انهم يسرقون انتباهنا
ادهم ابراهيم

مما لاشك فيه التأثير الكبير للتكنولوجيا الحديثة على كل مفاصل حياتنا .
نحن نستخدمها باستمرار ، سواء في حياتنا الشخصية أو المهنية ، ورغم فوائدها الجمة الا ان لها تأثيرات سلبية ، فقد رافقتها بعض الاضطرابات في طريقة حياتنا وسلوكنا .

ومن هذه السلبيات ظاهرة التشتت الذهني او تشتيت الانتباه التي اخذت تؤثر في حياتنا الخاصة لكثرة المعاناة من آثارها السلوكية والانتاجية .
ويمكن تعريف تشتت الانتباه بانه عملية تحويل انتباه الفرد أو المجموعة عن المهمة القائمين عليها ، وبالتالي عدم تحقيق الاهداف المطلوبة او ارتكاب اخطاء جسيمة .

سرقة انتباهنا

         عملت الشركات الكبرى على تحقيق الدخل العالي من وسائل التواصل الاجتماعي ، والإعلانات الموجهة ، واليوتيوب ، والتطبيقات الاخرى ، واستطاعت سرقة انتباهنا بشكل منهجي وعلى نطاق شخصي واقتصادي .
حتى اصبح لدينا الكثير من الإلهاءات حولنا مما يتطلب الوقوف عندها ومعالجتها للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة .

تقول رائدة الأعمال البريطانية بليندا بارمار “ان هناك صناعة كاملة مكرسة لإلهاءنا ، ومعظمنا لا يدرك ذلك ” ، وان العبودية في الأزمنة الحديثة لاتنصب على عملنا الجسدي ، بل على انتباهنا”.

مصادر تشتت الانتباه

تأتي مشتتات الانتباه من مصادر خارجية اوداخلية.
 وتشمل عوامل التشتت الخارجية الضوضاء والمحفزات المرئية او الطقس مثل الامطار والعواصف
او ذات صلة بالبيئة المحيطة مثل الطيور والحيوانات وكذلك الموسيقى والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية والفديوهات الموجهة والاعلانات .
اما عوامل التشتت الداخلية فتشمل الجوع والتعب والمرض والقلق وأحلام اليقظة.

ربطت كثير من الدراسات مؤخرًا بين الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من التطبيقات الرقمية وظهور أعراض تشتيت الانتباه .
فعند تدفق البيانات من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والاعلانات والفديوهات ، تجد صعوبة في التركيز على عملك وتصبح مضطرا لممارسة مهام متعددة في وقت واحد ، مما يتسبب في التشتت الذهني .

           أن الأدلة العملية تثبت أن متعددي المهام لا يتمتعون بموهبة استثنائية، بل أشارت دراسات إلى أن الأشخاص الذين يؤدون مهمتين أو أكثر في آن واحد، مثل مشاهدة التلفاز ومطالعة البريد الإلكتروني، يرتكبون أخطاء أكثر من غيرهم ممن يركزون على مهمة واحدة.

وهذا يرجع إلى أن أدمغتنا لا تستوعب إلا عدد محدود من المعلومات في لحظة معينة، وقد يؤدي الالتزام بتأدية مهام عديدة في يوم العمل والتنقل الدائم بين المهام إلى إهدار الوقت بدلا من توفيره واستغلاله .
    ان تعدد المهام يتيح لك القيام بمهام كثيرة ، ويمنحك وهم بالكفاءة والقوة ، ولكنه غالبًا ما يكون غير فعال أو حتى خطيرًا على صحتك النفسية والجسدية .

إن ممارسة اعمال متعددة في وقت واحد يشتت الانتباه ويقلل من قدرتك الفكرية ، ويؤدي إلى انخفاض معدل ذكاءك ، ويجعلك ترتكب ألاخطاء ، أو تفوتك أدلة خفية ، مما يؤثر سلبا على مستوى الاداء أو حتى التوقف عن العمل عندما يتعذر مواصلته بالشكل الفوضوي ، وهذا يؤدي بالنتيجة الى  عدم استثمار الوقت لصالحنا .
وفي النهاية تفقد الهدف الأساسي المتمثل في تحقيق تركيز عال لانجاز العمل باتقان وبراعة .

ومن المثير للاهتمام أن استخدام وسائل الالهاء بكثرة مثل التواصل الاجتماعي والفديوهات وغيرها له آثار سلبية على الشباب وكبار السن على حد سواء ، فهو يؤدي إلى السلوك القهري والعزلة والقلق لدى الشباب . . مع انخفاظ المهارات وضعف التركيز والذاكرة عند كبار السن .

ان الانجازات الفاعلة والابداعات لا تأتى إلا بالتركيز على العمل الذي بين أيدينا ، وعدم الالتفات إلى ما عداها، لأن مشتتات الانتباه على اختلاف أنواعها ستحول بيننا وبين تحقيق الهدف ، او احيانا ارتكاب مخالفات جسيمة .
وقد يؤدي تشتت الانتباه الى المسؤولية الجنائية ، فاذا كانت أفكارك المتطفلة تمنعك من التركيز على قيادة السيارة مثلا ، او انشغالك بالهاتف النقال واصطدمت بطريق الخطأ بشخص يعبر أمامك او راكب دراجة ، فسوف تواجه عواقب وخيمة . 

واضافة الى ذلك فان الالهاء اوتشتت الانتباه يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التوتر النفسي ، والاثر العاطفي السئ .

ومن جانب آخر فان بعض الحكومات تعمل على تشتيت انتباه المواطن باخبار او احداث مفتعلة من اجل صرف انتباهه عن قرارات خطيرة قد تحدث ردود فعل غير مرغوبة ان تم التركيز عليها . 

ان جسدنا هو محرك حياتنا . وأفكارنا تحقق إنجازاتنا . وان بيئتنا تسمح لنا بزيادة انتاجيتنا بدون المشتتات ألذهنية .
ولذلك أصبح من الضروري معرفة كيفية التحكم في مشتتات الانتباه ، ونتعلم ادارة حياتنا بانضباط تام من أجل تقليل الضغط المستمر من مصادر الالهاء وعلى الاخص التكنولوجيا الرقمية التي تشتت انتباهنا باستمرار ، وهي  بلا شك تسبب ضغوطًا كبيرة على صحتنا العقلية والجسدية ، وتقلل من انتاجياتنا وكفائتنا او ابداعاتنا .

ادهم ابراهيم