هادي جاو مرعي:

 

آخر صيحات الرئيس المهووس بالموظة الإسلامية إنه أمر بتدريس اللغة العثمانية القديمة في المدارس التركية، بالطبع فإن الإسلاميين هيصوا وهللوا، لكن العلمانيين قدموا إستعراضا من اللطم على الصدور رافضين الخطوة تلك وعدوها محاولة أخرى لأسلمة الدولة التركية التي يريد لها أوردوغان أن تعود الى أيام الخلافة العظمى حين كان الولاة يبايعون الخليفة في الإستانة من شمال أفريقيا، حتى حلب المحلوبة متحالفا في سبيل إنجاز مشروعه مع جميع الحركات الإرهابية وغير الإرهابية، بدءا من تلك التي تستخدم المقلاع الحجري وصولا الى التي تستخدم الذبح والنكح الغازات السامة والسيارات المفخخة والخطف والقتل المنظم والتهجير، وبينما ينهزم حلفاؤه هنا وهناك فإنه يصر على المكابرة في بلد قطع خطوات جبارة نحو ترسيخ مفاهيم الديمقراطية والعلمنة.

خطوات الرئيس التركي المتتالية لايبدو منها إن من يقوم بها حريص على الإنضمام بالفعل الى الإتحاد الأوربي، أو بمعنى أكثر دقة يبدو إن صاحب تلك الخطوات قد يئس من دخول بلاده الى المنظومة الأوربية التي تفرض شروطا تعجيزية على أنقرة منذ عقود، وكلما لبت شيئا منها فرضوا المزيد، هذا عدا عن وجود دول ترفض بشكل قاطع إنضمام هذه الدولة الشرق إسلامية الى القارة العجوز كاليونان، ودول في وسط أوربا لأسباب سياسية، وأخرى عدائية تاريخية.

الدعم الواضح للجماعات الدينية المتشددة كتنظيم الدولة الإسلامية الذي يقاتل في سوريا والعراق، وقبل ذلك التحالف المعلن مع تنظيم الإخوان المسلمين الذي أطيح بحكمه العام الماضي لاتوفر ضمانات للرئيس الخليفة بنجاح مهمته وتحقيق أحلامه خاصة وإنه خسر دولا عربية كبرى ومهمة للغاية كمصر والسعودية، ولايبدو إنه على وئام مع العراق الذي يتهمه بدعم الإرهاب، وتمكين التنظيمات المتشددة من السيطرة على مناطق عدة في بلاد الرافدين، عدا عن وجود عدم ثقة من دول كالجزائر وتونس وليبيا والأردن والإمارات، بإستثناء قطر الصغيرة، وهذا مالايوفر ضمانات كافية لقبوله ضمن المجموعة الشرق أوسطية وسيطرته على البلاد العربية، مع يأس كامل من موافقة أوربية على رغبة تركية بالإنضمام الى الإتحاد الاوربي، فالرئيس أوردوغان يطيح بقيم العلمانية واحدة تلو الأخرى، ويدمر الثقافة التركية التي عرفت من أيام اتاتورك، ويعود بالبلاد الى عصور الخلافة الأولى التي كانت تحتل أجزاءا من أوربا واغلب الدول العربية المطلة على البحر المتوسط وتلك البعيدة عنه نسبيا.

إعتقلت السلطات التركية ضباطا وجنرالات في الجيش كانوا حريصين على حماية النظام التركي التقليدي، وضرب مؤسسة وزارة الداخلية العريقة، وإعتقل عشرات الصحفيين والناشطين المدنيين، وأوقف مؤسسات رسمية وأهلية بحجة مناوئتها للنظام التركي، وإتهم آخرين بمحاولة الإنقلاب على حكمه. قطار أوردوغان بلاكوابح، وله أحلام لاتتحقق، والعمر قصير.