حين يعود المرء إلى 3 سنوات خلت، وهو يتحدث عن أحداث تونس، التي أطاحت بزين العابدين، يجده معجبا بأمرين: المستوى الثقافي العالي للتونسيين، ونطق التونسيين للغة العربية، نطقا جيدا ، وبليغا ومفهوما.
وبمناسبة إحتفال الأخوة في تونس بمرور ثلاث سنوات على الأحداث التي مرت بها تونس، يلاحظ المرء من جديد تمسّك التونسيين باللّغة العربية السليمة، فيلحظها المتتبع في .. الخبّاز، واللّحام، وبائع الخضر، والسّباك، والجزار، والنجار، والخيّاط، والبنّاء، بالإضافة إلى المهن العلمية الأخرى. ويلاحظها أيضا في تدخلات التونسيين عبر وسائل الإعلام العربية المختلفة، الناطقة باللغة العربية، فهم ينطقونها أفضل من أيّ أستاذ استدعاهم. وتكمن أهمية هذا النطق في كون الحصة تبثّ على المباشر، ولاتسمح للضيف أن يعدّ نفسه وماسيلقيه، ناهيك عن الأسئلة المحرجة التي لاتكون عادة في الحسبان، بالإضافة إلى أنها تتضمن مواضيع شائكة، يصعب ضبطها، وربما مع ضيوف يخالفون الرأي ويهاجمونه.
إن المستوى الثقافي العالي في تونس، والمبني خاصة على أصول زيتونية عريقة نقية، واحتكاك سليم بالثقافة الغربية، هو الذي سيحميها من الثقافة الدخيلة عليها، التي لم يعرفها التونسي من قبل، ولم يتربى عليها إطلاقا .. كالتفجير، ونبش القبور، وحرق الكتب، ورفض الآخر، والاغتيالات، وتصدير الشباب ليقتلوا إخوانهم في سورية، ويدمروا حضارة، كانت انطلاقة لحضارات.
إن تونس تمر بمرحلة انتقالية صعبة، نسأل الله أن تمر بسلاسة ويسر، ويوفق القائمين عليها للخروج من هذا النفق. وعلى الأخوة والجيران، أن يقدّموا لها الخبرة التي يملكون، والمال الذي بحوزتهم، والطاقات التي يدّخرونها.