من الأشياء التى يتم ترويجها بأعتبارها من المسلمات الإعلامية أن الإرهاب ظاهرة أو قضية عالمية، والمتسبب فى هذا التبشير والدعوة الإعلامية هى الإدارة السياسية الأمريكية وأذرعها الإعلامية فى كل مكان بالعالم، حيث يتعامل الإعلام العربى المتخلف بنقل كل المصطلحات الأمريكية الصادرة من مراكز دراساتها للإرهاب والدين والسياسة ونشرها فى وسائل الإعلام العربية بأعتبارها حقائق ثابتة، وهى وسيلة مخابراتية إعلامية تتصف بالذكاء الخبيث قادرة على إختراق كافة وسائل الإعلام المتخلف والعاملين فيه، ومنذ الحادى عشر من سبتمبر أستطاعت المخابرات الأمريكية وإعلامها إقناع العالم بعالمية الإرهاب وعالمية محاربته، وبذلك أستطاعت الإدارة الأمريكية إشراك الكثير من الأنظمة السياسية فى العالم فى حربها على الإرهاب، والعمل فى تبعية تحت قيادة أمريكية معلوماتية تشمل التجسس وكل وسائل الكشف وتعرية المجتمعات للبحث عن الإرهابيين.
كان الحادى عشر من سبتمبر بداية تعميم عالمية الإرهاب لمجرد وقوع حادثة حجمها كبير نسى العالم كله أنها كانت نتيجة حتمية لإكتشاف تنظيم القاعدة أن أمريكا أستغلت المقاتلين المسلمين فى حربها أولاً ضد النظام الشيوعى وثانياً ضد طالبان، وكان الإنتقام من جنس العمل الدموى التى قامت أمريكا نفسها بتدريب هؤلاء المقاتلين وأسمتهم مجاهدين، وشعر بن لادن والظواهرى وبقية القادة الإسلاميين بأن كرامتهم الدينية أهانها الأمريكان، وجاء العمل الإنتقامى بما لم يستوعبه عقول الباحثين فى مراكز الدراسات الامريكية أو رجال المخابرات الذين عجزوا عن إيقاف عملاً بهذا الحجم قبل وقوعه ورجال السياسة الذين أصابتهم الصدمة كما ظهرت على وجه الرئيس بوش، وكان إنتقاماً قاسياً لسياسة الإدارة الأمريكية التى ظنت نفسها تقود حقاً العالم كله.
إذن العمل الإرهابى حدث فى أمريكا والفاعل هو تنظيم القاعدة فى أفغانستان كما أتفق على ذلك إعلام أمريكا ومن ورائه إعلام العالم كله، فالإرهاب ليس ظاهرة عالمية بل هو قضية شخصية بين تنظيم القاعدة الذى أسسته المخابرات الامريكية بالتعاون مع رجال الدين والسياسة فى العالم العربى وبين الدولة الأمريكية التى تعتبر نفسها قائدة العالم، وفرضت الإدارة الأمريكية على العالم قضية الإرهاب وعالميته وأستخدمت فى ذلك أصدقائها المقربين جداً من الإخوان المسلمين المنتشرين فى دول العالم وسيطرتهم على مساجد الدول العربية والغربية، إلى جانب الوهابيين فى السعودية ومراكزها المنتشرة أيضاً فى الكثير من دول العالم ومن يومها والإرهاب قضية عالمية، وصدق الجميع وبالطبع الإعلاميين والمثقفين الخداع الأمريكى وشارك الجميع أمريكا حربها على الإرهاب.
ونظراً للإعلاميين والمثقفين العرب وحالة التخلف التى يعيشون فيها وعزلتهم الثقافية عن التنوير والحداثة الحقيقية، وإنشغالهم بقضايا محاربة الإرهابيين والفكر الإرهابى الذى يستخدم عقيدة ونصوص الإسلام فى عملياته الدموية، أستطاعت أمريكا تحويل ميدان العمليات الإرهابية إلى أفغانستان حيث يقيم تنظيم القاعدة، ولم تكتفى بذلك بل بدأت استراتيجيتها الجديدة فى تعميم الفكر الجهادى أو الإرهابى فى الدول العربية، وبنفس الفكر المخابراتى الخادع وعلى أمل الوصول إلى حكم البلاد العربية قامت التنظيمات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمين والوهابيين والسلفيين وغيرهم فى بدء حربهم ضد الأنظمة العربية وتكفيرها وتكفير شعبها وكل من لا يعتنق أفكارهم وينضم لمعسكراته القتالية التى ستقيم الخلافة الإسلامية حسب الخدعة الأمريكية.
إذن الآن الإرهاب وتنظيمات وجماعات الجهاد الإسلامية يتم خلقها وتمويلها والتخطيط لها داخل المجتمعات العربية، بأيدى أجهزة مخابرات امريكية تتعاون مع أجهزة المخابرات والسياسة العربية لتحقيق أهداف أقطار عربية معينة وتحقيق أهداف أقطار أخرى خارجية مثل إيران وتركيا، وكلها أهداف تعمل على أستمرار الصراعات الطائفية والجرائم الإرهابية التى تعمل على ضوء نصوص الإسلام، إذن الإرهاب قضية داخلية عربية تستغل مشاعر التدين التى تلغى عقول المتدينين ليتحولوا إلى عقيدة السمع والطاعة لقادتهم فى تلك التنظيمات الإرهابية، من هنا على جميع الإعلاميين والمثقفين أن يعترفوا بتخلفهم المعرفى وتبعيتهم العمياء للنقل وتعطيل إعمال العقل، وعليهم الإعلان عن حقيقة أن الإرهاب قضية عربية وحلولها وعلاجها فى أيدى كل دولة عربية وأيقاف الأنظمة العربية التى تمول الإرهابيين عند حدودهم حتى ينتهى الإرهاب العربى.