سمير السعد
ما هو نوع الحكومة التي نترقبها جميعنا.. بعد تجارب السابق؟
في كل مرة تظهر نتائج الانتخابات بعد جهد جهيد، نٌظن فيها للوهلة الأولى أنها مطمئنة لتشكيل حكومة.. ولكن سرعان ما يبدد هذه الغيمة رياح التصريحات السياسية التي تطلق من قبل الأحزاب السياسية المشككة والمتصارعة على السلطة..
الموضوع الأن أٌبعد بتركيزه عن نوعية وكفاءة الشخصيات التي انتخبت أو اختيرت من قبل أحزابها لتكون في البرلمان.. وهل هذه الشخصيات تعكس المطلب والرغبة الجماهيري في التغيير الإيجابي، أو رغبة المؤسسات المجتمعية والدينية وغيرها؟
تغيرت بوصلة الاهتمام للرأي العام بل حتى القوى المتصارعة في هذه الأيام من هذا الحالة إلى … إن أصبح ألهم الأن يتجه..
هل من الممكن تشكيل حكومة أغلبية سياسية بتحقيق النصاب القانوني وهو 165 نائبا من أصل 328 طبقا للمادة 76 من الدستور. سؤال يصعب التكهن في الإجابة عنه.. في ظل تناحر وسباق سياسي تقوده صراعات حزبية والنظر لتشكيل الحكومة على إنها مغانم وليس.. مشروع بناء دولة… وهذا ما نستقيه من الحملات الانتخابية لدى البعض من الكتل والأفراد اللذين يتحدثون عن رئاسة الوزراء ويرشحون أسماء لهذا المنصب في حملاتهم الانتخابية بل البعض ذهب أبعد من ذلك بحيث بدأ يرشح أكثر من أسم من حزبه أو تياره لمنصب رئيس الوزراء، كأنهم يخوضون (انتخابات رئاسة الوزراء).
السؤال الأهم والأصعب هو هل في تشكيل الحكومة القادمة … نحتاج فيه الى حكومة سياسية أم حكومة بكفاءة عالية وبقدرات اقتصادية حقيقية…؟؟
هذا امتحان للمرحلة القادمة … نترك الإجابة عنه.. لرئيس الوزراء القادم..
عدم تكرار الأخطاء من المرحلة السابقة (حكومة محاصصة، وإدارات للوزارات والمؤسسات الخدمية غير كفؤة), ستكون حجر الزاوية لنجاح الإدارة القادمة..
ولكي نشهد هذا النجاح للمرحلة القادمة هناك ثلاث عوامل يجب إن تتحقق في هذا التشكيل نطرحها بغض النظر عن (الجهة السياسية التي ستقوم بتشكيلها).
أولا: – يجب إن تفهم وتتفق الأحزاب المؤتلفة لتشكيل الأغلبية في البرلمان بأن مبدأ (حكومة أغلبية) لا تعني (محاصصة).
ثانياً. إن يكون تشكيل الكابينة الوزارية يعتمد الدماء الجديدة (الكفاءة والتخصص الحقيقي) بعيد عن الحزبية والأجندات.
ثالثاً: – يعتمد عمل حكومة “الأغلبية” في المسارات الصحيحة على دعم (الائتلاف المكون للأغلبية السياسية) داخل البرلمان. وبقية الأحزاب في البرلمان تأخذ دورها الرقابي والمعارض بشكل صحيح.
هل سنشهد تشكيل حكومة ائتلافية بشكلها الصحيح باعتبارات سياسية سليمة.. تقود البلد بشكل ومسارات إصلاحية اقتصادية وأداريه ثابتة .. أم سيٌعاد سيناريو (الشراكة والمحاصصة) ويقف الشركاء السياسيون وقفة الأمس (هاي مالاتي هاي مالاتك) لو نعرقل؟
حكومة الأغلبية أو الحكومات الائتلافية هي ليست ابتكار حديث أو نظرية حكم جديدة نخوض تجاربها في العراق … الحكومات الائتلافية أكثر شيوعاً في البلدان التي يقوم فيها البرلمان على التمثيل النسبي لعدد من الأحزاب، ولا وجود لهذا النوع من الحكومة في البلدان التي يتم فيها اختيار الحكومة من قبل الرئيس عوضاً عن البرلمان كما هو الحال عليه في الولايات المتحدة الأمريكية. أما في الأنظمة شبه الرئاسية كما في فرنسا التي يقوم رئيس الجمهورية رسمياً بتعيين رئيس الوزراء ولكن يتعين على الحكومة برغم ذلك الحصول على ثقة البرلمان فتظهر الحكومات الائتلافية بشكل منتظم. ومن الدول التي لديها حكومات ائتلافية تشمل الدول الإسكندنافية وفي بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وألمانيا وإيطاليا و المغرب وتركيا وقد حكمت سويسرا حكومة ائتلافية فضفاضة مؤلفة من أقوى أربعة أحزاب في البرلمان منذ عام 1959 وتسمى حكومتها بحكومة الوصفة السحرية. ويتم في بعض الأحيان تشكيل الحكومات الائتلافية في أوقات المصاعب أو الأزمات التي تعصف بالبلد كما في أوقات الحرب وذلك لمنح الحكومة درجة أكبر من القبول والشرعية وكذلك لتخفيف حدة النزاع السياسي الداخلي.
في ألمانيا على سبيل المثال تعتبر الحكومات الائتلافية هي القاعدة لأنه يندر أن يفوز أي من الأحزاب الثلاثة الرئيسية فيها بأغلبية مقاعد البرلمان، ولهذا فإنها تشكل حكومات ائتلافية على الأقل مع واحد من الأحزاب الصغيرة.
يبقى سؤالنا بانتظار الإجابة.. ما هو نوع الحكومة التي نترقبها؟