قوى سياسية عراقية مختلفة الاهواء والطموحات ومن قوميات وطوائف مختلفة جمعتها مع قوى اقليمية واجنبية مطامع مشتركة ، فخططوا مجتمعين وباشراف اجهزة مخابرات عديدة وبدعم مالي خليجي ولوجستي تركي وامريكي ، وبخطط اسرائيلية واضحة وضعت لتفتيت العراق وتقسيمه وضرب قوة اغلبيته الشيعية وهتك مدنهم وهدم مقدساتهم .. لم تكن البداية في ساحات الذل والمهانة التي سموها ساحات الاعتصام ، كانت البداية قبل ذلك بكثير ، منذ بدأ تدفق الانتحاريين الوهابيين من كل اصقاع الارض ومحاولة ايقاع اكبر الاذى في اوساط الشيعة العراقيين بالعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة والتفجيرات ، ولم يـُستثنى احد ولم تـُعطى حرمة لشيء ، فلا طفل ولا امرأة ولا شيخ مسن نجى من حقدهم .. ولا حسينية ولا مدرسة ولا جامع منعهم عن قتلنا، همهم الاول والاخير كان بايقاع اكثر ما يمكن من الاذى في صفوف شعبنا الصامد المكابر. صفحات من الغدر والخيانة والخسة عاونهم فيها شركاء لنا في الوطن تقاسمنا معهم خبزتنا فطعنونا ورووا ارضنا من دماءنا ، ثم جاءت صفحة الاعتصامات والخيم ، والتأجيج الطائفي والتهديد باجتياح مدننا وقطع رؤؤسنا وسبي نساءنا ، سنتين كاملتين والاموال تغدق عليهم بدون حساب والمقاتلين يتسربون لهم من كل المجارير والحفر من كل قاذورات الارض ، سنتين ومخابرات تركيا وقطر و السعودية وغيرها من دول الارهاب والتخلف تحضـّر وتهيــّئ المشهد باشراف الموساد الاسرائيلي للضربة الكبرى التي ارادوها القاضية والقاصمة للعراق ، لينتهي والى الابد وتقوم بدله كيانات صغيرة سعى البعض من خلالها لانشاء دولته التي حلم بها طويلا ً ، واخرين لانشاء اقليم حلموا برئاسته ، ودول حلمت بتشظي العراق ليكسروا شوكته ويخلصوا من اي تهديد مستقبلي له يمكن ان يعارض اطماعهم في المنطقة ، وتوالت صفحات المؤامرة سريعة باقصى درجات النجاح ، فاقت حتى تصور من تامروا علينا وخططوا لها ، خلال ايام قليلة سقطت الموصل ( ثاني اكبر محافظات العراق ) وفر ّ محافظها وقادتها الامنيين في اسوأ هزيمة لمسؤلين في العالم ، وتوالى سقوط المدن والمحافظات ، وصار المغول الجدد على اطراف بغداد ، ولم يبقى على سقوط العاصمة سوى ( تكــّه ) كما يقول المصريين ، ومع سقوط بغداد ( لاسمح الله ) كانت ستبدأ الصفحة الاهم في تاريخنا
( كل تاريخنا ) كعراقيين ،كان مخططي الفتنة وعرابيها في سراديبهم المظلمة يرفعون كؤؤسهم استعدادا ً للاحتفال بنصرهم الكبير لولا نفحة ربانية الهمت المرجع الاكبر قبل سقوط العاصمة لاعلان فتوى الجهاد التي هب ّ لها شيعة العراق من كل ّ مدنه وقصباته وقراه ، هب ّ لها شيعة العراق بكل اعمارهم ومستوياتهم العلمية وحملوا السلاح ووقفوا بوجه الريح الصفراء وقفوا بوجه الطاعون الهاجم من خلف الحدود ، وقفوا بوجه الحقد الذي حمله بعض شركاء الوطن في قلوبهم ضدنا .. ولم تسقط بغداد ، ولم نسمح لصفحتهم الاخيرة ان ترى النور ، بل وبدأنا بتمزيق كتابهم صفحة اثر صفحة ، فحررنا جرف النصر وديالى ومناطق من صلاح الدين ، وكل ما تبقى من المدن والقرى سيتم تحريره تباعا ً ….
