اصحاب القبعات الزرق وثوار تشرين
تحت سقف واحد!!!
علي الكاش
أقول: هل سيحول أصحاب البطة العرس الإنتخابي الى مأتم إنتخابي؟ اصحاب البطة هم جماعة ارهابية من التيار الصدري، و(البطة) تطلق على سيارات كانوا يستخدموها لإغتيال الناشطين والمعارضين في محافظة البصرة، واعترف مقتدى الصدر بلقاء تلفازي بأنهم من جماعته، وهدد بهم ثوار تشرين الأبطال.
انتهت العملية الإنتخابية بهدوء وسلام من الناحية الأمنية، وظهرت النتائج الأولية للإنتخابات التي زعمت المفوضية بأنه لا تشوبها اي عملية تزوير قبل أن تطلع على حالات الطعن والشكاوي، وهذا الموقف يذكرنا بالقردة التي قالت لإبنتها أراك أجمل ما في الكون.
ولا مندوحة لنا عن ذكر أن جميع اعضاء المفوضية هم من افرازات الكتل السياسية الحاكمة، لذا فهم تحت رحمة هذه الكتل، أما ما يصدر من آراء حول العملية الإنتخابية من قبل منظمات دولية، فقد ذكر بعض المراقبين ان معظم المراقبين الدوليين لا يلبث سوى ساعة او أكثر في القاعة الإنتخابية ويغادرها تاركا الأمر للمراقبين المحليين، واشارت نقابة المحامين الى المئات من الخروقات داخل وخارج القاعات الإنتخابية، ولا نفهم كيف سيقوم مجلس المفوضية خلال ثلاثة ايام بالنظر في هذه الطعونات والشكاوي التي تتجاوز الألف خلال ثلاثة أيام ويحكم عليها، وهذا يذكرنا بموقف المفوضية السابقة في انتخابات عام 2018 عندما نظرت اللجنة القضائية في ثلاثة آلاف طعن خلال ثلاثة أيام ورفضتها جميعا! بل ان القضاة الذين أعادوا عملية الفرز حكموا بصحة ومطابقة النتائج التي أثبت كل اللجان الرسمية وغير الرسمية انها مزورة، وهؤلاء قضاة قد أحنثوا بيمينهم، ولهم مع الله تعالى وقفة، فالذي يسرق أصوات الشعب لا يختلف عن اللص الذي يسرق ممتلكاته، والغريب في المسألة أن عاد بعضهم الى المفوضية غير المستقلة للإنتخابات.
فاز مقتدى الصدر بأعلى المقاعد، وهذه ظاهرة غريبة لا تحدث الا في المجتمعات الأكثر تخلفا في العالم، بل ربما الهنود الحمر أكثر تحضرا منها، فمقتدى الصدر كما أخبرني حيدر الصدر رحمه الله بأنه” جاهل وغبي”، وأضاف ان محمد صادق الصدرقال عن ابنه” مقتدى لا يٌقتدى به”. لذا من العجب ان يضم التيار الصدري عدد من اصحاب الشهادات العليا مع بعض من اصحاب القبعات الزرقاء وإرهابيو البطة تحت سقف واحد، بل من العجب ان عددا كبيرا من المثقفين والسفراء والإكاديميين والاطباء والمهندسين يقتدون بمن قال عنه ابوه لا يٌقتدى به، هذه حالة غريبة لا يمكن ان تحصل في أي مجتمع إلا العراقي المتمرد على كل القيم السماوية والوضعية، وهذا يفسر الوضع الكارثي الذي يعيش فيه.
بماذا إقتدت شريحة كبيرة من الشعب العراقي بمقتدى الصدر؟
اولا. ان كان بعض العراقيين يقتدون به لأنه مرجع ديني، فهذه ليست حقيقة، فهو رجل سياسة وليس رجل دين، وتحت عمامته كتاب ميكافلي (الأمير) وليس القرآن الكريم، فالرجل كما ظهر جميع اللقاءات لا يفقه من الدين شيئا، وكما عبر نفسه في لقائه مع غسان ابن جدو بأنه “يجفص كثيرا” وطلب عدم نقل اللقاء مباشرة على الهواء. كما ان لقب حجة الله الذي حصل عليه من ايران لا قيمة له، ولم تعترف به مرجعية النجف، وقد وصفه المرجع الشيعي سعيد الحكيم بأنه جاهل، وصدق الحكيم في حكمه. أما تياره فعلاوة على ما ذكرناه، يضم عدد هائل من المجرمين يقودهم نظير ابو بكر البغدادي في الإرهاب جنرال فرق الموت إسماعيل ابو درع، والقسم الآخر يضم عباقرة الجهل والغباء، حسب وصفه لهم، وليس وصفنا.
ثانيا. عندما وصفناه بأنه رجل سياسة، ليس القصد انه من المنظرين السياسيين وله باع فيها، بل هو يشتغل في السياسة شأنه شأنه أي عطار يعتبر نفسه صيدلاني. فمواقفه السياسية أشبه بأمواج متلاطمة، لم يتخذ موقفا واحدا الا وعمل ضده، أو تنازل عنه بخفة الراقصات، ورب الراقصات على حد تعبيره. وهذه ليست الاعيب سياسية كما يظن البعض، بل تردد وتذبذب بالمواقف، وجهل مدقع في علم السياسة، وكان آخرها إمتناعه عن المشاركة في الإنتخابات من أجل العراق، ثم عودته للإنتخابات مجددا وبقوة من أجل العراق ايضا!
