أسماعيل جبارفرج : يكتب
عندما تشتد الحياة بالإنسان ويمر بانكسارات ونكبات ويتعرض إلى عدد من الأزمات يفقد الإنسان وعيه وبصيرته وخاصة إذا لم يكن لديه ارتباط روحي بالله عز وجل والإيمان بالمكتوب له والقناعة بكل ما يأتي من الله والشكر له على السراء والضراء ؛ لأن كل ما يأتي من الله هو خير إلى الإنسان حتى وان كان الإنسان يعتقد انه شر كما جاء في قوله تعالى : (( وَعـَـسـَـى انْ تــَـكـْـرَهـُـوا شـَـيـْـئــاً وَهـُـوَ خـَـيـْـرٌ لـَـكـُـمْ وَعـَـسـَـى انْ تـُحـِـبـُّـوا شـَـيـْـئــاً وَهـُــوَ شـَـرٌّ لـَـكـُـمْ وَاللهُ يـَـعـْـلـَـمُ وَانـْـتـُـمْ لا تـَـعـْـلـَـمـُـونَ )) فعند ما يترك الإنسان طريق الله سيقودهُ الشيطان ويسيطر على أفعاله ويوجهه إلى الشر بطريقة أو بأخرى بعد ما يفقد عقله ، وما نلاحظه أن مجتمعنا حالياً يتجه إلى إعمال السحر والدجل والخرافات والإيمان بها بشكل مخيف يهدد المجتمع والعقل الإنساني ، وخاصة الشريحة المثقفة والمتعلمة التي أكملت الدراسة وعرفت الثقافة فلا عتب على الجاهل والأمي الذي لم يتسنَ له أن يكمل الدراسة ويطلع على الثقافة الإنسانية ، أن السحر هو حقيقة موجودة لأنه مذكور بالقران لكنه هو شر على البشر ومن المحرمات عليه كما جاء في قوله تعالى : (( إنـَّـمـَـا صـَـنـَـعـُـوا كـَـيـْـدُ سـَـاحـِـر ٍ وَلا يــُـفـْـلـِـحُ الــسـَّـاحـِـرُ حـَـيـْـثُ أتـَـى )) ، فهناك عدة عوامل دفعة المجتمع العراقي إلى إعمال السحر منها ضعف الإيمان بالله وعدم الثقة بالنفس ومن أكثر المشكلات التي يبحث فيها الإنسان العراقي على حلول ويتجه إلى الإعمال السحرية بغية حلها هي إيجاد فرص عمل والحصول على تعيين حتى يستطيع الإنسان أن يستقل بنفسه ويبدأ حياته ، وكذلك بحث الطلاب عن النجاح الدراسي والتفوق العلمي دون أن يدرسوا فهم متصورون أن الساحر سيعمل معجزة وينجحهم دون أن يدرسوا ويجتهدوا ، وكذلك البحث عن الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة ، وكذلك البحث عن الذرية ، وكذلك البحث عن الشفاء من الإمراض ويتجاهلون أن جميع هذه الأمور بيد الله – سبحانه وتعالى – وتتعلق بالأرزاق ، فأن الله سبحانه وتعالى يكتب إلى الإنسان أربعة أشياء قبل ولادته وهي ساعة الولادة والزواج والرزق وساعة الموت وربما الإعمال الدنيوية تحتاج إلى سبب لتحقيقها ولكن السبب يكون منطقي وعلمي يقوم على الحق وليس على الباطل وعلى سبيل المثال أن الطالب عند ما يقرأ ويبذل قصار جهده سينجح وهذا هو السبب الحقيقي للنجاح وليس الساحر ، وبالمقابل ظهر عدد كبير من الدجالين والساحرين الذين يتلاعبون بعواطف الناس وعقولهم وهم يبحثون عن بصيص أمل مع أنهم يدركون أن هذه الإعمال لا تأتِ بحل أنساني دائم لهم ، فالناس يتجهون إلى الدجل والخرافات بسبب البطالة والفقر والحرمان الذي يعاني منه المجتمع بأكثر طبقاته فيتجهون إلى السحر ويغيبون عقلهم ويضعون أملهم به فمن تبحث عن زوج صالح أو يبحث عن زوجة صالحة يتجهان إلى الساحر ومن يبحثون عن ذرية يتجهون إلى الساحر وكأنه يعلم الغيب ويهب لمن يشاء الذكور ويهب لمن يشاء الإناث