آفات إجتماعية قاتلة (34)
شبابنا ومهازل السبايكي..الوشم..البنطال الممزق ..ثقافة الهب هوب الممزوجة باﻹيمو !

قال تعالى :” وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا” .

أحمد الحاج
شهد العراق المبتلى بدكات عشائرييه ، فساد جل سياسييه ، نفاق بعض واعظيه ، غياب معظم وطنييه ، إنفلات عصاباته ومسلحيه ، في اﻵونة اﻷخيرة تقليعات عجيبة لم يكن لها وجود فيه رافقتها حملات شنتها السلطات المختصة لإغلاق الملاهي الليلية غير المرخصة في كردستان تزامنا مع حملات مماثلة لغلق مراكز المساج غير القانونية في بغداد بواقع 52 مركزا وملاحقة مرتدي شورت البرمودا الرجالي في اﻷماكن العامة في كل من اﻷنبار وكركوك ، وبقدر ما إنطوت عليه هذه الحملات من إيجابيات ، فإنها حملت في طياتها بعض السلبيات التي أثارت إستهجان المراقبين وسخرية الناشطين ، اذ إن اﻷصل فيها يجب أن يكون موجها لملاحقة تجار البرمودا ومنع إستيرادها ودخولها عبر المنافذ الحدودية والنقاط الجمركية ﻻ مطاردة مرتديها وحلق رؤوسهم وإحتجازهم كالمجرمين في مراكز الإحتجاز ، فأغلب هؤلاء هم من عشاق الموضة الباحثين عنها حيثما وجدت جريا على العادة وتماهيا مع آخر الصرعات وتقليدا لمشاهير الرياضة والفن ، ولاغرو في أن وجودها مبذولة في اﻷسواق والمولات من غير حسيب ولا رقيب يغريهم بشرائها بخلاف ما لو كانت ممنوعة ومحظور إستيرادها وبيعها أساسا ، فهذا الشورت البرمودا الذي إخترعه الانجليز ليكون لباس الجيش في اﻷماكن الحارة والمناطق الاستوائية وإرتداه الجيش والبوليس العراقي أيام الانتداب البريطاني والعهد الملكي ولعل شورت برمودا “عريف شلتاغ” أشهر من نار على علم ، قد بدأ رجوليا وعقلانيا ، واسعا ، فضفاضا ، تحت الركبة لا يشف ولايصف عورات الرجال ، اﻻ أنه سرعان ما ضاق ، تخَنثَ ، ومن ثم إنحسر ليصعد فوق الركبة بنصف شبر وصولا الى شبرين حتى بات أشبه ما يكون بالسراويل الداخلية الرجالي اﻷمر الذي أثار إشمئزاز العوائل المحافظة وحفيظة اﻷسر الكريمة لمخالفته الشرع والذوق واﻷعراف والتقاليد ، بالمقابل فإن الإجراءات السليمة إنما تكون بغلق جميع الملاهي الليلية التي أصبحت مواخير للمجرمين والقتلة والسراق وتجار المخدرات والرقيق اﻷبيض واﻷعضاء البشرية والسلاح ولاعبي القمار في وقت تشهد فيه البلاد إرتفاعا غير مسبوق بمعدلات الإصابة بنقص المناعة المكتسبة وبقية اﻷمراض الجنسية الفتاكة على غير سبق مثال ، ﻻتخير غير المرخصة منها فحسب ربما لإبتزاز أصحابها ماليا ﻻ أكثر ، ذاك أن ترخيصها لايمنحها الشرعية وﻻ يضفي على رذائلها ومخدراتها ودعارتها الحصانة الإجتماعية واﻷخلاقية البتة ، أما عن مراكز المساج التي تمارس مخالفات أخلاقية وقانونية وبعضها يروج للبغاء فالسؤال اﻷهم بشأنها هو كيف تم إفتتاح كل هذه المراكز إبتداءا من غير رخص صحية وﻻ إجازات عمل رسمية طيلة السنين الماضية ؟ ماذا عن ضحاياها ، كيف أستقدم مدلكوها ومدلكاتها اﻵسيويون ومن الذي منحهم إجازات ممارسة المهنة ، وهل إن منحها التراخيص المطلوبة سيكون بمثابة ضوء أخضر لإعادة إفتتاحها وممارسة أحابيلها مجددا برغم ما يجري فيها من موبقات ﻻتحصى ، أم إنه إغلاق بائن ﻻرجعة فيه وغير قابل للطعن والإستئناف ؟!