ثالثا. عندما يصف البعض مقتدى بالمصلح الكبير، فمن الأجدر ان يجرده من عمامة الإصلاع قبل تجريده من عمامة رسول الله، فهو الجزء الديناميكي في العملية السياسية الفاسدة، والعنصر الأول الفاعل في إتخاذ القرارات السياسية والإقتصادية، وشغل تياره عدة وزارات في جميع الحكومات السابقة، وكانت وزاراته من اسوأ وأفسد الوزارات، سيما وزارتا الصحة والكهرباء، بإعتراف وزير الصحة السابق (جعفر صادق علاوي) الذي إستقال من الوزارة بسبب الضغوط الصدرية على صدره حول صفقات فاسدة. فقد ذكر عن تلك الضغوط” إنها كثيرة منها يشمل تغيير موظفين، ومنها يشمل الحصول على عقود من وزارة الصحة”. وكان عهد المالكي هو الأكثر فسادا في تأريخ العراق، مع هذا كان مقتدى الصدر هو من عضده ووافق على ولايته الثانيه بعد ان أعطاه مهلة (100) يوما للإصلاح، وإنسحب من مهلته دون ان يوضح الأسباب كالعادة! فمن يتبجح بسيد الأصلاح لا يختلف عن العاهرة التي تتبجح بشرفها المصون.
رابعا. عندما يصف البعض مقتدى بسيد المقاومة، فلا نعرف هل المقصود بذلك مقاومة ثوار تشرين والمعارضين لسياسته المتخلفة، ام قوات التحالف؟ لا يخفى عن أحد ما قام به قوات سيد المقاومة ـ اقصد أصحاب البطة والقبعات الزرق من إعمال إجرامية ضد ثوار تشرين، غَفى عنها المدعي العام والقضاء العراق. حتى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي صرح في لقاء تلفازي” لا نسمح بعودة أصحاب البطة”، ولكنها عادت وبقوة.
لا استذكر أي فعل مقاوم لسيد المقاومة سوى موقفين الأول: عندما قام جيش المهدي بمطارة الفلسطينيين في العراق وقتل البعض منهم، واستولى على أملاكهم، وجعلوا يفروا من العراق الى مخيمات على الحدود مع الأردن، مما جعل الرئيس الفلسطيني يناشد الرئيس الراحل جلال الطلباني بحمايتهم من بطش جيش المهدي. والثاني عندما باع جيش المهدي اسلحته لقوات الإحتلال الامريكي. فعن أي مقاومة يتحدث سيد المقاومة؟
خامسا. الصدريون هم النازحون من محافظة ميسان الى بغداد، والذي دمر بهم الزعيم عبد الكريم قاسم العاصمة عندما جعلهم مع مواشيهم سياج للعاصمة بغداد، فنقلوا معهم كل صنوف الجهل والقذارة والأعراف والتقاليد البالية، فبدلا من ان يتحضروا، فرضوا اعرافهم الجاهلية على أهل بغداد، لذا فأهل بغداد لا يحكموا اليوم، بل أهل المحافظات الجنوبية، علاوة على الصدريين من سكان محافظة ميسان وبعض من سكان البصرة، هؤلاء هم مناصرو الصدر، وسبب بلوى العراق.
السؤال المهم: ما الذي قدمه مقتدى الصدر اليهم وهو يمتلك المليارات من الدولارات؟ هل أسس لمستشفى او عيادةة أو مدرسة أو قام بتبليط شوارع في مدينة الصدر والشعلة والحسينية والحرية والفضيلية والكمالية المحسوبة عليه؟ هل قدم مساعدات مادية للفقراء، ومدينة الصدر من أفقر المدن في العراق؟ هل بنى مجمعات سكنية لساكني العشوائيات في تلك المدن؟ هل قام برفع النفايات عن هذه المدن؟ هل قام بتوفير الماء الصالح للشرب اليهم؟ هل زودهم بمولدات كهرباء.
إذكروا لي أي نشاط عيني أو خدمي قدمه الصدر لأتباعه؟ ان كان الجواب سلبي، فلماذا يجري البعض ورائه كالكلاب الضالة؟
المجلس النيابي القادم
مجلس النواب القادم يمثل حوالي 35% من الشعب العراقي فقط، لذا ليس من حق أي نائب أن يقول انه يمثل الشعب العراقي، وله الحق ان يقول انه يمثل من إنتخبوه فقط. المجلس القادم اشبه ببوتقة تحمل متناقضات جسيمة، ثوار تشرين يعادون جميع الأحزاب الولائية، الصدر ضد المالكي، وعمار الحكيم وحيدر العبادي ضد المالكي والأحزاب الولائية، الصدر ضد ثوار تشرين، الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد الإتحاد الوطني الكردستاني، ما يقارب الخمسين نائب مستقل لا نعرف ولاءاتهم بعد، فهل سيبقوا مستقلين مع مزاد شراء المقاعد والتهديد بالسلاح؟
قال تعالى في سورة الأحزاب/67((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا))
علي الكاش