كيفما دارت رحى الأيام وانقلبتْ موازين الحياة تبقى المرأة هي الحلقة الأضعف بين مكنونات المجتمع وغالباً ما تكون هي كبش الفداء التي وجِبَ عليها دفع الدية عن أخطاء وجرائم العالم دون ذنب سوى أنها ((أنثى))….وفي أكثر الأحيان تكون الدية أغلى ما تملك وهو شرفها وحياتها وأولادها… فلذات الأكباد.
ورغم كل تطورات وتقنيات القرن العشرين ووجود هذا الكم من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالمرأة وشؤونها ورغم كل الشعارات والنداءات العالمية التي تنادي بالحرية والمساواة وضمان الحقوق لها؛ إلاّ أن الأغلب إن لم نقل الكل يصمُّ أذنيه عن سماع أنينها وصرخاتها التي تمزق أعلى السماء وأسفل الأرض وتزلزلها…
فمازال الاضطهاد والعنف بكافة أشكاله الفكري والجسدي يمارس بحقها سواء بالخفاء أو بالعلن من قبل مجتمعات متخلفة أرهقتها العادات والتقاليد البالية التي أمست قوانين بائسة تعشعشتْ في نفوس وعقول قاطنيها فأصبح من المستحيل الهروب والانسلاخ منها تحت أي مسمى… والأمثلة كثيرة وهي ماثلة على مرأى أعيننا ومسامعنا في اليوم مئات المرات غاضين البصر والسمع وكأن الأمر لا يعنينا؛ وكيف لا يعنينا ونحن نتطرق لموضوع المرأة التي هي نصف المجتمع وتساهم في تربية وبناء النصف الآخر؟؟!!!..
حتى في زمن الحرب تنال المرأة نصيبها من الويلات والمآسي بما لا تطيقه نفسُها البريئة وجسدُها الغض وكل الحروب شاهدةٌ وقد رأينا ما حصل في العراق وما يحصل الآن في سوريا من جرائم تُرتكبُ بحق الإنسانية والضمير العالمي وبحق الله… فيا من تقودون طواحين هذه الحروب إن كانت حربكم ثورية وأهدافكم سياسية فما بالكم وبال النساء؟؟!!!…
ففي ظل الجوع والفقر والقهر والتشرد الذي يخيم هذه الأيام على أراضينا نتيجة حرب بشعة يمارسها النظام والمعارضة بحق المواطنين تحت مسمى الثورة وإخماد الثورة وما ترتبَ عليها من زهقٍ لآلاف الأرواحِ بسبب القتل العشوائي لحسم نتيجة الأمر لطرفٍ ما, حتى لم يخلو منزلٌ وإلاّ قد فَقَدَ عزيزاً فيه هذا ماعدا ممن غيّبَ ولم يعرف له مصير ولم تستثني دناءة هذه الحرب الخائنة الأطفال والنساء فأمسوا عِرضةً لأقذر غاياتٍ وأبشع نهاياتٍ وضحايا عنفٍ مساكين لثورةٍ من المفترض أنها قامت لتحريرهم ومنحهم حياةً جديدةً ومستقبلاً آمناً!!!…
لم تُرحَم النساء من قِبلِ الطرفين فالنظام اعتبرها ورقة ضعفاً يمكنه من خلالها الضغط على طرف المعارضة لأنه يدركُ بأن شرقنا المتحفظ يُآثرُ أن يموت على ألا يَمسَّ أحداً شرفه وعرضه الكائن بأمه؛ أخته؛ زوجته؛ ابنته أو حتى أي أنثى يعرفها فهي بنت بلده, ومارس بحقها أقذر الأساليب من خطفٍ واغتصابٍ وتشويه أعضاء حتى القتل الذي أمسى أرحم وأشرف من التعذيب والاغتصاب؛ هل من أمراً أقذر وأقسى وأشّدُ إلاماً للنفس والجسد من الاغتصاب؟؟!!….متناسين بأن اغتصاب المرأة هو اغتصابٌ للوطن فالمرأة هي وطن الرجل متى وأينما كان….
وذات المصير نالته من جانب المعارضة المتمثلة بالمجوعات الإسلامية المتشددة التي ظهرت فجأة على أرض سورية حاملةً لأفكارٍ مسمومةٍ وأهدافٍ عنصريةٍ بحتة تهدف لإقامة خلافة إسلامية متطرفة في أرضٍ باركها الله بتنوعٍ إثني وعرقي معتدلٍ تعايش قاطنوه منذ آلاف السنين على أساس المودة واحترام الآخر؛ ففرضوا قوانين جائرة بحق الحريات الشخصية والدينية للناس لدرجة أنهم ضيّقوا الحصار على مناطق لا تدين بالإسلام ورفع شعار “أَسلمْ تَسلمْ” لإجبارهم على اعتناق دينهم وكان هذا الخناق المفروض له الآثر الأكبر على شريحة النساء من خلال التحكم بلباسهنَّ وتصرفاتهنَّ بفرض الحجاب والنقاب وكيفية عيشهنَّ اليومي بحجة أنهم يصلحون المجتمع الفاسد الفاسق هذا برأيهم طبعاً؛ الأمر الذي يناقض فتاويهم حين حللوا جهاد النكاح الذي هو اغتصاب علني على مرأى المجتمع معفى من قبل من يحللون ويحرمون حسب مصالحهم وغاياتهم؛ هذا بالإضافة لفتاوى أخرى من شأنها تحطيم كرامة وشرف المرأة وعزة نفسها كأنثى…
من سيحاسبُ المذنبَ على سحق وتدمير حياة هؤلاء النسوة ؟
من سيحاسبُ المجرمَ الذي سرق عذرية هؤلاء الملائكة ؟!!
كفاكم جميعاً…… إلى متى أيها الظُلّام….؟؟!!!!
أنا فكرة هائمة في ضباب اللاوجود