أكرمني ربي وأنا في زهرة شبابي، حضور دروس الجمعة التي كان يقدّمها العالم الفقيه المفسّر اللغوي الجيلالي البودالي الفارسي من أولا فارس بالأصنام سابقا وبالشلف حاليا. وكان ذلك قبل زلزال 10 أكتوبر 1980، حين كان يلقي دروس الجمعة في المسجد العتيق، وبعد الزلزال حين تحول إلى المسجد الجاهز بساحة الهلال الأحمر الجزائري.
تحدّث مرات عديدة عن إمامه وشيخه ابن باديس رحمة الله عليهما، باعتباره من أعضاء جمعية العلماء المسلمين، ومن الثلاثة الذين كان يثق فيهم ابن باديس في كتابة المقالات، منهم إمام البيان البشير الإبراهيمي، والثالث لايحضرني الآن إسمه ، نظرا لمستواه العالي جدا في اللغة والأدب.
كان في كل عام يتطرق لمناسبة يوم العلم المصادفة لـ 16 أفريل من كل عام، فيتحدث بإسهاب شديد عن شيخه وإمامنا ابن باديس من حيث تعليمه ، وتقديمه لـ 15 درسا في اليوم، بالإضافة إلى حرصه على تقديم درس الجمعة كل أسبوع، رغم مشاغله الكثيرة والشاقة.
وكان يحدثنا دوما عن ابن باديس الجزائري المولد، الجزائري التعليم، الجزائري الهوية، وبأن شيوخه من الجزائر، وأنه حين ذهب للحج، كان عالما فقيها مفسرا بليغا أديبا ولم يكن طالب علم في بداياته، مايعني أنه لم يأخذ منهم العلم، بل كانوا تلامذته في التلقي والاستماع، لما يملك من مهارات عديدة فريدة في التفسير، والفقه، واللغة، والحديث.
وأشهد الله وأنا في الخمسين من عمري، لم أسمع يوما العالم المفسر البليغ الجيلالي الفارسي، يتحدث عن شيخه ابن باديس بأنه سلفي، ولم ينطق يوما بهذا المصطلح فيما أعلم وأتذكر.
ابن باديس جزائري المنبع والمصب، ويأخذ دينه، وعلمه، ولغته، وفقهه، وتفسيره من السلف الصالح، ومن علماء الجزائر وعلماء الأمة .
وللتدليل على ذلك، نستحضر ماذكره لنا منذ سنوات الإمام الفقيه بوعبدالله عروبين، الذي ظلّ يلقي خطبة الجمعة بين يدي الإمام اللغوي المفسر الجيلالي البودالي الفارسي مدة 10 سنوات، ناهيك عن الجلسات العلمية والخاصة، التي كان يقضيها معه طيلة هذه المدة.
أسأله إن سمع يوما في حديث عام أو خاص أن العالم البودالي وصف شيخه وإمامنا ابن باديس بمصطلح السلفي، فيجيب ..
طيلة العشر سنوات التي قضيتها مع الإمام الجيلالي البودالي الفارسي، لم أسمعه يوما يتحدث عن ابن باديس بأنه سلفي، بل سمعته يتحدث دوما عن ابن باديس الجزائري الذي يستمد علمه وفقه من السلف الصالح وعلماء الأمة.
ثم يواصل قائلا.. نأخذ العلم والمصطلح من الشيوخ، والفقهاء، والعلماء الذين عاصروا ابن باديس، وهؤلاء لم يذكروا لنا يوما أن ابن باديس كان سلفيا.
وقد تحدث الشيخ بوعبد الله عن شيخه العالم البودالي فيما ينقله عن شيخه وإمامنا ابن باديس، أنه ألقى ذات يوم درسا يشرح فيه كتاب ” اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية “، وأنصفه أيما إنصاف.
بقيت الإشارة أن ابن باديس الجزائري والذي ظل ينهل من السلف، كان يسهر شخصيا على ..
إقامة دروس الجمعة، كما جاء في كتاب” مشروعية الدرس قبل صلاة الجمعة والرد على من زعم أنه بدعة ” للعالم الفقيه عبد الوهاب مهية. وقد عرضناه في مقال بعنوان ” مشروعية الدرس قبل صلاة الجمعة “.
وكان يحتفل بالمولد النبوي الشريف، كما جاء في كتاب ” ابن باديس، حياته وآثاره”، للأستاذ عمّار طالبي من 04 مجلدات، دار الأمة، الجزائر، 2009. وقد عرضناه في مقال بعنوان ” المولد النبوي الشريف.. إحتفال ابن باديس بالمولد “.