السياسة الشرعية بين النظرية والتطبيق/1
علي الكاش
(العراقيون لا يفقهوا ان توقف الفاسدين في البلاد عن فسادهم أشبه بحلم ابليس بالجنة).
ذكر ابن عبد ربه ” قال معاوية: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”. (العقد الفريد1/25). ( سراج الملوك/61). (حدائق الأزهار/77). قال معاوية: مهما كان في الملك فإنه لا ينبغي أن يكون فيه أربع خصال: الكذب، فإنه إن وعد خيراً لم يرج، وإن أوعد شراً لم يخف؛ والبخل، فإنه إذا بخل لم ينصحه أحد، ولا تصلح الولاية إلا بالمناصحة؛ والحسد، فإنه إذا حسد لم يشرف أحد في دولته، ولا يصلح الناس إلا على أشرافهم؛ والجبن: فإنه إذا جبن اجترأ عليه عدوه، وضاعت ثغوره”. (البصائر والذخائر1/171). روى المبرد عن معاوية قوله” إذا لم يكن الملك حليما استفزّه الشىء اليسير الذى يندم عليه، وإذا لم يكن شجاعا لم يخفه عدوّه، وإذا كان شحيحا لم يكن له خاصة ولا مناصح، وإذا لم يكن صدوقا لم يطمع فى رأيه”.(الفاضل/88). ويعتبر معاوية أول منظر للسياسة الشرعية في التأريخ الإسلامي.
لا يوجد ما يسمى بالسياسة الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية كمصطلح قائم بحد ذاته، ولكن يوجد ما يفصلها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية بما يعنيها ضمنيا، قال تعالى في سورة التحريم/6 ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)). وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه)).
وورد بصيغة أخرى” كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ”. (صحيح البخاري/2554). (صحيح مسلم/1829). كما ورد ايضا سنن أبي داود والترمذي والنسائي وأحمد وغيرها. كما إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثل القاعدة الذهبية للسياسة الشرعية. الملك والحاكم والأمير والزوج والزوجة والخادم كل منهم راع حسب مكانته وعمله وحجم مسؤوليته ومسؤول عن رعيته. قال ابو القاسم المغربي” السياسات ثَلَاث سياسة السُّلْطَان لنَفسِهِ، وسياسته لخاصته، وَالثَّالِثَة لرعيته، فالسائس الْفَاضِل إِنَّمَا يصلح نَفسه أَولا ثمَّ يصلح بسياستها خاصته وَمَا يحملهَا عَلَيْهِ من الْآدَاب الصَّالِحَة لرعيته، فينشأ الصّلاح على تدريج وَتسود الاسْتقَامَة على تدريج”. (السياسة/40). مفهوم الرعية لا يتعارض مع المواطنة، وليس مقصود بها الخراف، كما ذكر أحد كبار شيوخ الأزهر (خالد محمد خالد) الذي اعترض على كلمة الرعايا وسمى كتابه (موطنون لا رعايا) فهذه نظرة ضيقة وسوء فهم ما ورد في الحديث النبوي الشريف، فليس من المنطق ان ترفض حديثا نبويا دون التبحر في معناه ومعرفة القصد منه، وما فات الشيخ الأزهري ان كلمة مواطنه مستحدثة ولا أثر لها في القرآن الكريم والسنة النبوية، فلا يمكن ان نقول مثلا (ايديولوجية الخليفة الفلاني) تعبيرا عن القول (فكرة الخليفة الفلاني) فلكل حديث مكانه وزمنه وظرفه. قال محمد بن علي بن الفضيل: ماكنت أعلم أمور الرعية تجري على عادة ملوكها، حتى رأيت الناس في أيام الوليد بن عبدالملك قد أشتغلوا بعمارة الكُرم والبساتين، واهتموا ببناء الدور وعمارة القصور، ورأيتهم في زمان سليمان بن عبدالملك قد اهتموا بكثرة الأكل وطيب الطعام، حتى كان الرجل يسأله صاحبه: أي لون اصطنعت، وماالذي أكلت؟ ورأيتهم في أيام عمر بن عبدالعزيز قد اشتغلوا بالعبادة، وتفرغوا لتلاوة القرآن وأعمال الخيرات وإعطاء الصدقات، لتعلم أن في كل زمان تقتدي الرعية بالسلطان، ويعلمون بأعماله ويقتدون بأفعاله من القبيح والجميل، واتباع الشهوات، وإدراك الكمالات. ( دولة السلاجفة للصلابي). لذا إذا فككنا عبارة السياسة الشرعية الى (سياسة) و (شرع) سنرجع الى الحديث النبوي الشريف (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)، وهذا برأينا أفضل تعبير عن المفهوم لأنه يَعني بضرورة وكيفية تسييس الناس أي الذين يكونوا تحت مسؤليتك الشرعية.مع ضرورة التنبيه ان حجم المسؤولية يتصاعد من الخادم الراعي لأموال سيده وأسراره ومصالحه الى الملك والزعيم والأمير، فهذا الخادم نتحصر مسؤليته في خدمه سيده، والزوج والزوجة تنحصر مهمتهما في رعاية الأسرة، والملك والأمير والزعيم تكون مسؤليتهم هي الأكبر لأن عليهم ان يراعوا الشعب، ويحققوا له الحياة الكريمة ويشبعوا حاجاته من مأكل ومشرب ومسكن وعز وكرامة، واليوم يمكن الحكم على صلاحية ونجاح السياسة الشرعية لأي حاكم من خلال رقي دولته ومعدل التنمية والتقدم والأزدهار والعيش الكريم للشعب، وهذا هو المبدأ الذي خرجت به منظمة الشفافية الدولية لتقييم دول العالم، ومع الأسف كان الدول العربية في السلم الأخير في المراتب مما يعني فشل السياسية الشرعية للحكام إذا استثينا دول الخليج العربي، التي قطعت مشوارا مهما في التطور والرقي. قال ابو القاسم المغربي” أوصى ابو بكر الصّديق (رض) يزِيد بن أبي سُفْيَان لما أنفذه على العساكر إِلَى الشَّام : ابدأ جندك بِالْخَيرِ وعدهم مَا بعده وَإِذا وعظت فأوجز فَإِن الْكَلَام إِذا كثر نسى الأول بِالْآخرِ واصلح نَفسك يصلح لَك النَّاس فَإِن الْأَمِير إِنَّمَا يتَقرَّب إِلَيْهِ بِمثل فعله”. (السياسة/59). قال الفارابي ” لَا بُد للمرء من الْمُشَاورَة مَعَ غَيره فِي آراء وتدبيره فَيَنْبَغِي أَن يستودعها ذَوي النبل وكبير الهمة وَعزة النَّفس وَذَوي الْعُقُول والألباب فَإِن أمثالهم لَا يذيعونها وَإِن يُبَاشر فِي وَقت إفشاء الرَّأْي الْأُمُور الَّتِي يستعان بِمِثْلِهَا على إحكام ذَلِك الرَّأْي من الاستشارة وَالنَّظَر فِي أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين وَالِاسْتِمَاع إِلَى الْأَحَادِيث فِي السياسات اللائقة بذلك التَّدْبِير وَأَن يستر وجهده الْأُمُور الظَّاهِرَة المتعلقه بذلك التَّدْبِير الَّذِي يظْهر مَعَ ظُهُورهَا السِّرّ وَيسْتَعْمل مَا يضاد ذَلِك الرَّأْي من غير أَن يظْهر فِي نَفسه حرصا على اسْتِعْمَال الأضداد”. (السياسة/28).
