… وتستمر الاحداث، لتتكامل حلقات “السيناريو” الذي كتبنا عنه مرات ومرات، وآخرها قبل ايام، ولا فخر لنا بذلك السيناريو، لبؤسه وقتامته. فها هي وقائع امس- الجمعة: احتجاجات وتصديات و تحليلات، وتصريحات لها ما لها وعليها ما عليها … وعلى ذات المنوال الذي اتبعناه في كتاباتنا السابقة “عن بعض حال العراق اليوم” نضيف هنا “حزمة” جديدة من التساؤلات، علّها تشيع حمية العقل، وتخفف من وطأة العواطف. والضمائر هنا قبل هذا وذلك، هي من تحدد المواقف، كما نزعم:
- هل يجوز لحكومة تعلن التوجه للاصلاح، ولرسم وتنفيذ سياسات”انقاذية” ان تلجأ للتصدي عنفاً ضد المحتجين؟ .. ولكن هل عليها – في نفس الوقت- ان تقف مكتوفة الايدي، والارجل، امام مداهمة واقتحام مكاتب السلطة الاولى عمليا في البلاد، وهي رئاسة الوزراء؟ .
- ويضيف متابعون: هل ثمة بلاد في العالم المتحضر – او نصف المتحضر حتى- سمحت او تسمح، بأن تتفرج سلطاتها على وصول محتجين الى مكاتب مؤسسات رسمية بالغة المسؤولية، ليُعبثُ بها على اقل وصف؟ … ويجيب آخرون: ولكن اليس من حق الناس بعد ان طفح كيل التأزم والضغينة والغلو، من تصعيد شكل احتجاجاتهم؟ .
- ثم، ماهي حقيقة الدوافع التي راح فلان وفلان من السياسيين المعارضين، يدينون من خلالها رد فعل الاجهزة الامنية تجاه الاحتجاجات التي وصلت حدّ الاقتحامات؟. ويعيد متابعون الى الاذهان ما قام به ذلك “الفلان” و”الفلان” حين كانت السلطة بين ايديهم، حين ردوا بالقنابل والقصف الجوي على احتجاجات وغضب وتسلكات معارضيهم، في سنوات ليست بعيدة.
- ولكن، هل يجب ان يصمت اولئك السياسيون على ما يجري؟.. ويتصدى مجيبون: دعونا من الصمت، كما من الصراخ، فلتكن الدعوة لتهدئة العقول والقلوب اولا، ثم ليكن بعد ذلك لكل مقام وحديث، دون ركوب موجات تبحر في سيول دماء، وتجعل “القاتل” بين ليلة وضحاها، “بطلاً” سلمياً، ومصلحا!!
- وعلى ذلك المنحى، تفيض تساؤلات اخرى، ومن بينها: كم طوق حراسة، واستعدادات امنية، امام مداخل ومخارج مقرات ومكاتب وبيوت اولئك السياسيين المعارضين، حقاً او ادعاء؟ . وهل كانوا سيدعون مخاليفهم – وفي الرأي ولا نقول اكثر – ان يصلوا لبوابات مقراتهم ومكاتبهم، لا ان يدخلوها ؟.
- وارتباطا مع الفقرة السابقة، اليس من حق “المعارضين” ان يستفيدوا من اية تعقيدات وظروف، ليبالغوا ويروجوا بهدف تحقيق مكاسب سياسية، تدعم توجهاتهم، وتصوراتهم للبدائل الافضل بحسب رؤاهم؟ .. ولكن- يجيب من لهم رأي ودراية: كل ذلك ممكن، ولكن ليس على حساب الاخرين، دماً وعنفاً، وتخريباُ مقصوداً او منفعلا..
- وإذا ما كان هناك بعض تفسير وتبرير، لمواقف السياسيين المعارضين في البلاد، في التأجيج – ولنبسط الوصف فنقول، لاتخاذ مواقف متشددة وحسب- ولكن كيف ياترى يمكن تفسير الحال، او التبرير لسياسيي و”معارضي” الخارج حين راحوا يبالغون في التوصيفات، والدعوة للمزيد من الانتفاض؟.. وهل يجوز للمراقبين ان يردوا عليهم بالقول: نعم انكم وعوائلكم في “جحيم!!” البلدان الغربية، الرأسمالية.. ولكن لا تنسوا ان اخوتكم وابناء امتكم العراقية، هم الذين يواجهون، ويتحملون النتائج، وعسى ان لا تكون اكثر إيلاماُ مما حصل ويحصل..
- ومما لا ندري له جواباً، ونحير في فهمه: ماذا سيكون عليه الامر لو راح محتجون من”مكون” آخر – بحسب التعابير الدارجة في عراقنا اليوم- يقومون بمثل ما يقوم به جزء من ابناء” المكون” الذي يتصدى للسلطة اليوم؟.. ومن هو الرابح من كل هذا وذلك؟… وهل تستحق “الديمقراطية” و”الاصلاح” ان تتفجر شلالات دماء من ابرياء لا يعرفون ماذا يريدون، سوى تنفيذ الفتاوى والاوامر، والاجر والثواب في الاخرة ..
- وثم من جديد، نقول في هذه التساؤلات العجولة “الخجولة!!”: وماذا على الناس ان يفعلوا، إذن؟ .. هل الاستسلام، والرضوخ للامر الواقع، والى متى؟… وهل تصلح الاجابة على ذلك بالقول: لنفكر بتأجيل “الديموقراطية” زمناً ما، ولنعتمد الوسطية، والجدال الحميم.. ودعم عقلاء، وحكماء البلاد – التي قيل ما قيل عن تاريخها وحضارتها- في مساعي التهدئة اولاً وقبل كل شئ، ثم السعي لتحقيق ما هو مستطاع، باقل الخسائر، وخاصة والارهاب الداعشي، والطائفي، والمناطقي، ما برح متفشيا…
10- واخيرا، ما رأيكم بمناشدة الجواهري الخالد لأمة العراق، قبل ازيد من 45 عاماً ودعوتها للتوحد والوئام، والحذر من القادم، حين قال :
نًشَدْتكُمُ لقرابةَ والضحايا، وما شدّ العُرى مِنّا كِتابُ
دَعُونا نحتكمْ بعضٌ لبعضٍ، فللجُرْفينِ يَحْتَكِمُ العُبابُ
فان وراءنا ذئبا خبيثاً، يحاول أن يكون له الغِلابُ
سينهشُ منكم كَتِفاً، ومنّا، وما يبقى سَتَنْهَشُه ذئابُ
————————————————————————-