هناك طائفة كبيرة من المجتمع العراقي تعتاش على المظلومية لعقود من الزمن،ويُداهِم افرادها الشعور بالمظلومية بحيث يسيطر على حياتهم ويقيّد تحررهم ويمنع انطلاقهم الى افق الحياة الرحيب.وممايساهم في تعميق هذا الشعور تواجد هذه الطائفة العريضة في بيئة مشحونة بالبكاء والعويل والنّدب.اقول ان الشعور بالمظلومية لدى تلك الطائفة يحول دون الانفتاح على الآخرين،فهم يعتقدون ان جميع الناس ضدّهم،والادهى من ذلك انهم يحيلون ماينتابهم الى ان جميع الناس هم سبب في مظلوميتهم،لذلك فهم يتعاملون مع الآخرين بحذر وتوجّس وعدائية.
ونظرا لوجود هذا الاعتقاد لديهم فانهم يميلون الى الهدم اكثر من ميلهم الى البناء ويميلون الى الخرافات والاساطير اكثر من ميلهم للحقائق والوقائع على الارض.واذا وصلت السلطة اليهم فانهم يميلون الى القتل والتعذيب،والنهب والتسليب، والدّمار والتّخريب.بدلا من اشاعة العدل والاحسان،والاعمار
والبنيان،وتحقيق الامن والامان. وبالعودة قليلا الى ماذكرناه آنفا من ان الّذي يُعمّق ويؤسس لديمومة هذا الشعور هو كون هذه الطائفة تعيش في بيئة مشحونة بالبكاء والعويل ومناظر الدماء
في طقوس وشعائر يتم احيائها سنويا وفي مناسبات متعددة طيلة ايام السّنة وبشكل جماعي تشارك فيها الأُسَر بالكامل بمافيهم الاطفال والنساء،وما يرافق تلك الطقوس من تماثيل وتشابيه ومناظر دماء تسيل على الملابس واللافتات والتصاوير
تعاهدوها لاحياء ذكرى اليمة لعقود من الزمن قد اكل الدهر عليها وشَرِب،هي عودة الى الماضي المظلم يمنع من النظر الى آفاق المستقبل المشرق.
واخير لااخفي على القارئ الكريم سرّا انّي كنت مقيّدا بقيود تلك الطائفة من الناس حتّى قادتني دراستي الجامعية الى صديق كان متحررا من تلك العقائد واستطاع بمرور الوقت ان يستخرج العقد النفسية والشعور المتراكم بالمظلومية من دواخلي.
وانا اليوم ادين لذلك الشخص بالعرفان لاني اصبحت انظر للمستقبّل واتطلّع للثقافات المتعددة واخالط الناس بمختلف اتجاهاتهم الفكرية بما يبعث في نفسي الشعور بالحريّة والسّعادة،وتغيّرت نظرتي للدّين فوجدته مبعث سعادة للانسان
وليس مبعث حزن وبكاء وعويل