رحيم الخالدي
بعد فشل ثورة مصدق بانقلاب 28 مرداد، بالإنقلاب على رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا، كان الإنقلاب مدبراً و مخططاً له من قبل المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية، وقد أطلقت المخابرات البريطانية على العملية اسم عملية التمهيد (Operation Boot)، بينما أطلقت المخابرات الأمريكية على العملية إسم مشروع أجاكس AJAX””، وهذا الأمر إعترفت المخابرات الأمريكية بمسؤوليتها فيه عام ألفين وثلاثة عشر، وبه إنتهى عهد إيراني صوب الديمقراطية، ورجوع الشاهنشاهية وشرطي الخليج .
أتذكر الحوار الذي أجرته إحدى الصحفيات أمريكية الجنسية، وكانت تملك جرأة لا يملكها أقرانها، عند سؤالها للإمام الخميني بعد نجاح الثورة، والقضاء على حكم بهلوي الشاهنشاهي، كان سؤالها سيدي ماذا إستفدت أو ستستفيد من الثورة؟ وعمرك قارب على الإنتهاء! وهل سيكون من يخلفك على نفس المسار، سيما وان من أيدك يكن لك بالولاء حصراً لا لغيرك، ومعظم الشعب الإيراني لديه ثقافة غربية، تكاد تكون في باريس أو غيرها من العواصم الأوربية، فكان الجواب صادما وغير متوقع! ” النتائج ليست الآن بل بعد خمس وعشرون عاماً، لأننا سنبدأ من الأطفال، وليس الكبار، عند ذاك ستعرفين ماهيّة الثورة الإسلامية .
قضى آخر سنوات عمره متنقلاً بعد إجبار حكومة البعث على خروجه من العراق، خوفاً على كيان البعث من الانهيار، أمام الأفكار النيرة التي بدأت تقطف ثمارها، بتفكيك تلك النظريات في جامعات العالم، وصلت حد فرضت الدول المتقدمة بإعتماد تلك المواد في مناهجها التدريسية للنخبة، لان هذا المستوى ألغى كل نظريات الفلسفة القديمة المعتمدة، والفلسفة، والاقتصاد، والمعاملات البنكية أبرزها، لأنها فعلا تبني إقتصادٍ قوي منيع، وهذا ما جعل أوربا تنهض بعد الكساد، الذي أصابها إثر الحروب التي أنهكتها، وبدأت بمرحلة تصدير الحروب لباقي الدول.
كان الإمام مرتضى مرتضوى الخميني، سباقاً في قراءة الأحداث في المنطقة، وأعطى مستقبلها وكأنه يعيشها، وحكام الخليج الذين أسرجوا وألجموا وتهيأوا وبكل إمكانتهم المادية والعسكرية، ومساعدة صدام في حربه ضد إيران أبان ثمانينات القرن الماضي، في سبيل إفشال تلك الثورة، ولم يترك أعراب الخليج شيئاً خلفهم، وقد قال فيهم ” آل سعود ورثة أبي سفيان وأبي لهب ومنتهجي سيرة يزيد بن معاوية، وقد بيضوا وجوه أسلافهم ” وقد خسر كل من البلدين خيرة شبابهم، بحرب كان من المفروض عدم دخول العراق بتلك الحرب، التي حولت المنطقة إلى ساحة صراع لم تنتهي لحد يومنا الحاضر!.
بعد مرور الخمس والعشرين عاما، برزت إيران كقوة! وهذا لم يرق لإسرائيل، كونها تنادي بعائدية فلسطين لأهلها الفلسطينيين أولاً، وكقوة في المنطقة العربية من حيث العدّة والعدد ثانياً، وسيطرتها بإطلالتها على طول الخليج، جعل تلك الدول التي تكن العداء لإيران تخشى تلك القوة، ولكن الأفكار التي زرعها قائد الثورة، والجيل الذي واعد به تلك الصحفية الأمريكية، بدأ بطرح ثماره اليوم، من حيث التطور الصناعي والزراعي والاقتصادي، وكقوة عسكرية رادعة في المنطقة، وقد جربت أمريكا قبل فترة وجيزة، وكان الرد الإيراني صاعقاً .
بالدبلوماسية المحسوبة الخطوات، إستطاعت إيران أن تركع أمريكا ومن يسير بركبها، وتوقع معها إتفاقاً نووياً معترف به في الأمم المتحدة، وخوفهم من قادم السنين بجعلها قوة عظمى، وتكون سادس دولة تملك حق النقض “الفيتو”، وهذا ما لا تريده الدول المهيمنة، بعد ذلك الجهد الكبير والتخطيط الذي بذلته، ودخولها الخليج بذريعة اتفاق أمني للسعودية وقطر مع أمريكا، لحمايتها من الإعتداءآت !.