بكى الرجل حتى إبتلت لحيته، لم تكن للرجل لحية بالمعنى المعروف عند المتدينين أو لدى الجماعات الدينية التي ينتمي الى واحدة منها. كانت دموع الرئيس التركي معبرة عن حزن عميق وهو يرى الجيش المصري يسحق إعتصام ساحة رابعة العدوية في وسط القاهرة التي إتخذها إخوان مصر مكانا لتجمع الأنصار من مختلف المحافظات للوقوف بوجه حركة الجيش المصري التي أنهت عام حكم واحد لمحمد مرسي وأعادت النظام العسكري ليتصدر الواجهة كما هو المعتاد منذ العام 1952 .

أوردوغان الذي راقب المشهد المصري وهو يتغير وينهي حلمه ببناء الدولة الإسلامية من إستنبول حتى شمال أفريقيا لم يكن لينتظر سيسي جديدا يطل عليه من نافذة قصره ويطلب منه الإستسلام وهو بالفعل يخشى المؤسسة العسكرية ويخاف من مصير مشابه للذي حصل للرئيس المصري السابق محمد مرسي المودع في السجن ومعه أبرز قيادات الإخوان وظل يتربص ويدبر الأمر ليفكك المنظومة العسكرية ويعيد بناءها على وفق رؤية خاصة بحزب العدالة والتنمية الذي هو جزء من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وهو مايفسر الإشارة التي رفعها أوردوغان ولوح بها لإنصاره عند بوابة مطار إستنبول وكانت إشارة رابعة المشهورة.

الرئيس التركي الذي أفشل إنقلاب تموز تمكن من فرض نفوذه الكامل الى حين على المؤسسة العسكرية وصار يطارد ضباطها الكبار والصغار من مدينة الى أخرى ومن قاعدة عسكرية الى غيرها ويرمي بهم في السجون ، بل وسمح لانصاره أن يعروا الجنود ويجلدونهم بأحزمتهم الجلدية ويتركونهم بملابسهم الداخلية فرجة للناس ولوسائل الإعلام والنظارة في مختلف أنحاء العالم، وليعلن بكل صراحة انه لن يسمح لأحد بالتطاول عليه من أركان المؤسسة العسكرية وإن زمن الإنقلابات قد ولى. وكان واضحا إن الدول التي رفضت سقوط إخوان مصر كانت مؤيدة لإجراءات أوردوغان كإيران، بينما كانت مصر تنتظر الخبر السار لترى أوردوغان كصديقه مرسي في السجن وهو مالم يحصل، في حين راوح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مكانه وبقي ينتظر ليعلن التأييد للمنتصر.

المنظر كان مختلفا بين إستنبول والقاهرة، فبينما كان الجنود المصريون يطاردون الإخوان المسلمين في أزقة وحواري مصر، كان إخوان تركيا يطاردون الجنود الفارين من غضبهم في قونيا وأنقرة. منظران سيظلان في الذاكرة لفترة طويلة.. أوردوغان يقول، إنني لم أستطع التغلب عليكم، لكني لم أخسر. نحن متعادلان.