إحدى المآخذ التي رافقت حقبة الفاشل نوري المالكي وهي كثيرة كانت تهديداته الجوفاء كلمّا كان البلد في منعطف سياسي حاد عن طريق اعلانه إمتلاك وثائق تدين هذا السياسي أو ذاك، متهما ذلك السياسي بالأرهاب والتعاون مع دول إقليمية لزعزعة السلم الأهلي وتغذية المشاعر الطائفية. الا إنه وفي كل مرّة وبعد أن يتناول الاعلام تهديداته ويهرب الضحية الذي لم يكشف المالكي ما عنده من ملفّات ضدّه، كان ينتظر ويتصيد سياسي آخر وبنفس الطريقة حتى وصل الامر الى إتهام مسؤولين كبار في البنك المركزي العراقي من الذين رفضوا الأنصياع لأوامره الهمايونية بتسليم إحتياطي العراق له بتهم كاذبة. أثبت القضاء بعد تحرره الجزئي من سطوة المالكي وحزبه حزب الدعوة الاسلامية كيدية التهم الموجهة اليهم وليبريء ساحتهم بعدها. لكن العجيب بالأمرهو إن المالكي لم يمتلك ولا ملفّا واحدا ضد أي سياسي شيعي من ألاحزاب الطائفية حول تهم الفساد التي بانت طلائعها برواد فضاء وزارة الدفاع التي أدارها حزب الدعوة الأسلامية لثمان سنوات بشخص رئيسه، و لاتلك التي ستظهر لاحقا إن لمسنا جدّية السيد العبادي في تكملة مشواره في وزارة الداخلية التي كان حزب الدعوة يديرها بشخص المالكي وأقرب مساعديه بشخص وكيل الوزارة الدعوي عدنان الاسدي ” ابو حسنين”!!.
والفشل هو ليس الصفة الوحيدة التي لازمت المالكي خلال فترتي حكمه بل نستطيع أن نضيف اليهما الكذب والعجرفة، فالمالكي كان دائم الكذب وهو يوعد شيعته ” كونه كان رئيسا لوزراء جزء من الشيعة” بحل مشاكلهم وتوفير حياة افضل لهم خلال مئة يوم مثلا، وما ان تنتهي المئة يوم حتى يكون عبيده جاهزين لتفسير المئة يوم تفسيرا لايفقهه الا الله والراسخون بالعلم من حزبه القائد. أما عجرفته فأنها تتجسد برفضه الحضور الى مجلس النواب ليس للمساءلة أحيانا بل كضيف وكان هذا دليلا على استهتاره بسلطة الشعب التي جاءت به الى سدّة الحكم، أي من الممكن أن نصفه بالمستهتر ايضا لتضاف الى طائفيته ورعونته بقيادة البلد الذي أفرغ والفاسدين واللصوص الذي هم تحت إمرته خزائنه.
نتمنى أن لايرث السيد العبادي وهو الذي بدأ مشواره في الحكم بشكل لا بأس به لليوم على رغم التركة الثقيلة التي ورثها من سلفه أمراض ذلك العهد الذي نتمنى أن يكون بائدا، وخصوصا إمتلاكه للملفّات وعدم طرحها بشفّافية أمام البرلمان ليتعرّف عليها المواطن العراقي. فالعبادي الذي تعرض ولا يزال يتعرض لهجوم شرس من قبل المالكي وأيتامه ومحاولتهم وضع العصي غير القابلة للكسر في دواليب حكومته، بدأت ضدّه حملة جديدة وهي التشكيك بصحة ما قاله حول رواد فضاء المالكي في وزارة الدفاع والداخلية وغيرها من الوزارات والمؤسسات اثناء فترة حكمه. وهذا ما يتطلب منه التحلّي بالشجاعة الكافية والأرادة الصادقة في متابعة الأمر حتّى النهاية عن طريق فضحه المسؤولين عن تلك الجرائم التي تعتبر شكلا من اشكال الارهاب كما صرّح المالكي نفسه أكثر من مرة، إذ من غير المعقول أن يكون من وضع خمسون ألف أسما وهميا في سجلات وزارة الدفاع لليوم فقط ومنهم من غادر الحياة منذ وقت طويل ليقبض من خلالها رواتب تقدر بـ 450 مليون دولار سنويا ” 3.6 مليارد دولار خلال فترة المالكي الفاشلة” حسب تصريحات قائد عسكري الى صحيفة الشرق الاوسط اليوم هو ضابط أو مجموعة ضباط صغار في الوزارة. بل وراء هذه الارقام الفلكية أسماء كبيرة من داخل الوزارة ومن مكتب القائد العام للقوات المسلحة ممثلة برئيسه وأعضائه ومنهم اليوم برلمانيون وبعلم المالكي نفسه وهم الذين كانوا يديرون ملف الفساد المافيوي هذا.
إن عدم تقديم رؤوس كبيرة من خلال تحقيق شفّاف من قبل الحكومة والبرلمان الى القضاء لأسترجاع هذه الاموال ونيل المجرمين أيا كان مركزهم الوظيفي خلال عهد المالكي عقابهم وفقا للقانون، سيضع السيد العبادي كما المالكي سابقا في دائرة الأتهام كونه من ملفقّي تهم دون أساس قانوني ليس من المالكي الذي أنكر تصريحات السيد العبادي حول الفضائيين ولا إتهامات أيتامه فقط، بل سيتعدى الامر الى المواطن البسيط والمراقبين لعمل الحكومة ممّن تهمّهم نجاحها وتقدمها بعبورها حقول الالغام التي تعترض طريقها من أجل غد أفضل لعراق فدرالي موحد وشعب يعيش بكرامة.
السيد العبادي من أجل العراق وشعب العراق لاتكن كالمالكي وأكشف ملفّات الفساد “وخليها تصير بوكسات”.