جنيف، 23 كانون الأول/ديسمبر 2015
عُقدت في جنيف يوم الأربعاء ٢٣ كانون الأول/ديسمبر 2015 أعمال المائدة المستديرة المتخصصة عن الأزمة اليمنية، والتي ركزّت على دراسة “القضايا القانونية الدولية المتعلقة بتمويل وتسليح الجماعات المسلحة“. وتأتي الندوة، التي نظّمها مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) بالتنسيق مع مركز لندن للقانون الدولي (LCILP)، في إطار سلسلة من الفعّاليات التي يُخطّط المركزان لإقامتها بخصوص القضايا القانونية الدولية المتعلقة بالنزاعات في منطقة الشرق الأوسط.
كما جاءت مائدة الحوار بُعيد تأجيل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدّة، واستمرت لمدة ستة أيام اختتمت في 20 من كانون الأول/ديسمبر الجاري في مدينة بييل السويسرية حيث اجتمع الطرفان لأول مرة وجها لوجه.
تناول المشاركون بالعرض والنقاش الوضع الحالي باليمن بعد شهور من المواجهات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من جهة والمسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وما ترتب عن ذلك من انعكاسات كارثية على الواقع المعيشي للمواطن اليمني، فضلاً عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا أغلبهم من المدنيين الأبرياء.
في هذا الصدد، كان من أبرز القضايا التي تناولتها الندوة، وضعية حقوق الإنسان في اليمن لا سيما الأطفال الذين يتم تسليحهم وإقحامهم بكل وحشية في النزاع المسلح، مع عرض ما تنص عليه بنود القانون الدولي الإنساني في مثل هذه المسائل، كما تمت مناقشة مسألة تعثر وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة خاصة “تعز“، وتعاظم معاناة الشعب اليمني يومياً جرّاء قلة الغذاء والدواء، والدور الذي يجب أن تضطلع به بصورة عاجلة جدّاً منظمات الإغاثة الدولية والمنظمات الحقوقية من أجل تحسين الوضع الإنساني ووضع حقوق الإنسان والتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
وضع إنساني خطير
أكدّ المشاركون أنه، وكما هو الحال في أي صراع، فإن المدنيين يتحملون العبء الأكبر من مخاطر جسيمة على سلامتهم النفسية والأمنية، ولاحظوا في هذا الصدد أن الأمم المتحدة والهيئات المختصّة قد قدّرت أن عدد النازحين في اليمن قد وصل إلى 2.5 مليون، وأن أكثر من نصف السكان البالغ تعدادهم 14.4 مليون شخص بحاجة إلى الحماية والمساعدة، بما فيهم 7.4 مليون طفل، وأن حوالي 2.2 مليون طفل يعانون أو معرضين لخطر سوء التغذية، إضافة إلى 000،537 طفل دون سن الخامسة، معرّضون لخطر سوء التغذية الحادّ.
وجد المشاركون أن من المسائل الكارثية على مستقبل اليمن أن يفقد نحو 1.8 مليون طفل إمكانية الحصول على التعليم، إذ أن أكثر من 3500 مدرسة أغلقت في جميع أنحاء البلاد، وأن يتم تجنيد الأطفال في النزاع بدلاً من أن يكونوا على مقاعد الدراسة.
قضايا جوهرية
استعرض المشاركون في الندوة المسائل القانونية الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة في العالم بشكل عام مع التركيز على النزاع في اليمن والأطراف الفاعلة فيه، ومن ذلك أثر الدعم العسكري الذي تقدّمه إيران في تغذية الصراع ودفع الجماعات المسلّحة لارتكاب المزيد من أعمال العنف، كما وناقشت الندوة مسألة العقوبات الدولية في مثل هذه الحالات من النزاع المسلّح غير الدولي.
كما وناقشت المائدة المستديرة الجوانب القانونية الإضافية المتعلقة بـ:
* حماية المدنيين ومنح الممرات الإنسانية الآمنة وتحريم الاعتقالات العشوائية للمدنيين، واغتيال أو اعتقال الناشطين السياسيين.
* الأنشطة المحظورة مثل تزويد الميليشيات المسلحة بالسلاح وهو ما يضع الجهات مرتكبة هذا الفعل تحت طائلة البنود العقابية بالقانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني.
نداء عاجل إلى المجتمع الدولي للالتفات لمعاناة المدنيين
في ختام أعمال الندوة اتفق المشاركون على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي، وفي مقدمته الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي والأطراف المعنيّة في الصراع إجراءات استثنائية عاجلة لحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة، وتبادل المعلومات بخصوص كل المعتقلين وصولاً لإطلاق سراحهم.
توصيات قانونية
كما وأوصت المائدة المستديرة بما يلي:
* دراسة خيارات العدالة الجنائية المتاحة دوليا بما فيها رفع دعاوى ضد الأشخاص والميليشيات المتورطة في الجرائم التي يعاني منها المدنيين اليمنيين.
* ضرورة الالتزام الكامل بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات مجلس حقوق الإنسان.
* ضرورة العمل على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني من أجل الوصول إلى حل شامل ينهي هذه المرحلة الدموية من تاريخ اليمن.
* مطالبة المنظمات الدولية بتشديد الإجراءات الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب والميليشيات المسلحة، وذلك للحد من الأنشطة المحظورة التي تقوم بها جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة والجهات المتحالفة معها.