انتهت عملية تشكيل اغلب مجالس محافظات العراق لدورة عام 2013 للمحافظات التي منح مواطنيها اصواتهم لهذا التيار او تلك الكتلة والحزب السياسيين بناءاً على مقتضيات مصالح المواطنين السياسية وتوجهاتهم الحزبية وميولهم الطائفية ونزعاتهم القومية التي تحكمت، وكل منها على حدة وبحسب شخصية الناخب، في اسباب انتخاب مرشح ما.
الانتخابات، كما افرزت نتائجها، لم تخل من مفاجآت غير متوقعة حينما شهدت حصول تيارات سياسية على مقاعد في مجالس المحافظات كانت قد خسرتها سابقا في مقابل خسارة احزاب اخرى لمقاعد كانت موسومة باسمها في المجالس التي تغير الان معظمها ولم تبق على ماهو عليه في الدورة السابقة.
ادناه بضع الملاحظات التي تركز بوصلة تحليلها ومساراتها نحو ائتلاف دولة القانون والمتعلقة بعملية تشكيل هذه الائتلافات والاليات التي تحكمت باصطفافات هذه الكتل التي دخلت الانتخابات، وما نتج عنها من مراكز استقطاب اثناء الانتخابات، وما ادت اليه هذه ” الخلطات”، بعد ذلك، الى نتائج عكست، في صورة من صورها، مايمكن ان تكون عليه صورة مشهد الانتخابات النيابية في العام القادم.
1- ائتلاف دولة القانون هو ائتلاف السلطة…وهذا يعني انه الائتلاف الاقوى والاكثر سطوة،وبين يديه وتحت تصرفه الامكانيات والقدرات التي لايمتلكها غيره مهما جادل بعضهم ونفى ذلك..بينما بقية الكتل السياسية وتجمعاتها تعد ائتلافات المعارضة لسلطة هذا الائتلاف.
2- هذا يعني ابتداءا ان مايحصل عليه هذا الائتلاف لا يكون نتيجة تصويت الشعب له فقط بل نتيجة اعتباره ائتلاف السلطة، فما يحصل عليه هذا الائتلاف ورئيس الوزراء ينتمي اليه غير مايحصل عليه نفس الائتلاف ورئيس الوزراء لايكون جزء منه.
3- ائتلاف دولة القانون ليس حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي فحسب ! بل هو تكتل يضم عدة احزاب وتيارات سياسية هي تيار الاصلاح، حزب الدعوة الاسلامية- تنظيم الداخل، منظمة بدر، حزب الفضيلة الاسلامية، تيار مستقلون وبعض الشخصيات المستقلة والعشائرية والاعلامية.
4- هذا الاحزاب والتيارت والتنظيمات السياسية المؤتلفة مع بعضها تختلف في اطروحاتها السياسية والفكرية من جهة اولى فضلا عن ان لها مرجعيات دينية، بالنسبة للتيارات الاسلامية منها، مختلفة من جهة ثانية، ولذا لايمكن ان نصف تحالفهم بانه استراتيجي دائمي بل هو تحالف مؤقت براغماتي يخضع لحسابات السياسة وخرائطها.
5- حصول ائتلاف دولة القانون على المركز الاول في المحافظات لايعني ان حزب المالكي السياسي قد حصل على اعلى الاصوات لان هذا الائتلاف، كما قلنا، مكون من عدة احزاب لها فيمكن ان يكون هذا الائتلاف قد حصل في محافظة على 10 مقاعدة ولايحتل حزب المالكي منها الا مقعدين او ثلاثة.
6- كما ان حصول ائتلاف دولة القانون على المركز الاول لايعني انه سيكون قادرا على تشكيل الحكومة في تلك المحافظة لان الكتل الاخرى قد تتحالف ضده وتشكل كتلة اكبر من كتلته والتي بموجبها تتكون الحكومة ، مالم يحصل ائتلاف دولة القانون على اصوات اكثر من النصف حينها سيكون قادرا على تشكيل الحكومة.