نعم لقد حسبوا حساب كل شيء يوم وضعوا مخططاتهم ، اغدقوا المال على كل من ياع ضميره وشرفه ، منعوا التسليح عن جيشنا بشتى الحجج ، حاربوا جنودنا نفسيا ً ، فتح ( اخوتنا ) مطاراتهم ومدنهم وفنادقهم لقتلتنا والهاربين من قضاءنا ، واحتضنوا مؤتمراتهم للتامر علينا ، حسبوا لكل شيء حسابه ، ووضعوا الخطط والخطط البديلة.. ففي عالم اليوم ، كل شيء ممكن مادام هناك من يدفع ؟؟
شيء واحد لم يدُر في خلدهم ولم يكن ضمن حساباتهم ، ان المرجعية الشيعية وبعد اكثر من قرن على اخر فتوى جهاد لها ستعيد الكرّة وتصدر فتوى جهاد تداعى لها ملايين العراقيين ، فانقلب السحر على الساحر..وحدث التسونامي الشيعي.. وكالعادة عند حدوث ماهو غير متوقع او مخطط له يكون رد الفعل ارتجاليا ً ومتخبطا ً وغير مسئول .. فبدأت الاصوات النشاز تعلو شيئا ً فشيئا ً لتهاجم ( الحشد الشعبي ) الذي حرر الارض وحمى العرض بعد فتوى السيد السيستاني ، وبدأ نفس من خانوا وباعوا وقبضوا يهاجمون من حمى مدننا وحرر ارضهم وحمى عرضهم. ( اخوتنا ) في الوطن بدل ان يشكروا رجال الحشد الشعبي الذين حموا اعراضهم وحرروا مدنهم عمدوا للتشكيك بهم متناسين بطولاتهم وتضحياتهم في حين كانوا هم وعوائلهم يتنعمون في اربيل او الاردن او منتجعات اخرى !!
أميركا التي تعلـّمت أو علــّـمها الساسة العراقيين ان للكل ثمن ممكن التفاوض عليه ، وبعد ان فتحت أبوابها وخزناتها لمن سمـّـتهم وفود ( العشائر ) في الموصل الذين ترأسهم محافظها الملـّقب ( أبو لهيب ) بعدما شمـّع الخيط وانطاها اللهب مع حمايته مع اول طلقة ضـُربت في نينوى ، وبعده استقبلت وفد الانبار وهم نفسهم الذين اخرجوا الجيش منها وسلموها لداعش ، أميركا هذه وقفت حائرة من تدعوا من رجالات الحشد وما الذي يمكن ان تعطيه .. وهي تعلم ان الشيخ الذي بلغ الثمانين عمره حين تطوع مع ابنه وحفيده ، لم يكن يطلب مالا ً يعينه في اخريات أيامه ولا تعيينا ً لولده بعد ان صارت الوظائف حكرا ً للاحزاب ولا بعثة دراسية لحفيده ، ما يطلبه هذا المجاهد والملايين من ابطال الحشد الشعبي العراقي هو الشيء الوحيد الذي لم ولن تستطيع امريكا ان تعطيه.. ما يريده هؤلاء هو الشهادة في سبيل الله ، ارضاءا ً لله ورسوله وال بيته الاطهار ، ما يريده هؤلاء لا يمر من تحت باب الكونغرس او ضمن ملفات البيت الابيض التي يمكن التفاوض عليها .. وهذا ما يثير حفيظة الاخرين.. فحين تقف القوة الاعظم في العالم قاصرة وعاجزة عن اخضاعنا .. وحين نقف في شدة موقفنا واحترامنا لعقيدتنا ندا ً للكبار فنكسب احترامهم .. في حين لا ينال الصغار ممن قبضوا ثمن خياناتهم الا نظرات الاحتقار مع كل دولار يقبضوه ثمن بيع ارضهم وغض الطرف عما يحصل لعرضهم.. وهذا هو الفرق بيننا و(بينهم ).. الفرق بين الثرى والثريا .. الفرق بين الكرار والفرار..
هذا ما أطلق السنتهم ( ألزفرة ) في محاولة النيل من هذا الحشد الشريف الذي ضحّى بالنفس في سبيل العراق، ولكن هيهات .. هيهات ان ينالوا من عزيمتنا ، ما دام علي الكرار قائدنا وملهمنا.. والحسين نبراسنا ومنهاج حياتنا..

بقلم: جمال الطائي