها دول ومجموعات إرهابية ضد سوريا منذ خمس سنوات، وحينها لم يكن السيسي رئيسا للدولة المصرية بعد، وكانت الثورة المصرية تعيد هيكلة وبناء المؤسسة السياسية والعسكرية، وقد إتخذ المصريون مواقف متباينة أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي من سوريا، وقد خطب مرسي في الجموع حينها مؤيدا ومناصرا للتحرك الذي كان يستهدف تغيير النظام السوري قبل أن يطاح به في 30 يونيو على إثر خروج مكثف من المواطنين الى شوارع القاهرة والمدن الكبرى في الجمهورية، وحينها تقدم السيسي الصفوف وأعلن التغيير وإنهاء حكم الإخوان الذي إستمر لعام واحد، وكان حكما مضطربا مترددا لايمتلك مقومات الإستمرار والتأثير.
يترتب على هذا الدعم المصري الذي أعلنه السيسي تغييرا في الإستراتيجية المصرية ضمن معادلة الصراع ويشبه التغيير الذي حدث في تركيا الى حد بعيد مع إن السيسي أجهض حلم أوردوغان الإخواني لكن الرئيسين إبتعدا قليلا عن الغرب وأمريكا والسعودية، وإقتربا من روسيا وإيران بنسب متفاوتة خاصة بعد المواقف الأخيرة المعلنة بين المصريين والسعوديين في ملفات المنطقة، ومنها الملف السوري تحديدا حين تبنى المندوب المصري في مجلس الأمن موقفا رافضا للموقف السعودي ومؤيدا الى حد ما للموقف الروسي الصيني، وكان ذلك نوعا من التراجع عن مواقف سابقة إتخذتها القاهرة الى جانب الرياض غير إن المعروف عن المصريين إنهم يحاولون عدم الإنجرار الى مواجهات مباشرة ومكشوفة خاصة في الملفات المعقدة كالملفين السوري واليمني الشائكين ماتسبب بقطع إمدادات النفط السعودي الى مصر.
يفرض الموقف الملعن للسيسي من الجيش العربي السوري دعما ليس معنويا وحسب، وربما سيعبر الى مستوى التنسيق والتعاون في مجال المعلومات والإستخبارات والتسليح وهو ماسيؤدي في النهاية الى تغيير أكبر في موازين القوى لصالح النظام الذي يحظى بدعم روسيا وإيران، ويترقب تراجعا كبيرا في موقف واشنطن بعد هزيمة هيلاري كلنتون، وفوز دونالد ترامب غير المهتم كثيرا بفكرة إسقاط الأنظمة، ويعدها نوعا من العبث، ويعلن في الغالب إنه يمتلك أفكارا مغايرة لمعالجة الأزمات غير تلك التي كانت هيلاري تطرحها وأدت الى المزيد من الفوضى والخراب وصعود تيارات الإسلام السياسي والإسلام العنفوي.
السيسي يغير المعادلة على الأرض ويحرج السعودية ودول الخليج المحرجة أصلا في ملفات عديدة وتعاني من الإرباك خشية موقف أمريكي صادم مرتقب من حكومة الرئيس دونالد ترامب، السيسي يقود الجيشين الثاني والثالث لكنه يدعم الجيش الأول.