إستعراض العضلات قبل الانتخابات
سلام محمـد العبودي
Ssalam599@yahoo.com
قال عز من قائل, في كتابه المبين من الآية 49 سورة الأنفال” ولا تَنازَعُوا فتفشَلوا وتَذهَبَ ريحكم.”
عندما سقط نظام الطغيان ألصَدامي, وسط استبشار الشعب العراقي, بسقوط ذلك النظام الذي أذاق العراقيين, ويلات المقابر الجماعية والحروب والحصار, لتعود قوى المعارضة من المهجر, إلى أرض الوطن, رافعة شعار الحرية وإنقاذ الشعب العراقي, وإعادة كرامة وحقوق شعب العراق, من خلال انتخابات يفترض أن تكون نزيهة, لاختيار برلمان يمثل أعضاؤه, مكونات الشعب العراقي.
كان اختيار النظام البرلماني, من قبل الشعب العراقي, باستفتاء من المرجعية العليا, مفاجأة لأمريكا ومن معها, من دول التحالف والجوار العربي, فقد كانت أمريكا تريد, إلغاء نظام حزب البعث, والإتيان بنظام جديد, يتوافق ومصالحها في المنطقة, فحركت أذرعها من القوى الطائفية, المعروفة بأجنداتها الإرهابية, وكما فعلت في أفغانستان, باتفاقها مع تنظيم القاعدة وطالبان.
أقر دستور دائم للعراق, حدد نظام الحكم عام 2005, الذي يحدد في المادة الخامسة, أن السيادة للقانون, والشعب مصدر السلطات, ومن المادة الساسة, أن يتم تداول السلطة سلمياً, عبر الوسائل الديمقراطية, المنصوص عليها في هذا الدستور, ومما جاء في المادة التاسعة ( ب ) “يحظر تكوين ميلشيات عسكرية, خارج إطار القوات المسلحة” لحفظ البلد من الصراع المسلح, وانتشار الفوضى السياسية والاجتماعية.
بالنظر للاختلافات السياسية, ودخول بعض الأحزاب والحركات, في العملية السياسية, انحرف التطبيق عن الدستور, فبدلا من حكم الأغلبية الانتخابية, اتخذ الساسة نظام المحاصصة, والتوافق بتوزيع المناصب الحكومية, فصعد رؤساء الكتل والمقربين منهم, دون التأكيد على الكفاءة والنزاهة, ساعد جاء في المادة 18 رابعاً” يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصباً سيادياً, أو أمنياً رفيعاً, التخلي عن اية جنسية أخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون” .
إنتشر الفساد وشاع الفشل, بسبب مخالفة الدستور, ما سبب امتعاض المرجعية العليا, فأصدرت البيانات المتتالية, تتضمن وصايا للساسة المتصدين للحكم, الالتزام بما ألزموا به أنفسهم, بتحسين الواقع الأمني والاقتصادي, للمجتمع العراقي دون تميز, والحد من التمايز الطبقي والمادي, بين كافة مكونات وطبقات الشعب, وتوفير الخدمات ومحاسبة الفاسدين, وإبعاد الفاشلين الذين لا يتمتعون بالكفاءة.
طفح الكيل ولم يرى العراقيون, ما كانوا يأملون, بعد سقوط الصنم, فقد ساءت أوضاع العراق, فقد أساء العراقيون اختيارهم, لحداثة التجربة الديمقراطية, فعادت المرجعية العليا لوصاياها, ولكن هذه المرة للشعب, بعد أن أوصدت أبوابها, أمام الساسة الفاشلين وقالت” المجرب لا يجرب” فظهر شعار من جانب آخر للتضليل, يوحي للتفكير الجمعي, كي يضيع الأبتر بين البتران, وعدم محاسبة كل مسئول حسب مسؤوليته.
وصل المواطن العراقي, لإحباط ما بعده إحباط, فقاطع الانتخابات بأغلبية واضحة, لفقدانه الأمل بالتغيير, ليستغل من يتحين الفرصة لإسقاط النظام, بما يشبه ( الربيع العربي), في بعض الدول العربية, فانتشرت الفوضى الخلاقة, وسالت دماء زكية, وظهرت مجاميع من المجرمين, تغتال وتقطع الطرق وتمنع الدوام, وتحرق الدوائر الحكومية, ومكاتب الأحزاب التي لم ترق لهم, إضافة لمكاتب الحشد الشعبي, الذي حرر الأرض من داعش.!
اقتربت الانتخابات التي كان مؤملاً, أن تكون انتخابات مبكرة, وسط حالة من السخط الجماهيري, وانفلات للسلاح وشحن الغضب, من بعض المجاميع المندسة, ليصبح أمر لقاء المرشحين شبه مستحيل, لينادي بعض الساسة, بشعار العودة للنظام الرئاسي, الذي يعيد الدكتاتورية للساحة.
كلٌ يستعرض عضلاته قبيل الانتخابات, منهم يمتلك عضلات عقله, للتغيير بحكمة نحو الأفضل, ومنهم من يسعى للبقاء, مستفيدا من الأزمات الماضية, عن طريق امتلاكه عضلات المال السياسي, وجزء بعضلاته التي تحمل السلاح, فهل سيتمكن المواطن من التمييز, كي يعرف الغث من السمين؟
يُنسب إلى أمير المؤمنين علياً عليه الصلاة والسلام, أنه حَذَّر من الإنسان الشرير,عند قيام الدولة وزوالها، حيث يقول عليه السلام: “احْذَرِ الشِريرَ عِند إقبال الدولة, لِئلا يُزيلها عنك، وعند إدبارها لِئلا يُعِين عليك”.