بقلم: علي جابر الفتلاوي
الحكومة الأمريكية ما هي إلا قناع يختفي خلفه اللوبي اليهودي الصهيوني، وهو المتحكم فعلا بالسياسية الأمريكية، خطط اللوبي الصهيوني منذ عهد وزير خارجية أمريكا الأسبق ( كيسنجر ) لتقسيم دول المنطقة، خاصة الدول المجاورة والقريبة من إسرائيل، من أجل أن تبقى إسرائيل الدولة الأقوى في المنطقة، وحتى الدول البعيدة عن إسرائيل والتي تطغى على شعوبها روح المقاومة ضد الوجود الصهيوني في فلسطين، مشمولة بالتقسيم مثل اليمن .
مشروع التقسيم يحتاج إلى أدوات تنفيذ، والأدوات تتجدد حسب الظروف والمستجدات، ومن أدوات تنفيذ المشروع الأمريكي الحكام الأعراب في المنطقة، جميعهم تقريبا مرتبطون بالمشروع الأمريكي الذي يخدم إسرائيل، ويُعد هؤلاء الحكام أدوات تقليدية، أضيف في هذه المرحلة أدوات جديدة هي منظمات التكفير بخطيها السعودي والتركي القطري، ولكل خط منظماته االارهابية التي يدعمها، لكن المشترك بينهما التكفير والتطرف وخدمة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، والخط القطري التركي يمثله سياسيا الأخوان المسلمون المتواجدون على امتداد الساحة الإسلامية السنية، ويحملون في كل بلد عنوانا معينا، فهم في مصر والأردن مثلا جماعة الأخوان وثقلهم في هاتين الدولتين كبير، وفي تركيا العدالة والتنمية وفي اليمن حزب التجمع اليمني للإصلاح وفي العراق الحزب الإسلامي، وهكذا تتنوع المسميات والفكر واحد، ويلتقون مع الفكر الوهابي الذي تمثله الحكومة السعودية في مشتركات كثيرة، لكنهم يتنافسون على المنافع والمصالح ومناطق النفوذ، وقد يلتقون في عمل مشترك حسب الظروف والمصلحة، على العموم السعودية لا ترتاح لنشاط جماعة الأخوان لأنهم منافسون لدورها ولنفوذها، منظمات التكفير التابعة للخطين قد تتقاتل أحيانا مثل ما يحصل في سوريا إذا تقاطعت المصالح، لكنهم يقاتلون معا إذا توحد الهدف مثل ما يجري في العراق وسوريا اليوم، وما يجري على الحدود اللبنانية السورية، إذ اصطف الخطان في محاربة المقاومة في لبنان طلبا لرضا إسرائيل .
تعوّل أمريكا كثيرا على منظمات التكفير لتنفيذ مشروع التقسيم في المنطقة خاصة في العراق وسوريا، وعدت أمريكا منظمات التكفير بخطيها السعودي والتركي القطري من أسرع الأدوات لتنفيذ مشروع التقسيم، وعلى أساس هذا الافتراض تدعم أمريكا وكذلك أدواتها من الحكام العرب منظمات الإرهاب في سوريا، وعلى أساس هذا الافتراض أيضا، دفعت أمريكا وأدواتها من الحكام بداعش إلى العراق، بالاتفاق مع سياسيين محسوبين على الطائفة السنية ممن يرتبطون بأجندات خارجية، ومنهم السياسيون البعثيون الذين انخرطوا في سلك الارهاب مع داعش أو الحركة النقشبندية المتحالفة معها .
