كل شيء من اجل المعركة “تحرير فلسطين” !!!، شعار رفعه البعث لسنوات طوال ليقمع به شعبنا ومعارضيه من مختلف الفصائل السياسية، فبه قمع الشعب الكوردي وبه رسّخ دكتاتوريته و ضرب الاحزاب الوطنية والقومية والاسلامية، وبه سخّر إقتصاد البلد لعسكرة جيشه الذي فقد بوصلته مرّة بإتجاه إيران وأخرى بإتجاه الكويت وأخرى لقمع شعبنا في إنتفاضة آذار. وبهذا الشعار كانت الاحكام العرفية غير المعلنة هي التي تتسيد الساحة السياسية العراقية وقتها فالمظاهرات والإضرابات والإعتصامات كانت تقابل بالتصفية الجسدية المباشرة إن حدثت.
رحل البعث وجاء الدعاة الى سدة الحكم على نفس القطار الامريكي، ولأنهم من راكبي القطار هذا فإنهم يقلدون البعث في كل شيء تقريبا وأحيانا بشكل اكثر إحترافية كما حالهم مع نهب ثروات البلد ورهنهم العراق كما أمثالهم الاسلاميين لبلد جار كونه من نفس طائفتهم. ومن جملة شعارات البعث التي رفعها الدعاة اليوم وللحيلولة دون إستمرار التظاهرات الشعبية وإنهائها تلك التي تطالب بإصلاح ” نظام سياسي ” فاسد وفاشل أوصل البلد الى ما هو عليه اليوم تحت حكمهم وباقي المتحاصصين ، هو شعار ” كل شيء من اجل المعركة” والمعركة هذه المرّة هي تحرير الفلوجة” !!!.
الفلوجة التي بقيت محتلة منذ عام 2013 لليوم ومنها كانت تنطلق السيارات المفخخة حسب تصريحات المسؤوليين الأمنيين عهد حكومتي المالكي وعلى رأسهم أسوأ مسؤول أمني عرفه العالم أي الدعوي عدنان الاسدي، لتحول شوارعنا عهده الى أنهار دماء وسماواتنا الى دخان ممزوج بأشلاء الأبرياء، لم يكن تحريرها من اولويات حزب الدعوة المسؤول الاول عن تسليم ثلث مساحة البلاد لتنظيم داعش الارهابي على الرغم من خطورة الموقف فيها وكونها اقرب مدينة محتلة من داعش للعاصمة بغداد. فماذا جرى اليوم، ولماذا خرج الدعاة اليوم ومعهم أقطاب المحاصصة والسفارةالامريكية، في حرب هدفها عودة ” الفرع الى الأصل ” !!
إن الحرب لتحرير الفلوجة وهو واجب وطني قبل كل شيء لم تبدأ بسبب إستمرار التظاهرات المطالبة بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، والا لكانت بدأت بعد الشهر الاول أو الثاني وحتى الخامس او السادس لانطلاقتها خصوصا وأنها رفعت ولاول مرّة شعار غير مألوف عند ساسة العراق ورجال الدين، وهو شعار ” بإسم الدين باگونه الحراميه” وما لهذا الشعار من وقع ومعنى. كما ولم تبدأ المعركة ” تحرير الفلوجة” حتّى عندما دخل المتظاهرون مبنى البرلمان التي ستعرف مستقبلا بحادثة ” القنفة”، بل بدأت تحديدا بعد دخول المعتصمين لمبنى مجلس الوزراء بأسبوع واحد تقريبا وذلك بعد إستخدام القوة ضد المتظاهرين وسقوط أربعة شهداء وجرح العشرات منهم.
