بتاريخ 18 ماي 2017 يطلب مني مجاهد أن أترجم له مذكراته باللغة الفرنسية إلى اللغة العربية حول الثورة الجزائرية، فوافقت دون تردد وكم أسعدني هذا الشرف، لكنه طلب مني أن لا أنشر العمل المترجم، فتراجعت عن الترجمة إذا لم تنشر. يخبرني أنه ذكر أسماء وتعمّد عدم ذكر التواريخ ولذلك يرفض نشر مذكراته.

أنهيت قراءة المذكرات، فقد كتبت بلغة فرنسية جميلة راقية لا تقل روعة وإبداعا عن الأدب الرفيع لمحمد ديب ومالك بن نبي، حتى أني خشيت أن لا أكون في مستوى إبداع المجاهد.
ليست المرة الأولى التي تعرض علي ترجمة مذكرات المجاهدين، وتلغى بسبب ذكر أسماء بعينها. أقول للمجاهد:

حاول أن تكتب مذكراتك وتذكر فيها الأسماء، والأماكن، والتواريخ، واللقاءات، والأمكنة بدقة متناهية، واتركها لغيرك ينشرها في غيابك ما دام الجزائري أبتلي بمثل ما ابتليت به، ورحت أحدثه عن فرنسيين مجرمين محتلين كتبوا مذكراتهم، وافتخروا بجرائمهم وسفك دماء الجزائريين، فكيف بالجزائري يرضى بالصمت وهو الضحية وصاحب الحق.

آلمني كثيرا أن الجزائر ضيّعت تحفة أدبية باللغة الفرنسية في غاية الروعة والجمال، وحرم القارىء العربي والجزائري من ترجمة باب من أبواب الثورة الجزائرية.

وبتاريخ 26 جوان 2017 وفي اليوم الثاني من عيد الفطر، ألتقي بالمجاهد وأسلمه المخطوط ، وبعد أن أنهيت قراءته طلبت منه توضيحات بشأن بعض النقاط ، خاصة وأني قرأت كتبا كثيرة في هذا الشأن، فأجاب:

كان الحركى أشد قسوة على الجزائريين من المحتل الفرنسي. والعذاب الذي تعرّض له الجزائري على يد الحركى يفوق العذاب المسلط على الجزائريين من طرف غلاة الاستدمار الفرنسي. وتصرف الحركى يعود لكونهم ربطوا مصيرهم بالاستدمار الفرنسي، لذلك كانوا قساة وحوش مع الجزائريين.

كان الصليب الأحمر الفرنسي يعتمد على توظيف بعض الجزائريات ليتم تغلغل الاستدمار الفرنسي داخل عمق المجتمع الجزائري عن طريق المرأة. وكانت الجزائرية التي تعمل مع الصليب الأحمر الفرنسي أخطر على الجزائريين وكانت أشد كرها للجزائر والجزائريين، لأن الصليب غرس فيهم حب فرنسا بطريقة يصعب التخلي عنها.

كان الاستدمار الفرنسي يستعمل بعض الذين يمسحون الأحذية يومها كعيون ومخبرين سواء كانوا أطفالا أو كبارا، لذلك كانت مهنة ماسح الأحذية تعطى لمن تتوفر فيه هذه الشروط.

من الجزائريين الذين ساهموا في مساعدة الثورة الجزائرية بطريقتهم، هم: بعض الجزائريين المدمنين على شرب الخمر وبعض الجزائريات ذوو السمعة السيّئة والأخلاق المنحطة، لأنه يسهل عليهم التغلغل داخل المجتمع الفرنسي والوصول إلى بعض المعلومات.