تجري حركة نشيطة هذه الأيام بين صفوف القوى والشخصيات الوطنية – الديمقراطية – المدنية – الليبرالية – اليسارية، للعمل الموحد أو المنسّق تحضيراً لانتخابات 2014 النيابية.
الحركة متأخرة بعض الشيء، فكل ما يحدث في البلاد منذ سنوات كان يدفع باتجاه ظهور تيار سياسي – شعبي مدني قوي ينمو ويتطور تدريجياً ليشكّل منافساً، إن لم يكن بديلاً، للتيار الإسلامي المتنفذ في السلطة الذي قدّم الدليل بعد الدليل على فشله الذريع في إدارة الدولة، وعدم قدرته على تقديم أي حل، بل انه كان وبالاً على الدولة والمجتمع سواء بسواء، فبعد تسع سنوات من تولّي هذا التيار (الإسلامي) الحكم لم يتحقق على أيديه ما يختلف جوهرياً عما خلّفه لنا نظام صدام حسين من خراب مادي وانحطاط حضاري.
ليست مشكلة كبيرة أن تأتي الحركة متأخرة، لكنها ستكون معضلة كبرى إن لم تستند هذه الحركة الى المبادئ الصحيحة وتتخذ المسارات القويمة للعمل. والتيار الوطني – الديمقراطي – المدني – الليبرالي – اليساري، بوسعه أن يحقق نتائج طيبة في الانتخابات المقبلة إذا وفّر لنفسه شروط العمل الناجع، وهي:
– التواضع. هذا يعني أن تتحرر القوى والشخصيات الناشطة لتشكيل هذا التيار من الأنانيات والعصبيات السياسية، وان تتنازل لبعضها البعض، ولوطنها وشعبها في نهاية المطاف، وأن تنزل إلى الشارع لتعمل بين الناس مباشرة.
– الواقعية. وهذه ينبغي أن تتمثل في برنامج عمل مختصر، واضح ومحدد ومستند الى الواقع، يركّز على حاجات الناس ومطالبهم الاساسية: الأمن ولقمة العيش والخدمات العامة، ويتخذ لنفسه عناوين وشعارات بسيطة لكن قوية وموجزة.
– القدوة. وهذه تنعكس عبر تقديم مرشحين يحظون بالاحترام والتقدير في مجتمعاتهم لكفاءتهم وخبرتهم ووطنيتهم ونزاهتهم وجديتهم في العمل.
– الحيوية. وهذه تتحقق باختيار مرشحين نشطاء لا تفتر همتهم بعد تربعهم على كراسي النيابة من جهة، ومن جهة أخرى بالعمل الدؤوب بين الناس، وبخاصة أغلبية الناخبين العازمة على مقاطعة هذه الانتخابات أيضاً، لإقناعهم بجدوى وضرورة الذهاب الى مراكز الاقتراع هذه المرة بالذات والتصويت لصالح مرشحي هذا التيار وسائر المرشحين غير المشبوهين بآثام الفساد والطائفية، من أجل الاتيان بالبديل المنشود.
العنصر الأخير بالغ الاهمية وحاسم، فالمزاج الشعبي العام مناهض للاقتراع في الانتخابات المقبلة، وهذا ما يعكسه الآن عدم الاكتراث بتحديث السجلات الانتخابية. ثمة خشية كبيرة من أن تكون هذه الانتخابات مناسبة أخرى لتكريس العملية السياسية غير الديمقراطية وتزكية الفاسدين والمفسدين وترسيخ سلطتهم. وبقدر ما يبرع التيار الوطني – الديمقراطي – المدني – الليبرالي – اليساري في زج نشطاء محترمين للعمل بين “الأغلبية المقاطعة”، لديهم القدرة على إقناعها بتغيير موقفها، فان ذلك سيكون في صالح هذا التيار بالذات، ذلك ان هذه الأغلبية تتطلع إلى ممثلين حقيقيين لها في البرلمان، وهؤلاء الممثلون أكثر ما يوجدون لدى هذا التيار بالذات.