أعجب كثيرا بطريقة الاستقبال، التي كانت عفوية تتقدّمها الابتسامة وتتخللها، فقال له الإمام، تقديرا لهذا اللقاء والحفاوة التي أكرمتني بها، سأُسمعكم حديثا لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: تبسّمك في وجه أخيك صدقة.
ثم استرسل في الشرح وهما على الرصيف، فقال .. الحديث معناه، أن الصدقة مال، والمال يُعوّضُ في الدنيا، ويُجازى صاحبه في الآخرة. ثم إن الذي تبتسم في وجهه، قد فرّجت عنه الكرب، وأزلت عنه الهمّ.
وبعد أن رجع إلى بيته متأثرا بما سمع، كتب يقول: الابتسامة الصادقة من النعم، التي يجب على المرء أن يظهرها في حينها. لأن إخفاء النعم عن غير حاسد وحاقد، تستوجب النقمة ، والندم على زوالها حيث لاينفع الندم.
إن الحيوانات المدرّبة، تُضحكُ من حولها، وتُضفي المرح والسرور. ووسائل الإعلام الحديثة، تلتقط باستمرار صورا مضحكة لحيوانات أليفة ومفترسة، وأفردت لها حصصا نالت إعجاب الجميع بمختلف لغاتهم.
إن الله تعالى قال في كتابه العزيز: “وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ”، النجم – الآية 43. ومادام الضحك والبكاء بقدرة الله تعالى، فليتجه الجميع لربهم، أن يمنحهم الابتسامة في وجوه من يعرفون ومن لايعرفون، ويرفعون أيديهم إلى الذي أضحك وأبكى، ليعيد الابتسامة للوجوه التي حُرمت إياها، وأن يُمتّعنا بنعمة الابتسامة في وجوه الجميع، وأن لانُحرم منها، ولانغفل عنها.
إن اللّون الأحمر المترامي عبر أرجاء المجتمعات العربية لايُنسي الابتسامة. كما أنّ الخراب والدمار الذي عمّ وشمل أعظم الحضارات لايَحجب الابتسامة. والبخيل من منعها عن النّاس. والمحتكر من احتكر الابتسامة وحرمها غيره. ومن تربى على ابتسامة الوالدين وذي القربى، منحها في الكبر، دون مشقة وعطاء.
إن الصدقة لاينتظر منها المرء جزاءً ولاشكوراً. وكذلك تبسّمك في وجه أخيك صدقة، فصاحب الابتسامة لاينتظر نفع ولاكسب من وراء بسمته، وهو يعلم أن نفعها يتعدى تلك اللّحظة، ونفعها الدائم الخالد، بيد من أضحك وأبكى .. لأن الابتسامة مال، من افتقدها فهو الفقير ولو زعم أنه الأغنى، ومن ملكها فهو الغني.