على الرغم من تخلف الدول العربية ووصول بعضها الى الى العتبة الأولى في سلم الرقي كالعراق وسوريا واليمن ولبنان، علاوة على الصومال وموريتانيا والسودان، لكن زعماء هذه الدول لا يا يشعروا بالخجل من هذه السمعة الدولية، كأن الأمر لا يعنيهم، مع ان هذه السمعة تنعكس على موقف دول العالم تجاه دولهم وشعوبهم، انظروا كيف استباحت دول العالم العراق وسوريا ولبنان واليمن، ففي سوريا قوات امريكية وروسية وايرانية وميليشيات لبنانية وعراقية وافغانية وباكستانية، وانظروا الى العراق الذي يتعرض الى هجومات ايرانية وتركية شبه يومية، ولاحظوا سمعة جوازات سفرهم الرديئة، وعدم احترام شعوبهم في مطارات العالم.
وسوف نمرٌ على ما ورد في تأريخ الأمة بما يخص السياسة الشرعية، كيف تعامل ابناء النخبة من صحابة وأتباع وفلاسفة وشعراء وأدباء. والحقيقة تقال فقد أبدعوا هؤلاء جميعا في وصف السياسة وعلاقتها بالشرع، وتأثيرها على الناس، ودور الرعاة بشكل عام في رعاية من هم يقعوا تحت مسؤليتهم الشرعية والدنيوية. وهذا ما يتجلى في قول إبن الأزرق” عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور إِنِّي لأعْلم رجلا إِن صلح صلحت الْأمة وَإِن فسد فَسدتْ الْأمة قَالَ وَمن هُوَ ؟قَالَ: أَنْت قلت وبظهر ذَلِك باعتبارين:ـ
أَحدهمَا فِي الدّين: فقد قَالُوا النَّاس على دين الْملك فَإِن صلح مِنْهُ بِالْعَدْلِ تعدى الرّعية فلزموا قوانينه انفرادا وَمُخَالفَة وَإِن فَسدتْ مِنْهُ بالجور فشي فيهم ضَرَره كَذَلِك. الثَّانِي فِي الدُّنْيَا: فَإِن بصلاحه تفتح فِيهَا بَرَكَات الأَرْض وَالسَّمَاء وبفساده يظْهر نقيض ذَلِك برا وبحرا قَالَ الله تَعَالَى ((وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض))}، وَقَالَ تَعَالَى ((ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس)) “. (بدائع السلك1/85).
قال الماوردي” لَا يَسْتَغْنِي الْملك عَن الكفاة وَلَا الكفاة عَن الإفضال والإفضال عَن الْمَادَّة وَلَا الْمَادَّة عَن الْعدْل. فالملك بِغَيْر الكفاة مختل والكفاة بِغَيْر الإفضال مسلطون والإفضال بِغَيْر الْمَادَّة مُنْقَطع وَإِنَّمَا يُقيم الْموَاد تسليط الْعدْل وَفِي تسليط الْعدْل حَيَاة الدُّنْيَا وبهاء الْملك، وَفِي هَذَا التَّنْزِيل تَعْلِيل للعدل فَإِنَّهُ من قَوَاعِد الْملك”. (تسهيل النظر/188). وقال الماوردي حول كيفَ يساس الْملك” الملك يساس بِثَلَاثَة أُمُور: أَحدهمَا بِالْقُوَّةِ فِي حراسته وحفاظه، وَالثَّانِي بِالرَّأْيِ فِي تَدْبيره وانتظامه، وَالثَّالِث بالمكيدة فِي فل أعدائه. فَتكون الْقُوَّة مُخْتَصَّة بِالْعقلِ، والرأي مُخْتَصًّا بِالتَّدْبِيرِ، وهما على الْعُمُوم فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأعمال، فَأَما المكيدة فمختصة بفل الْأَعْدَاء فَإِن من ضعف كَيده قوي عدوه وَهَذَا أصل يعْتَمد عَلَيْهِ مدَار السياسة وَيحمل عَلَيْهِ تَدْبِير الْملك”. (تسهيل النظر/222). قال ابن سينا” إِن أول