كريم السيد
حيث تكون باي مكان متحدثا مع اي عراقي بسيط ستجد انك واياه متفقين تماما على جملة امور; منها واهمها تخبط السياسية, وانها وراء كل شيء, ذلك ان السياسة هي المحرك الاساسي لكل ما يدور في البلد; وتشكل ارتباطا وثيقا بكل مفاصل الحياة ويعول عليها في ارتقاء المواطن والوطن, و كلام كهذا فيه شيء من العموم و لا يضع اليد على الجرح, بعبارة اخرى ان الفرد منا اصبح يربط السياسه بكل شيء يخصه بإبداعه ونفسيته وفكره ويخص عائلته ويخص وطنه شاء ام ابى,
الامن الاقتصاد السياحة الزراعه الصناعة التربية والتعليم الرياضة الاخلاق الدين المذاهب القوميات المجتمع وغيرها, كل شيء ينظر الى السياسه لينهل منه فيعول ضعفه وتأخره وانزواءه بعزلته عن التقدم العالمي بما يوازي التطور الى السياسه وكأن السياسه القاموس الذي تصنع منه الكلمات التي يقولها الابداع,
ونحن لسنا معترضين على هذا الارتباط ومن هذه ناحية (ارتباط السياسه بكل ميادين الحياة), فاختيار وزير للثقافة غالبا ما يكون بتوافق سياسي اما مساله الواقع الثقافي للبلاد ليست مسالة سياسيه تطرح في اروقة السياسه على انها محور التخصص السياسي الدقيق ومعنى ذلك ان السياسه ترسم الخطوط العريضة لمسارات الحياة تاركة الامور الدقيقة لمن يختص بها وتعتبر عملة الذي يتقنه ولكل منهما مجال عمله الذي يبدع فيه,
كما اننا لا نختلف على ان السياسه في العراق تتخبط ولا تعرف اي معنى للاستقرار; الا ان الاختلاف ينصب على جعلها شماعة الهفوات كما ان الرؤية السياسية ليست منهجا دائما ومرافقا لكل مجالات الحياة, فحكومة ما او حزب يقود دولة ما يمكن ان يغير بأصوات الشعب نفسه والذي يريد ان يتقدم لا ان يسلم للسياسة كل اموره وينتظر رحمة الله حتى تنزل من السماء,
ماذا تفعل السياسه مثلا للمحفل العملي او الفكري الذي يعجز عن ولادة عالم او مفكر, وماذا نفعل للدراما العراقية المتخبطة التي لم تفرز عملا فنيا يوازي ما يعرض بمصر وسوريا والخليج او الرياضة العراقية التي عجزت عن الحصول على معدن في لندن او الطب العراقي الذي لايزال بدائيا لا يسعف مجروحا او مصابا بالتهاب عادي, وماذا تفعل السياسة لموظف مرتشي جعلت بيده اموال الناس امانه, ماذا تفعل؟
سيحتج علي الجميع, وسيقولون انك تتغافل دور السياسه في صلاح البلد وما يجره الصلاح من خير واستقرار وتقدم, وانا هنا متفق تمام الاتفاق بل انني ادعم هذا الراي بشده, لكن السياسه وحدها من تفعل ذلك; وهذا الوصف ليس الدقيق واحتج عليه وبشده, لان الصلاح السياسي يأتي اصلا من صلاح الانسان, فنحن نحتاج لأنسان صالح قبل ان نحتاج سياسي صالح, فمبدعي العراق خرجوا من رحم سياسة وواقع عصيب ومتى خلا العراق من اضطراب السياسه حتى نعتبر ذلك معيارا؟!
وما السياسي الا صورة عن ذلك الواقع الذي قدمه لدكة السياسه وخصوصا في البلد الذي يصل فيه الساسي بصندوق اقتراع,
الخلل يكمن في المنظومة البشرية وليس بمفصل واحد وحسب, وما التخبطات والضعف الذي ذكرته الا حالة واقعيه عن الاستسلام الذي يعيشه الفكر والعلم والتقدم في البلد, كما ان هناك دور غير قليل للانعزال الذي عاشه العراق عن العالم حقبة من الزمن نمى ذلك الشعور الاستسلامي الذي نعيشه رغم ان السياسه آنذاك كان محركا حقيقيا لكل مفصل من مفاصل الدولة على حد سواء, وكيفما تكونوا يولى عليكم.