بنت أمريكا ستراتيجيتها لتقسيم دول المنطقة على ما ستنجزه منظمات التكفير من قتل وتدمير وعبث بالمناطق المستباحة خاصة في العراق وسوريا، وعندما أُدخِلَت داعش إلى العراق بالاتفاق مع بعض السياسيين المتواطئين، أعلنت أمريكا على الفور تشكيل حلف دولي لمحاربة داعش، وهذه كذبة كبيرة فالغاية من الحلف إبقاء داعش حية حتى استكمال مشروع التقسيم، الحلف يسعى ليبقى اللعب في الساحة كرّ وفرّ لحين تنفيذ آخر فصول المشروع، أمريكا وضعت سقفا زمنيا لتمرير مشروعها الصهيوني، حدده أوباما بثلاث سنوات عندما قال يحتاج الحلف ثلاث سنوات حتى يستطيع القضاء على داعش في العراق، وطالب مسؤولون أمريكيون آخرون مدة أطول لطرد داعش من العراق، وعندما يعلن أوباما أو أي مسؤول أمريكي آخر سقفا زمنيا، فهذا يعني أن داعش ستكون تحت الحماية خلال هذه الفترة الزمنية المعلنة، لم يعد خافيا على الشعوب مثل هذا اللعب في السياسية الأمريكية، فقد خبرت الشعوب أمريكا وقرأت نواياها السيئة تجاه الشعوب .
لقد حدث إرباك مفاجئ للستراتيجية الأمريكية أعقبه إرباكات، والسبب إعلان المرجعية فتوى الجهاد الكفائي، عندما تشكلت عقب الفتوى فصائل الحشد الشعبي، ولم يكن هذا الأمر محسوبا عند أمريكا مما ولّد إرباكا ظاهرا في الستراتيجية الأمريكية أعقبه تخبط في التصريحات والمواقف، لأن الحشد الشعبي قلب الموازين لصالح الشعب العراقي، ظهور الحشد الشعبي المفاجئ أفسد الخطط الأمريكية، وأفشل مشروع التقسيم، وقد أصيب بالخرس دعاة التقسيم من السياسيين التابعين لأجندات خارجية الذين كانوا يروجون لمشروع التقسيم، أما ضوضاؤهم وسهامهم المسمومة فقد تحولت تجاه الحشد الشعبي الذي أفسد خططهم، فأخذوا يخترعون القصص التافهة لتشويه سمعة الحشد الشعبي، لكن حبل الكذب قصير إذ أصحبوا مادة للاستهزاء والتندر، بعد مفاجئة الحشد الشعبي شنت أمريكا وذيولها من الحكام العرب مع السياسيين الذي يدورون في فلكهم، حملة ظالمة ضد الحشد الشعبي، وبذلوا محاولات كثيرة لمنع الحشد الشعبي من الاشتراك في المعارك، لكن جهودهم باءت بالفشل الذريع وأثبت الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الاسلامية كفاءة عالية في ميادين القتال، مما ولد رعبا في نفوس السياسيين الذين يتعاونون مع داعش .
منذ ولادة الحشد الشعبي ولغاية يومنا هذا، والإرباك ظاهر في الستراتيجية الأمريكية، وقد شعر بهذا الإرباك حتى أصدقاء أمريكا المقربون، وقد تعرضت بعض الصحف الغربية لحالة التخبط هذه في السياسية الأمريكية بسبب مفاجئة الحشد الشعبي، بناء على هذه المعطيات والمؤشرات ندعو أبناء الحشد الشعبي وأبناء المقاومة الاسلامية أن يأخذوا الحيطة والحذر من النوايا الأمريكة المبيتة، لأن أمريكا بعد الصدمة التي ولّدها أبناء الحشد الشعبي وأبناء المقاومة الاسلامية، قد تقوم بعمل أحمق بتشجيع من شياطينها الصغار في المنطقة وبعض السياسيين في العراق المحسوبين على داعش وحزب البعث، أو تلجأ إلى طرق ملتوية وخبيثة غايتها جلب الأذى لأبناء الحشد والمقاومة، بهدف عزلهم عن ميدان المعركة، لأن أمريكا عرفت وكذلك شياطينها الصغار أن النصر سيتحقق حتما إذا استمر أبناء الحشد والمقاومة في دعم الجيش العراقي، وأن النصر سيتحقق على يد هؤلاء جميعا، وهذا يعني تحطيم للمشروع الأمريكي الذي يريد تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات خدمة لإسرائيل .