مَا يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بِهِ الْإِنْسَان من أَصْنَاف السياسة سياسة نَفسه إِذْ كَانَت نَفسه أقرب الْأَشْيَاء إِلَيْهِ وَأَكْرمهَا عَلَيْهِ وأولاها بعنايته وَلِأَنَّهُ مَتى أحسن سياسة نَفسه لم يعي بِمَا فَوْقهَا من سياسة الْمصر. وَإِن يعلم إِن كل رام إصْلَاح فَاسد لزمَه أَن يعرف جَمِيع فَسَاد ذَلِك الْفساد معرفَة مستقصاه حَتَّى لَا يُغَادر مِنْهُ شَيْئا ثمَّ يَأْخُذ فِي إِصْلَاحه وَإِلَّا كَانَ مَا يصلحه غير حريز وَلَا وثيق”. (السياسة/78). ما يهمنا في الوقت الحاضر هو ما يتعلق برأس السياسة الشرعية والذي يتمثل بالحاكم، وأفضل من عبر عنها الطرطوشي” إذا جار السلطان انتشر الجور في البلاد وعم العباد، فرقت أديانهم واضمحلت مروآتهم وفشت فيهم المعاصي وذهبت أماناتهم، وتضعضعت النفوس وقنطت القلوب، فمنعوا الحقوق وتعاطوا الباطل، وبخسوا المكيال والميزان وجوزوا البهرج، فرفعت منهم البركة وأمسكت السماء غياثها، ولم تخرج الأرض زرعها أو نباتها، وقل في أيديهم الحطام وقنطوا وأمسكوا الفضل الموجود، وتناجزوا على المفقود، فمنعوا الزكوات المفروضة وبخلوا بالمواساة المسنونة، وقبضوا أيديهم عن المكارم وتنازعوا المقدار اللطيف وتجاحدوا القدر الخسيس، ففشت فيهم الأيمان الكاذبة والحيل والبيع والخداع في المعاملة، والمكر والحيلة في القضاء والاقتضاء، ولا يمنعهم من السرقة إلا العار ومن الزنا إلا الحياء، فيظل أحدهم عارياً عن محاسن دينه متجرداً عن جلباب مروءته، وأكثر همته قوت دنياه وأعظم مسراته أكله من هذا الحطام، ومن عاش كذلك فبطن الأرض خير له من ظهرها”. ( سراج الملوك/45).
وحذر الماوردي من الآفات التي تعصف بكل منصب، فقال:
قيل فِي منثور الحكم
آفَة الْمُلُوك سوء السِّيرَة
وَآفَة الوزراء خبث السريرة
وَآفَة الْأُمَرَاء مُفَارقَة الطَّاعَة
وَآفَة الْجند مُخَالفَة القادة
وَآفَة الرّعية ضعف السياسة
وَآفَة الْعلمَاء حب الرياسة
وَآفَة الْقُضَاة حب الطمع
وَآفَة الْعُدُول قلَّة الْوَرع
وَآفَة الْملك تضَاد الحماة
وَآفَة الْعدْل ميل الْوُلَاة
وَآفَة الجرئ إِضَاعَة الحزم
وَآفَة الْقوي استضعاف الْخصم
وَآفَة الْمجد عوائق الْقُضَاة
وَآفَة الْمُشَاورَة انْتِقَاض الارآء
وَآفَة الْمُنعم قبح الْمَنّ
وَآفَة المذنب سوء الظَّن
وَآفَة الزعماء قلَّة السياسة “. (تسهيل النظر/235). وحذر ابن خلدون من حاشية السلطان واليوم ندعوهم بالمستشارين. ويميل السلطان إلى هؤلاء المصطنعين الّذين لا يعتدّون بقديم ولا يذهبون إلى دالّة ولا ترفّع. إنّما دأبهم الخضوع له والتّملّق والاعتمال في غرضه متى ذهب إليه فيتّسع جاههم وتعلو منازلهم وتنصرف إليهم الوجوه والخواطر بما يحصل لهم من قبل السّلطان والمكانة عنده ويبقى ناشئة الدّولة فيما هم فيه من التّرفّع والاعتداد بالقديم لا يزيدهم ذلك إلّا بعدا من السّلطان ومقتا وإيثارا لهؤلاء المصطنعين عليهم إلى أن تنقرض الدّولة”. (تأريخ ابن خلدون/492). مما ذكر ابن الجوزي عن المحسن التنوخي” بلغنا عن المعتضد بالله، أنّ خادما من خدمه جاء يوما، فأخبره أنّه كان قائما على شاطىء الدجلة، في دار الخليفة، فرأى صيادا، وقد طرح شبكته فثقلت بشيء، فجذبها، فأخرجها، فإذا فيها جراب، وأنّه قدّره مالا، فأخذه، وفتحه، وإذا فيه آجر، وبين الآجر، كفّ مخضوبة بحناء. قال: فأحضر الجراب والكف والآجر. فهال المعتضد ذلك، وقال: قل للصياد يعاود طرح الشبكة، فوق الموضع، وأسفله، وما قاربه. قال: ففعل، فخرج جراب آخر فيه رجل. قال: فطلبوا، فلم يخرج شيء آخر. فاغتم المعتضد، وقال: معي في البلد من يقتل إنسانا ويقطع أعضاءه، ويغرّقه، ولا أعرف به؟ ما هذا ملك. قال: وأقام يومه كلّه، ما طعم طعاما”. (الأذكياء/43).
أمثال وأقوال مأثورة في السياسة الشرعية
ـ ذكر الجبرتي” يقال شيئان إذا صلح أحدهما صلح الآخر السلطان والرعية”. (عجائب الآثار1/22).
ـ قال ابن عبد ربه ” قيل لعبد الله بن الحسن: إنّ فلانا غيّرته الولاية. قال: من ولي ولاية يراها أكبر منه تغيّر لها، ومن ولي ولاية يرى نفسه أكبر منها لم يتغيّر لها”. (العقد الفريد1/75).
ـ قالت الحكماء: إمام عادل، خير من مطر وابل. وإمام غشوم، خير من فتنة تدوم. ولما يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن”. (العقد الفريد1/9).
ـ قال ابن عبد ربه ” قال المأمون: الملوك تتحمّل كل شيء إلا ثلاثة أشياء: القدح في الملك، وإفشاء السر، والتعرّض للحرم”. (العقد الفريد1/13).
ـ ذكر الجبرتي” قال وهب بن منبه: إذا هم الوالي بالجور أو عمل به ادخل الله النقص في أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء وإذا هم بالخير أو عمل به ادخل الله البركة على أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء ويعم البلاد والعباد “. (عجائب الآثار1/22).
ـ قال ابن جماعة” اتّفق حكماء الْعَرَب والعجم على هَذِه الْكَلِمَات وَهِي: الْملك بِنَاء أساسه الْجند، فَإِن قوى الأساس دَامَ الْبناء، وَإِن ضعف الأساس سقط الْبناء. لَا سُلْطَان إِلَّا بجند، وَلَا جند إِلَّا بِمَال، وَلَا مَال إِلَّا بعمارة وَلَا عمَارَة إِلَّا بِعدْل”. (تحرير الأحكام/69).
ـ قال الثعالبي” ينبغي أن يكون الملك كالغيث يحيي إذا همى، والسيل يردي إذا طمى، والبدر يهدي إذا سما، والدهر يصمي إذا رمى”.(الظرف والظرفاء1/17).
ـ قال بن مسكويه” على مدير المدن أن يسوق كل إنسان نحو سعادته التي تخصه ثم يقسم عنايته بالناس ونظره لهم بقسمين: أحدهما في تسديد الناس وتقويمهم بالعلوم الفكرية. والآخر في تسديدهم نحو الصناعات والأعمال الحسية”. (تهذيب الاخلاق/83) .
ـ روى المبرد”حدّثنى مبارك الطبرى قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول للمهدىّ: يا أبا عبد الله، الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلّا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلّا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه”.(الفاضل/88).
للكلام جزء تابع.. بعون الله
علي الكاش