7- ان تشكيل الحكومة الحالية في اي محافظة لايمكن ان لايتأثر بالجو السياسي العام في العراق ومايجري فيه من تداعيات واصداء ومشكلات، ولايمكن ان يخرج ايضا عن تحالفات وائتلافات القوى السياسية في البرلمان العراقي الذي يعاني من التشظي والانقسام والاستقطاب الحزبي والطائفي والقومي الحاد.
8- ان نتائج أنتخابات مجالس المحافظات تعطي صورة، لايمكن تجاهل دلالتها او اغفال مضمونها، عما يمكن ان تؤول الي نتائج الانتخابات البرلمانية العامة التي تفصلنا عنها بضعة شهور ، فالصدريون لازالوا يمسكون ببعض مناطق العراق وتيار الحكيم قد ظهر بقوة من جديد ليصبح رقم لايمكن انكاره وجوده بعد تراجع سابق جعل من المجلس مجرد اسم سياسي.. كل ذلك حدث في مقابل تراجع واضح لائتلاف المالكي مقارنة بالنتائج التي حصل عليها سابقا.
9- خريطة المشهد السياسي السني تختلف الى حد ما عن نظيرتها الشيعية ، اذ ظهر تشكيل سياسي جديد تحت مسمى ” تيار متحدون” تشكل من اتحاد بعض مكونات وتيارات واحزاب القائمة العراقية التي تم الاعلان عن وفاتها منذ اشهر! ، هذا التيار الجديد الذي اضحي الان ممثل السنة الاول في العراق والذي يقوده رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي يمثل ، من وجهة نظري،الطرف السني المتطرف الذي يستند في طروحاته على التوجهات الطائفية والمذهبية ، والذي حصل على المركز الاول في الانبار والموصل وديالى ونال منصب رئيس مجلس محافظة بغداد.
10-دخول التيار الصدري والمجلس الاعلى في تحالف مع متحدون قد يفضي الى تكتل قد يغير من وجهة الخريطة السياسية في العراق في المرحلة المقبلة خصوصا مع الزخم الذي منحهم اياه تفاهماتهم في بغداد وديالى والتي افضت الى حصولهم على منصب المحافظ ورئيس المجلس.
11 – خطورة ماجرى على دولة القانون ان التيارات والكتل السياسية الشيعية والسنية المناوئة له قد احتلت مراكز كبرى في نتائج الانتخابات وبالتالي فان توحدها ضده يعني سحب البساط من تحته ، وهذا ماحدث في بغداد وديالى مثلا، اذا استطاعوا من تشكيل تحالف سيطروه به على المناصب الحكومية في المحافظة بشكل كامل ، وقد يقومون بالشيء نفسه في البرلمان العراقي المقبل اذا حققوا نجاحات كبيرة في الانتخابات فضلاً عن استقطاب بقية الكتل نحو تحالفهم ومنعهم من التحالف مع ائتلاف دولة القانون.
12- يبقى الاكراد عنصر مهم ومحوري في التحالفات الجارية على مستوى البرلمان المقبل اذ بدونهم من الصعب ان تتشكل حكومة في العراق، وسيسعى كل من تحالف المالكي من جهة وتحالف ” التيار- المجلس – متحدون” من جهة ثانية لمحاولة جذب الاكراد نحوهم وتشكيل ائتلاف كبير معهم ،وهو الامر الذي سيعود في رفضه او قبوله للاكراد نفسهم الذين تستند تحالفاتهم على مصالحهم ورؤيتهم السياسيتين المستقلة.
13- واضح جدا حجم التحدي الذي يواجه ائتلاف دولة القانون في المرحلة المقبلة في ظل معطيات نتائج الانتخابات الحالية الذي خسر، فيها، برغم ربحه ! او ربح، فيها، بطعم الخسارة ! ولذا عليه مراجعة ذاته وقراءة ادبياته الواقعية على المستوى العمودي السياسي والافقي الاجتماعي من اجل تقييم مستوى ادائه ومايمكن ان يكون عليه مكانه في البرلمان المقبل.