ما حدث ويحدث بين أردوغان وبعض الدول الأوروبية، هو ما حدث ويحدث بين مختلف الدول بغض النظر عن تاريخها، وموقعها الجغرافي، ومصالحها الماضية أو الحالية أو المستقبلية.
تبعث تركيا بوزير خارجيتها ووزيرة للالتقاء مع مواطنيها في بعض الدول الأوربية حول التعديلات الدستورية المتعلقة بتوسيع صلاحيات الرئيس أردوغان.
تستقبل فرنسا المبعوث التركي في أراضيها ليلتقي مع الجالية التركية بفرنسا بصمت وهدوء، وترفض ألمانيا وهولاندا إستقبال الوزراء التركيين للإلتقاء بالجالية التركية هناك.
ودون الدخول في أسباب الإصرار التركي والرفض الأوربي الذي يعني أولا أصحاب الجالية وأصحاب الأرض، فالمسألة عادية جدا وتحدث بين الدول، ويتم بعدها تجاوز المسألة بعد جلسات أو مباحثات في ظروف عادية جدا.
وبين يدي الان بيانا للاتحاد الذي يرأسه يوسف القرضاوي وموقع من طرفه (1)، الذي ينظر للمسألة التركية الأوربية من وجهة نظره لمن أراد أن يعود للبيان كاملا، ولن يتدخل صاحب الأسطر فيما جاء في البيان. لكن سطرا جاء في البيان هو الذي دفع بقوة صاحب الأسطر لخط هذه الأحرف، وهو: “.. وبخاصة النظام الذي يدعو إليه أردوغان الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية، التي تجعل أمير المؤمنين أو الرئيس الأعلى هو رقم واحد في السلطة”، وعليه كان هذا الرد:
أردوغان رئيس دولة كغيره من رؤساء الدول، يسعى لتحقيق مصالحه كغيره من الرؤساء، وشعبه هو الذي يثني على ما يراه إنجازا أو ينتقد ما يراه أخطاء. لكن المصيبة الكبرى أن بعض فقهاء المسلمين يبررون أقوال وأفعال السلطان.
على أيّ أساس إعتبر القرضاوي النظام الرئاسي بشكل عام والنظام الرئاسي لأردوغان ” يتفق مع التعاليم الإسلامية “، وهذا ما لم يقله أردوغان بنفسه، وكان يكفي القول أن النظام السياسي الرئاسي هو شكل من أشكال الأنظمة السياسية السائدة بغض النظر عن سلبياته وإيجابياته، وعن بعض الدول التي مازالت تجرب النظام الرئاسي كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية.
لن نتدخل في خيارات أردوغان فهذا شأنه، فليختار النظام السياسي الذي يراه مناسبا لطموحاته ومصالحه، لكن نبقى نتحدث وباستنكار شديد لما ذكره القرضاوي من تبرير وإعطاء صبغة القداسة لنظام سياسي رئاسي كغيره من الأنظمة، ومن هنا جاء التحذير من الفقهاء الذين يبررون للسلطان.
كان على القرضاوي أن يكتفي بتقديم نظرته و نظرة الاتحاد لما هو قائم بين تركيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وحينئذ يحترم رأيه بغض النظر عن موافقته أو معارضته، عوض التبرير لـ “أمير المؤمنين” و “رقم واحد في السلطة”.
نظل نستنكر تبرير الفقيه للسلطان، عربيا كان، أو تركيا، أو إيرانيا، أو فرنسيا، أو أمريكيا، أو روسيا، ومهما كان شكل النظام السياسي، ومهما كان إسم الفقيه الذي يبرر للسلطان.