الإرهاب…لادين له…عبر التاريخ / 19
بقلم : عبود مزهر الكرخي
ولو اطلعنا على شخصية يزيد اللعينة فإن يزيد اللعين فلا مجال للمقارنة والتفضيل فهو في أسفل درك من الطباع والأخلاق ولكن أرددت أن أوضح مكانة من هم يدعون أنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين.
فيزيد هو كان محباً للهو والصيد وشرب الخمر أمه هي ميسون بنت مجدل الكلبية من بني كلب وهي التي كرهت العيش مع معاوية في دمشق وكانت تتشوق إلى عيش البادية فأرسلها معاوية مع أبنها يزيد إلى باديتها .
وأن ميسون بنت بجدل الكلبية هي ام يزيد بن معاوية , كانت تأتي الفاحشة سرا مع عبد لأبيها ومنه حملت بيزيد, ويروى ان معاوية خاصم ميسون فأرسلها الى اهلها بمكة وبعد فترة ارجعها الى الشام واذا هي حامل….!!!! قال يزيد للإمام الحسن (ر) ( يا حسن اني ابغضك) فقال الامام( ذلك لان الشيطان شارك اباك حينما ساور امك فاختلط المائان).قال محمد الباقر (ر) ( قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقاتل الحسين ابن علي ولد زنا ولا يقتل الانبياء والاوصياء الا ابناء البغايا (1)، ولهذا فقد نشا يزيد مع أمه بعيداً عن أبيه فكان أن نشأ كما يقال عندنا (ترباة أمراه ).
وقد إفادته عيشه في البادية الفصاحة وركوب الخيل وحب الصيد ورياضة الحيوانات ، وخصوصاً الكلاب وهذه الصفات تكون مدعاة للغرق في اللهو واللعب ولا تبني في همم الرجال وهذه في العرب تعتبر نقيصة وكان مغرماً بمعاشرة الشعراء ومجالس الشرب وولعه بالصيد يحجبه عن الاهتمام بأمور السياسة وكان من مهازله أن له قرد يدعوه(أبا قيس) ويلبسه الحرير ويطرز لباسه من الذهب والفضة ويحضره مجالس الشرب ويركبه على الجياد ويقول الشعر في مدحه، ويقول وقد يكون عبد الله بن حنظلة مصيباً في ذمه عندما يقول” والله ما خرجنا مع يزيد حتى خفنا أن ترمي بالحجارة من السماء. إن رجلاً ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت الله فيه بلاء حسناً ” (2).
وتجمع الروايات عن إدمانه الخمر وشغفه للملذات وتوانيه عن العظام وقد مات بذات الجنب وهو لم يتجاوز عمره السابعة والثلاثين ولعل أنه مات بتشمع الكبد المعروف طبياً للذين يدمنون على شرب الخمر وهو من المعروف شديد البنيان وضخم الجثة فأن الله أهلكه بهذا المرض في شرب الخمر ومعاقرته، والمعروف تخاذله وجبنه عن المهام العظيمة فلما سير أبوه جيش إلى القسنطينة لغزو الروم للدفاع عن دولتهم الأموية لمحاذتهم لهم تثاقل وتمارض حتى رحل الجيش وقال في ذلك شعراً للدلالة على جبنه وهو :
ما إن أبالي بما لاقت جموعهم*** بالفرقدونة من حمى ومسوم
إذا أتكأت على الأنماط مرتفقاً***بدير مران عندي أم كلثوم (3).
وشاع بين القوم خذلانه وجبنه في الحروب والمهام الجسام فلذلك لا يجوز وبأي كاتب المقارنة بين الثرى والثريا بينما نردد مقولة روحي له الفداء ( والله لا أجد إلا الموت سعادة والحياة مع الظالمين برماً) (4).
فأي شجاعة وأي بطولة هو يحملها أمامنا الجليل (ع)ولنسمع سيدي ومولاي أبا عبد الله في تقواه وهو يناجي ربه وبكل خشوع( اللهم أجعلني أخشاك كأنني أراك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخذ لي في قضائك، وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما أجلت..، الله أجعل غناي في نفسي واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والنور في بصري والبصيرة في ديني ومتعني في جوارحي وأجعل سمعي وبصري الوارثين مني، وانصرني على من ظلمني وأرني فيه ثأري ومأربي واقر عيني ، الله أكشف كربتي وأستر عورتي وأغفر لي خطيئتي وأخسأ شيطاني وفك رهاني واجعل لي الدرجة العليا في الآخرة والأولى ) (5).
وقال الذهبي: ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل، مع شربه الخمر وإتيانه المنكرات، اشتد عليه الناس، وخرج عليه غير واحد، ولم يبارك الله في عمره، وسار جيش الحرة إلى مكة لقتال ابن الزبير، فمات أمير الجيش بالطريق، فاستخلف عليه أميرًا، وأتوا مكة، فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، وذلك في صفر سنة أربع وستين، واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل وكانا في السقف، وأهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الأول من هذا العام، فجاء الخبر بوفاته والقتال مستمر (6).
