د. غسان السعد

 

 الخليفة ابو بكر البغدادي او ابراهيم عوّاد السامرائي، تسعى عدة جهات لقتله وتحول دون ان يلقى عليه القبض حيّا من قبل القوات العراقية، وهو أسوء كابوس محتمل، او القوات الامريكية التي ستكون الخيار الاقل قسوة لأنها محترفة في توظيف مثل هذا الصيد الثمين لصالح أمنها القومي اولا واخيرا.

السؤال اللحوح الان: من يسعى لقتل الخليفة المختفي؟

لعل اول من يسعى لقطف رأس الخليفة هي اجهزة مخابرات مهمة كانت تمول وتدعم التنظيم وتزوده بالسلاح والمال والمعلومات والبغدادي يعرف العديد من هذه الأجهزة ويتعامل معها، وإلقاء القبض عليه معناها الاعتراف على تلك الاسماء والشبكات مما ستولد ادلة ادانة قانونية وسياسية واخلاقية كلفتها لا تطاق من قبل اي دولة، وبما ان الموتى لا يتكلمون فإن جثة البغدادي خير من أسره.

البندقية الثانية التي توجه الى رأس الخليفة الخائف، هي من قيادات داعش وافراده، فقائد التنظيم يعرف اسرار التنظيم المقدسة، وسقوطه بيد الخصوم لاسيما الحشد الشعبي او اجهزة الامن العراقية او الاستخبارات الدولية فإنه سيجعل التنظيم مكشوفا وعاريا لسنوات قادمة، فمع تقنيات التحقيق سيسلم الخليفة مفاتيح الخلافة على طبق من ذهب الى خصومها، لاسيما قنوات الدعم، والخلايا النائمة، والمتعاونين ناهيك عن الصفعة الإعلامية والنفسية لإلقاء القبض عليه، وبالتالي الخليفة شهيدا خير منه أسيرا، وبما ان الضرورات تبيح المحظورات فإن استباقية قتله من قبل حراسه أولى من إلقاء القبض عليه.

من متابعة (سايكلوجية) قادة التنظيمات الجهادية، فإن الحزام الناسف لا يفارق أغلب القيادات الفعالة، ولعل البغدادي سيفكر بهذا السيناريو، وانه سيضغط على صاعق التفجير متذكرًا خطبته اليتيمة العلنية في الموصل، مفضلا الانتحار كخليفة بدلا من إذلاله على يد آسريه، اليوم هذا الخليفة تحاصره القوات، وأوامره فقدت قوتها، وجنوده بدأوا يصيحون بهستيريا لكنهم لم يعودوا يخيفون الآخرين، والهزائم تتوالى وتتكرر وأصبحت التغطية عليها لا تنطلي حتى على اكثر المتعصبين للتنظيم ودولته المنهارة، الخليفة البغدادي خسر عاصمته مما سيساعده بتقبل خيار انتحاره مسجلا نموذجا قياديا جديدا، تنفيذ عملية جهادية بنفسه او يدخر نفسه لآخر لحظة قبل القبض عليه ويموت مقتولا بعد ان عاش قاتلا. وهذا السيناريو الثالث.

القوات العراقية (حشد وقوى امنية) يجب ان تعطي أهمية قصوى لإلقاء القبض حيّا على البغدادي لا تقل أهمية عن تحرير الموصل نفسها، فهذا الرجل هو صندوق اسود بكل معنى الكلمة، وكنز لا يقدر بثمن، لذا يجب ان يتعلم كل مقاتل أهمية إلقاء القبض عليه حيّا وان لا تأخذه نشوة النصر او عنصر التردد ويتم اللجوء الى إعدامه ميدانيا كما حدث في تجربة إلقاء القبض على الشخصيات السابقة، وان يكون هناك خط ساخن لقوة خاصة هدفها التعامل مع البغدادي الصيد الثمين بسرعة وسرية ومهنية.

البغدادي، الان مرتبك ويرتدي زي مدني بسيط وخفف لحيته، وارتدى نظارات تخفي تعب عينيه الزائغتين، كلماته قليلة وغير محددة، يحمل سلاح ينزلق بين يديه المتعرقتين رغما عنه، هذا الصيد هو الأثمن الآن، نريد لهذا الخائف ان يرتدي البدلة البرتقالي لإعدامه بموجب عدالة السماء وقانون الارض، والى ذلك اليوم فإن الخليفة البغدادي مطلوب حيّا.