إن الدعاة يعرفون جيدا معنى الدم في مثل هذه الحالات من خلال تجربتين قريبتين منهم، اولهما أن الدم سيزيد الهيجان الشعبي ويكون عاملا اساسيا في أن تأخذ التظاهرات مديات أوسع بمشاركة جماهيرية أكبر كثافة، وهذا ما حدث بالضبط في أيران أثناء ثورة شعبها ضد النظام البهلوي الفاسد. إذ كانت التظاهرات التي تلي أستشهاد المتظاهرين برصاص قوات الشاه تتحول الى تظاهرات صاخبة حيث جثامين الشهداء في مقدمتها لتشييعهم الى المقبرة، وفتحت تلك التظاهرات أخيرا وبلون الدم الاحمر قبر النظام الشاهنشاهي البغيض. والتجربة الثانية هي أن الدعاة وعلى لسان زعيمهم ليسو سوى طلّاب ثأر وفق مبدأ عشائري يقول ” الدم بالدم” وهم الذين روجّوا له وشجّعوه، وهذا يعني وهم يعرفون ذلك جيدا أن ذوى الشهداء وعشائرهم سيكونون في مقدمة المتظاهرين لاحقا ممّا سيتسبب في شدّة التظاهرات وعدم معرفة نهاياتها و حسمها. فما العمل؟
العمل، هو رفع الشعار البعثي الدعوي المشترك ” كل شيء من اجل المعركة “، وليبدأ به قرار تحرير الفلوجة. ولأن التحرير هذا يحتاج الى جهود القوات الامنية والعسكرية إضافة الى متانة الجبهة الداخلية، فالتظاهرات يجب ان تتوقف لحين استكمال تحرير الارض العراقية المحتلة بأكملها !!! أي منح حكومة المحاصصة صكا مفتوحا بما تريد أن تنهبه من اموال البلد وقروضه وحتى الاموال العراقية المجمدة التي يعملون اليوم على تحريرها من البنوك العالمية.
إن عدم إلتزام أية جهة سياسية عهد البعث بشعار ” كل شيء من اجل المعركة” كان يتعرض لتهم شتّى كالجيب العميل كما الكورد والخونة كما الشيوعيين وفرس مجوس وعملاء إيران كما حزب الدعوة الحاكم اليوم. ولأن ركاب القطار الامريكي لهم نفس المعلم ونفس اسلوب التدريس نرى الدعاة اليوم وعلى خطى الطغاة، يتهمون المتظاهرين كونهم بعثيون!!! وعليهم عدم التظاهر حتى إنتهاء المعركة. أية معركة الفلوجة ؟ الموصل؟ عشرات القرى والبلدات في كركوك وصلاح الدين والانبار!!!؟؟؟؟
إنّ الدعاة كما البعثيين لايستحون فها هو ” صلاح عبد الرزاق ” القيادي في حزب الدعوة ودولة اللاقانون يطالب المتظاهرين بالكف عن التظاهر لعدم إشغال السلطات عن هذا الامر ليقول ” أن “ذلك يتطلب عدم إشغال الحكومة والقوات الأمنية بحماية المتظاهرين والمؤسسات الرسمية والمال العام”، دون أن يسأل هذا الدعوي نفسه إن أين كانت القوات الحكومية وهي تترك داعش يسرح ويمرح في بلدنا وهي متواجدة بعشرات الالاف لحماية الزوار مرّات عدّة كل عام ولسنوات عديدة!!، الا تستطيع السلطات ان تضع بضع مئات من قواتها لحماية المتظاهرين. إعتبروا المتظاهرين زوارا وهم كذلك فعلا كونهم زوار للحرية والوطن ولتكن هناك قوة لحمايتهم من بطشكم قبل بطش الارهاب.
ولأن الدعاة لا يعتبرون الفساد هو الوجه الثاني للإرهاب ترى عبد الرزّاقهم هذا يطالب المتظاهرين بالذهاب الى الفلوجة لقتال الدواعش ، إذ حثّ “المتظاهرين إلى الذهاب لجبهات القتال لدعم المقاتلين والدفاع عن الوطن، وتأجيل التظاهرات إلى ما بعد تحرير الفلوجة” متناسيا أن خطر حزبه وهو يقود الفساد لا يقل عن خطر تنظيم داعش الارهابي. إنّ المعركتان مقدّستان ولن ننجح في هزيمة داعش ما لم ننجح بمحاربة الفساد وإصلاح النظام السياسي المتهالك والطائفي من خلال إستمرار التظاهرات السلمية حتى تحقيق الإصلاحات الحقيقية وتطبيقها.
أليس من العار أن تعرف مصدر الخبز واللحم والأقمشة والأحذية وتجهل مصدر الفضيلة مع انها الميزة الوحيدة بين الانسان والحيوان ” حوار بين سقراط وتلميذه كسينوفون” .
أليس من العار أيها الدعاة أن تعرفوا مصادر النهب والقتل والطائفية وخيانة الوطن ورهن ثروته الوطنية وتجهلون معنى الفضيلة ليعيش شعبنا بكرامة ، او لستم مسلمون وعلى خطى آل البيت سائرون!؟؟