هذا هو سيدنا أبا الأحرار ومدى الورع والتقوى التي يتسم بها وأي بلاغة وفصاحة في مناجاة ربه ونقول إن كل مفكر وكاتب يعقد المقارنة مع اللعين يزيد فهو يرتكب أثم ومعصية كبيرة وأن يزيد إلا عبارة عن كومة من المثالب والسيئات والفسوق والفجور والإناء ينضح بما فيه.
وآل الأمر إلى يزيد بعد موت معاوية وكتب إلى عامله الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ” أن أخذ حسيناً وعبدالله بن عمر وعبد الله بن عمر بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام “.فبعث الوليد إلى مروان بن الحكم يستشيره وكان في قرارة نفسه يريد الخلاص من يزيد والاستحواذ على الملك فقال له( أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة. أما أبن عمر فلا أراه يرى القتال ، ولكن عليك بالحسين وعبد الله بن الزبير، فأن بايعا وإلا فأضرب أعناقهما) (7).
وضرب أعناق الحسين(ع) وأبن الزبير هو الخلاص من أعظم المنافسين ليزيد…ثم الخلاص من يزيد نفسه بإثارة النفوس وإيغار الصدور عليه! وهذا دين الملوك والمؤمرات في بني أمية. وذهب رسول الوليد إلى الحسين فوجده في المسجد فعلم (ع) بما يراد منه وجمع طائفة من مواليه يحملون السلاح وقال لهم وهو يدخل إلى بيت الوليد( أن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا عليً بجمعكم وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم ) فلما عرضوا عليه البيعة ليزيد قال((أما البيعة فإن مثلي لا يعطي سراً، ولا أراك تقنع بها مني سراً) ، قال الوليد(أجل!) قال الحسين(ع)( فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا معهم فكان الأمر واحداً ).ثم أنصرف ومروان غاضب لا يتكلم ..وما هو إلا أن تواري الحسين حتى صاح بالوليد( عصيتني والله! لا قدرت على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينه ).فأنكر الوليد لجاجته وقال له (أتشير علي بقتل الحسين! والله إن الذي يحاسب بدم الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان يوم القيامة) (8).
ولاحظوا أن الكل كان متهيب من سيدي ومولاي الحسين(عليه السلام) وحتى إزعاجه وتهديده فكيف إذا كان بدمه والذي سفكه يزيد لعنه الله والكل عارفون منزلة روحي له الفداء ومن يكون ومن هو جده وأبيه وأمه.
وهكذا انتهت الأمور إلى ما آلت إليه وأصبح الطريق إلى كربلاء ومسيرة منية أبو الأحرار(ع) ضرورة حتمية واستشهاده كان أمراً مقضياً لطلب الإصلاح في أمة جده كما قال في خطبته المشهورة في جند الكفرة يزيد. وفي حلقات مقبلة سوف لنا وقفات في هذا السفر الخالد من استشهاد أبو الأحرار سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين (ع) الغريب والعطشان في كربلاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مأخوذة من مقال “أبناء الزنا كيف صاروا أمراء المسلمين؟!”. الكاتب أسامة أنور عكاشة.
2 ـ الأخلاق الحسينية – جعفر البياتي – الصفحة ١٥٦. منشورات المكتبة الشيعية. الطبقات الكبرى – ط دار صادر – ابن سعد – کتابخانه مدرسه فقاهت. ج 5 ص 66. كتاب تاريخ الخلفاء [الجلال السيوطي]. عهد بن أمية يزيد بن معاوية أبو خالد الأموي. ص 159. المكتبة الشاملة.
3 ـ تاريخ اليعقوبي – اليعقوبي – ج ٢ – الصفحة ٢٢٩. أبو الشهداء الحسين بن علي.الكاتب المصري عباس محمود العقاد.نهضة مصر للطباعة والنشر.
4 ـ بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٤٤ – الصفحة ٣٨١. موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3. المؤلف :سيّد محمود طباطبايينژاد.
5 ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) – لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) – الصفحة ٩٥0 . منشورات المكتبة الشيعية. شرح أصول الكافي – مولي محمد صالح المازندراني – ج ١٠ – الصفحة 450. منشورات المكتبة الشيعية.
6 ـ ينابيع المودة لذوي القربى – القندوزي – ج ٣ – الصفحة ٣3. منشورات المكتبة الشيعية. تاريخ الخلفاء – السيوطي، جلال الدين السيوطي. جلد 1 صفحة 159. – کتابخانه مدرسه فقاهت.
7 ـ مقتل الحسين (ع) – أبو مخنف الأزدي – الصفحة ٤. منشورات المكتبة الشيعية. تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصله تاريخ الطبري نویسنده : الطبري، ابن جرير جلد : 5 صفحه : 339. – کتابخانه مدرسه فقاهت.
8 ـ نفس المصدر. الحسين (عليه السلام) أبو الشهداء الصفحة عباس محمود العقاد. منشورات الشريف الرضي. شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي.