الأمام علي(عليه السلام)…وبيعة الغدير / 3
بقلم : عبود مزهر الكرخي
آية الولاية
ونص الآية هي { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }(1).
هي الآية التي يستدل بها الشيعة على إثبات الولاية لله تعالى ولرسوله محمد بن عبد الله وللإمام علي بن أبي طالب.
ذهب الشيعة بجميع علمائهم ومفسريهم إلى أنّ الآية تدلّ في العموم على الإمامة والخلافة، وتدلّ في الخصوص على إمامة وخلافة علي بن أبي طالب عليه السلام، وعليه فمعنى آية الولاية كالتالي: أنّ ولي أمركم الواجب طاعته هو المولى تعالى ثم من بعده الرسول الأكرم محمد(ص) ومن بعدهما علي بن أبي طالب عليه السلام المقصود بعبارة ” المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حين هم راكعون “، ومن يجعل هؤلاء أولياءه فإنّه من حزب الله المتحقق لهم النّصر.
ونص الرواية انه قال ابن عبّاس: سألتك بالله من أنت ؟ فكشف العمامة عن وجهه وقال: أيها النّاس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت النبيّ (ص) بهاتين وإلا فصمتا، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا وهو يقول: علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، ومخذول من خذله.
أما إني صليّت مع رسول الله(ص) يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال: اللهم اشهد أنّي سألت في مسجد رسول الله (ص)، فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً، فأومئ إليه بخنصره اليمنى، -وكان يتختم فيها-، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ص)، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ص) من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللّهم إنّ أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلُل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري وأشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً ” سنشد عضدك بأخيك ” اللّهم وأنا النبي محمد (ص) نبيك وصفيّك، اللّهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليًا عليه السلام أخي أشدد به أزري.
قال [أبو ذر]: فوالله ما استتم رسول الله(ص) الكلام حتّى نزل عليه جبريل عليه السلام من عند الله، وقال: يا محمد صلى الله عليه وآله (ص) هنيئا ما وهب لك في أخيك [فقال رسول الله: (ص)وماذا ياجبرائيل عليه السلام؟ قال: أمر الله أمتك بمولاته إلى يوم القيامة، وأنزل عليك (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ))(2).
أكثر المفسّرين وأصحاب كتب الحديث صرّحوا بأنّ الآية الكريمة نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ، وإليك بعض النماذج :
۱ ـ الفخر الرازي في تفسيره الكبير في سورة المائدة في ذيل تفسير قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ … )(3).
۲ ـ الشبلنجي في نور الأبصار(4).
۳ ـ الزمخشري في الكشّاف(5).
٤ ـ ابن جرير الطبري في تفسيره.
روى بسنده عن غالب بن عبد الله قال سمعت مجاهداً يقول في قوله إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ قال نزلت في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع(6).
وهناك الكثير من الأدلة والأسانيد التي تثبت انها نزلت في امير المؤمنين(ع) ولكن نكتفي بهذا القدر وهذه المصادر من أهل السنة والجماعة. ولسنا هنا بصدد حصر الكتب التي ذكرت هذه الرواية ومؤلفيها فهناك مصادر أخرى اتفقت على ذلك لم نذكرها خشية الإطالة، ” دلت الآية الشريفة دلالة واضحة وصريحة على ولاية أمير المؤمنين (ع) بعد النبي (ص) فألفاظها تؤكد ذلك فلفظة (إنما) تعني الحصر بإجماع علماء اللغة وقد انحصرت الولاية بالله والرسول وأمير المؤمنين وهو ما أكدته الأحاديث الشريفة الكثيرة بحق أمير المؤمنين ومنها قوله (ص): إِنَّ عليا مِني وأنا مِنه، علي وليّكُم بعدي، من أكن مولاه فهذا علي مولاه وغيرها.
كما أن ألفاظ هذه الآية الكريمة والأحاديث الشريفة تنفي نفياً قاطعاً القول بأنها نزلت في عموم المؤمنين وقد فنّد الشيخ مُطهّري هذا القول وأكد على أن هذه الآية لا تشمل إلا شخصاً واحداً حيث قال: (عندما نعود إلى أحكام الإسلام لا نجد فيها ما يدل على وجوب أن يأتي المسلم الزكاة وهو راكع، حتى نقول أن هذا الحكم عام يشمل الجميع ولا يفيد الحصر والتخصيص. وهذا يعني أن الآية تشير إلى واقعة حدثت في الخارج مرة واحدة)، ويقول أيضاً: (وقد اتفق الشيعة والسنة على نقلها, ليس ثمة من يختلف من الشيعة والسنة في أن علياً (ع) أعطي خاتمه وهو في الصلاة، وأن الآية نزلت بشأنه. كما نعرف أن ليس في أحكام الإسلام ما يدل على وجوب الإنفاق في حال الركوع ، ليصح أن يقال أن بعضهم ــ غير من خصّته الآية وهو الإمام علي ــ عمل به إذ الآية تشير في قوله (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) إلى ما من فعل ذلك في تلك الواقعة المعروفة، أي فيها إشارة وكناية “(7).
وقال شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله تعالى عليه في التبيان:
“إن الله تعالى نفى أن يكون لنا ولي غير الله وغير رسوله والذين آمنوا بلفظة “إنما “ولو كان المراد به الموالاة في الدين لما خص بها المذكورين لان الموالاة في الدين عامة في المؤمنين كلهم قال الله تعالى “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”(التوبة/71). “
والسر الذي يكمن في في قوله ” المؤمنين ” هو:
إنَّه تعالى بصدد بيان مقام أمير المؤمنين عليه السلام وأنَّه هو المؤمن بمعنى الكلمة بل هو الإيمان كما ورد في شأنه قول الرسول صلى الله عليه وآله في مواجهة علي عليه السلام عمرو بن عبد ودّ: ” برز الإيمان كلُّه إلى الشرك كلِّه ” وأيضاً قال تعالى في شأن إبراهيم الخليل عليه السلام:(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(النحل/120).
فكأنَّه تعالى يريد القول بأن” الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “ يتجسَّد في رجلٍ واحد وهو أمير المؤمنين . ولهذا جاء حديث رسول الله المشهور حيث وقال (ص): ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين “(8).
” وسائل أن يسأل فما هو السرّ في عدم ذكر اسم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الآية ؟
وجوابه:
أولاً: أنَّ القرآن الكريم ليس بصدد ذكر أسماء إلا بالنسبة إلى بعض من مضوا من الرسل والأولياء كما هو واضح لمن له أدنى تطلُّع ولذلك لم يذكر اسم الرسول إلا في موارد ثلاثة وذلك حيث كان يريد بيان رسالته ، فلم يكن محيص من ذكر اسمه قال:
(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)(الأحزاب/40).
وثانياً: سنشرح إن شاء الله في تفسير آية التطهير حول هذا الأمر وأنَّه لو كان يذكر اسمه مع كثرة خصمه لما بقيت تلك الآيات الدالة على إمامته وقد أشار الحديث التالي إليه:
(( في كتاب الاحتجاج للطبرسى ( ره ) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه فقال المنافقون : هل بقى لربك علينا بعد الذي فرض علينا شئ آخر يفترضه فتذكره ولتسكن أنفسنا إلى انه لم يبق غيره ؟ فأنزل الله في ذلك : ( قل إنما أعظكم بواحدة ) يعنى الولاية فأنزل الله : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ) وليس بين الأمة خلاف انه لم يؤت الزكوة يومئذ أحد منهم وهو راكع غير واحد ، ولو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط ما اسقط ))
ثالثاً: ندعي أنَّ اسمه مذكور في القرآن ولكن على صورة لا يصل إليها إلا من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد كما أثبتنا ذلك في المجلَّد الأول من كتاب النور المبين في تفسير القرآن الكريم “(9).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [ المائدة : 55 ].
2 ـ شواهد التنزيل: ج 1 ص 177-178-179-180
3 ـ راجع : التفسير الكبير « للرازي » / المجلّد : ۱۲ / الصفحة : ۲٥ ـ ۳۱ / الطبعة : ۳.
4 ـ راجع : نور الأبصار « للشبلنجي » / الصفحة : ۸٦ ـ ۸۷ / الناشر : دار الفكر.
5 ـ راجع : الكشّاف عن حقايق التنزيل وعيون الأقاويل « للزمخشري » / المجلّد : ۱ / الصفحة : ٦۲٤ / الناشر : دار المعرفة ـ بيروت.
6 ـ جامع البيان في تفسير القرآن « للطبري » / المجلّد : ٦ / الصفحة : ۱۸٦ / الناشر : دار المعرفة ـ بيروت / الطبعة : ۲.
7 ـ راجع مقال بعنوان(آية الولاية .. عنوان المؤمن ) محمد طاهر الصفار. منشور على موقع العتبة الحسينية المقدسة. أدب العترة. منشور بتاريخ 2 / 8 / 2019. الرابط https://imamhussain.org/literature/26548
8 ـ الفخر الرازي في نهاية العقول ص ١٠٤. مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٢، تاريخ بغداد ج ٣ ص ١٩.
وقال يحيى ابن آدم: ما شبهت قتل علي عمرو إلا بقول الله عز وجل: * (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت) * انظر المستدرك والذهبي في تلخيص المستدرك ج ٣ ص ٣٢، وأرجح المطالب ص 481. المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة – مقاتل بن عطية – الصفحة ٥١. منشورات المكتبة الشيعية. شرح إحقاق الحق – السيد المرعشي – ج ٣ – الصفحة ٢٢٨. منشورات المكتبة الشيعية.
9 ـ راجع الميزان في تفسير القرآن تأليف العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره الجزء الخامس منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة. تفسير آية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ) – 55.
أخي العزيز كاتب المقال.. السلام عليكم
أولا. لا توجد آية الولاية، الآية الكريمة التي إستشهدت بها هي من سورة المائدة/55
ثانيا. الآية من المتشبهات، وليس من المحكمات، وأنت تعرف موقف الشرع من المتشابهات، ومن يأخذ بها كمحكمات.
ثالثا: الآية موضع خلاف، فيمن نزلت، ولا يجوز أن تفرض نظرتك، او نظرة مراجعك على القراء عموما. وإستشهادك برأي ابن عباس يفتده ابن عباس نفسه في روايات أخرى، منها|” حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا “، يعني: أنه من أسلم تولى الله ورسوله”. وقيل أيضا إن هذه الآية نـزلت في عبادة بن الصامت، في تبرُّئه من ولاية يهود بني قينقاع وحِلفهم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وقيل نزلت في أبي بكر الصديق.
رابعا: لم يستشهد علي بن أبي طالب بحديث الغدير لا في السقيفة ولا في بيعة الخلفاء الين سبقوه.
خامسا: لم يتفق علماء الشيعة بأن الآية نزلت في علي بن أبي طالب كما زعمت، راجع كلام آية الله كمال الحيدري. الذين إستشهدت بهم الأربعة ثلاثة منهم من الشيعة الغلاة، وقال ابن كثير” وقد تقدم في الأحاديث التي أوردنا أن هذه الآيات كلها نزلت في عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، حين تبرأ من حلف يهود ، ورضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين ; ولهذا قال تعالى بعد هذا كله (( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )). كما قال تعالى (( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)).
سادسا: لم تكن أمينا في نقل رأي الرازي، فقد ذكر ان في المسألة أقوال منها:
ـ المسألة الأولى: في قوله (والذين آمنوا) قولان: الأول: أن المراد عامة المؤمنين، وذلك لأن عبادة بن الصامت لما تبرأ من اليهود وقال: أنا بريء إلى الله من حلف قريظة والنضير، وأتولى الله ورسوله نزلت هذه الآية يعلى وفق قوله. وروي أيضا أن عبد الله بن سلام قال: يا رسول الله إن قومنا قد هجرونا وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقال رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء، فعلى هذا: الآية عامة في حق كل المؤمنين. أما قوله (وهم راكعون) ففيه على هذا القول وجوه: الأول: قال أبو مسلم: المراد من الركوع الخضوع، يعني ” أنهم يصلون ويزكون وهم منقادون خاضعون لجميع أوامر الله ونواهيه والثاني: أن يكون المراد: من شأنهم إقامة الصلاة، وخص الركوع بالذكر تشريفا له كما في قوله (واركعوا مع الراكعين) * (البقرة: 43) والثالث: قال بعضهم: إن أصحابه كانوا عند نزول هذه الآية مختلفون في هذه الصفات، منهم من قد أتم الصلاة، ومنهم من دفع المال إلى الفقير، ومنهم من كان بعد في الصلاة وكان راكعا، فلما كانوا مختلفين في هذه الصفات لا جرم ذكر الله تعالى كل هذه الصفات. القول الثاني: أن المراد من هذه الآية شخص معين، وعلى هذا ففيه أقوال: روى عكرمة أن هذه الآية نزلت في أبي بكر رضي الله عنه. والثاني: روى عطاء عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام.
سابعا: المقال فيه الكثير من المغالطات، سوف أتسامح بها معك، يمكن ان تراجع كتابي إغتيال العقل الشيعي لتتعرف على المزيد حول الموضوع.