ويعلم بأي ارض نموت والله يقول في محكم كتابه : (( إنَّ اللهَ عـِـنـدَهُ عـِـلـْـمُ الـسـَّـاعـَـةِ وَيـُـنـَـزِّلُ الـغـَـيـْـثَ وَيـَـعـْـلـَـمُ مـَـا فـِـي الأرْحـَـام ِ وَمـَـا تـَـدْرِي نـَفـْـسٌ مـَّـاذا تـَـكـْـسـِـبُ غـَـداً وَمـَـا تـَـدْرِي نـَـفـْـسُ بـِـأيّ أرْض ٍ تـَـمـُـوتُ إنَّ اللهَ عـَـلـِـيـمٌ خـَـبـِـيـرُ )) وذهبتُ يوم من الأيام إلى ساحر من باب الاطلاع ليس إلا ووجدته ذو لحية طويلة فقال لي : (( أنت عليك جن وتابع وأنا استطيع أن أزيلهم عنك واستطيع أن أجعلك تنال ما تريد من أمور الدنيا واضعك في المكان الذي تتمناه واكشف لك ما سيحدث لك في المستقبل من مجهول )) وهو يسكن في بيت إيجار ويبحث عن سكن ؛ لأن المؤجر يريد بيته فإذا كان يستطيع أن يفعل كل هذا لي فلماذا لا يملك حل لأزمته ؛ لأنه دجال ويستغل ضعف إيمان الناس وظروفهم الصعبة ، وكذلك بعض المنجمين الذين يحتلون الفضائيات ويتلاعبون بمشاعر الناس فسمعت احدهم يقول أنا اعلم ما لا تعلمون واستطيع أن اشفي المرضى من أي داء وأنا لا انطق إلا بالحق والنبي إبراهيم قال ربي ارني كيف تحي الموتى وهو نبي فقال تعالى : (( وَإذ قـَـالَ إبـْـرَاهـِـيـْـمُ رَبِّ ارَنـِـي كـَيـْـفَ تـُـحـي الـمـَوْتـَى قـَـالَ اوَلـَـمْ تـُـؤمـِنْ قـَـالَ بـَـلـى وَلـَـكـِـنْ لـِـيـَـطـْـمـَـئـِـنَّ قـَـلـْـبـِي قـَـالَ فـَـخـُـذ ارْبـَـعـَـةً مـِـنَ الـطـَّـيـْـرِ فـَـصـُـرْهـُـنَّ الـيـْـكَ ثــُــمَّ اجـْـعـَـلْ عـَـلـَـى كـُـلِّ جـَـبـَـلٍ مـِـنـْـهـُـنَّ جـُـزْءاً ثــُــمَّ ادْعـُـهـُـنَّ يـَـاتـِـيـنـَـكَ سـَـعـْـيـاً وَاعـْـلـَـمْ انَّ اللهَ عـَـزِيـزٌ حـَـكـِـيـمٌ )) فنبي الله لا يعلم كيف يحي الله الموتى فكيف لبشر أن يشفي إنسان من أي داء والمثل الدارج يقول ( كذبوا المنجمون ولو صدقوا ) وكذلك يقولون بعض المنجمون ما سيحدث إلى العالم من كوارث وأزمات وهو بهذا كشف الغيب وان الغيب لا يعلمه إلا الله والله يقول في محكم كتابه : (( وَعـِـنـدَهُ مـَـفـَـاتـِحُ الـغـَـيـْـبِ لا يـَـعـْـلـَـمـُـهـَـا إلا هـُـوَ وَيـَـعـْـلـَـمُ مـَـا فـِـي الـبـَـرِّ وَالـبـَحـْـرِ وَمـَـا تـَـسـْـقـُـط ُ مـِن وَرَقــَـةٍ إلا يـَـعـْـلـَـمـُـهـَـا وَلا حـَـبـَّـةٍ فـِـي ظـُـلـُـمَـاتِ الأرْض ِ وَلا رَطـْـبٍ وَلا يـَـابـِـس ٍ إلا فـِـي كـِـتـَـابٍ مـُّـبـِـيـن ٍ )) ، إن القضاء على السحر وإعمال الدجل والخرافات لا تتم إلا بحل الأزمات التي يتعرض لها المجتمع وهذا لم يتم ما لم يوجد نظام سياسي قوي وعادل يستطيع أن ينتشل المجتمع العراقي ممّا يعاني منه من خلال توفير فرص العمل وتعيينات ونظام اجتماعي عادل يوفر العدالة الاجتماعية بين بني البشر يدفع المجتمع نحو التقدم والرفاهة والازدهار فتزيل هموم الناس وآلامهم ووقتها لا يفكرون بالاتجاه إلى هذه الطرق التي تغضب الله سبحانه وتعالى فعندما تتوفر فرص العمل تحل الأزمات كالسكن والزواج والعلاج للمرضى وتوفير حياة كريمة ولا نحتاج إلى دجال يتلاعب بالعقل الإنساني الذي وهبه الله إلى البشر وميزه به على سائر الخلائق .