وبصراحة أقول وبرغم علمي المسبق بأن كتب الطبخ و تفسير الأحلام هي اﻷكثر مبيعا في وطننا العربي ﻷننا شعوب تأكل وتنام على حد وصف نزار قباني ، وبرغم براعة المحتالين والسياسيين الجدد شأنهم في ذلك شأن العرافين والمنجمين في خداع العوام وبيعهم وهما ﻻ أساس له من الصحة ، الا أنني تفاجأت حقيقة بحجم التسطيح – الفكري ، الجمعي- الذي بلغ مداه متمثلا بالترويج لبناطيل الجينز الممزقة عبر تفسير اﻷحلام حتى أن أحدهم قال وبالحرف “ويدل حلم البنطلون الممزق أو المقطوع على الفرج لمن كان فى هموم ” هذا الجينز الذي إخترعه أول مرة الخياط الالماني “ليفى شتراوس”سنة 1981 ليكون لباسا خاصا بعمال المناجم والبحارة قد تنوعت أشكاله وموضاته منذ إختراعه حتى وصل به الحال مؤخرا الى موديل ” طيحني..زحلكني ..نزلني ” الهابط تحت الخصر وظهور جانب من الملابس الداخلية من خلاله تقليدا لشواذ السجون اﻷميركية وعتاة المجرمين والقتلة بما يعرف ببنطال ” ساغنغ بات “الذي إنطلق من داخل تلكم السجون التي تغص بالسفلة والمنحطين ، فضلا عن ” البنطلون الممزق ” الذي بدأت رقعه باديء ذي بدء من اﻷسفل لتنتهي قريبا من العورتين الخلفية واﻷمامية للذكور والاناث على سواء حاليا ، هذا البنطال الشؤم مخبرا وجوهرا قد صادر حقوق الفقراء والكادحين ممن أصبحوا غير قادرين على إرتداء حتى الممزق من الثياب كونها أصبحت تقليعة تباع بأسعار باهظة يلبسها اﻵغنياء قبل غيرهم علاوة على صرف أنظار الميسورين الذين كانوا يساعدون المحتاجين من ذي قبل بناء على ملابسهم الممزقة والرثة التي كانت دليلا لايحجب بغربال على فقرهم المدقع ما يدفع المتمكنين لمد يد العون لهم ، إضافة الى بنطلون ” سامحني بابا ” بسحابه الخلفي بدلا من اﻷمامي وهو مؤشر أخلاقي خطير لايحتاج الى التأمل بالرسائل السلبية التي يطرحها عن الشخص الذي يرتديه وطريقة تفكيره المركبة ، وعلى ذكر البنطال الممزق فقد أكدت مديرة المعهد الاجتماعي للأمن الديموغرافي في موسكو عالمة النفس ” إيرينا مدفيديفا” في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية العام الماضي 2018 ، أن ” البنطلونات الممزقة دليل على مشكلات نفسية خطيرة لمرتديها ، و دليل على تدني الأخلاق، وزيادة العدوانية ، وتدهور العلاقات الاجتماعية !”.
لقد أصبح شبابنا اليوم اﻻ من عُصِم ضحايا الغزو الفكري والثقافي بكل ما تعني الكلمة من معنى فها هي قصات الشعر الرجالية التي تثير الإشمئزاز والسخرية ( الطبرة ، سبايكي ، مارينز ، ابو كعكولة ، المنكوش ، السليكد لوك ، بومبادور وغيرها ) ، التاتو أو الوشم بأنواعه الدائمي والمؤقت إضافة الى وشم المكياج ورسم الحواجب وتحديد الشفاه ولكلا الجنسين ، البيرسينغ (تثقيب الشفاه ، اﻷذن ، الحاجب ، اﻷنف ، السرة وحتى اللسان لغرض وضع الحلي الشيطانية القبيحة فيها ) تقليدا للقبائل الوثنية والديانات الطوطمية ما يسبب أمراضا سوسيولوجية وسايكولوجية وفسيولوجية خطيرة للغاية ﻷصحابها ، إرتداء الحلي والاكسسوارات والقمصان الغريبة المليئة بشعارات وعبارات السفلة التي لايجيد شبابنا ترجمتها وبعضها يعني – أنا شاذ ..أنا لص ..أنا متشرد والحمقى يتجولون فرحين بها – ، البناطيل الضيقة جدا والمتهرئة إضافة الى الملابس الخليعة الفاضحة النسائية منها على وجه الخصوص ، ومعظمها مستوحى من موسيقى الهب هوب العنصرية ، البريك دانس ، الراب ، الهافي ميتال بأنواعها ( وهذه تدور كلها حول الحرب والجحيم والموت والحقد وتروج للجنس والمخدرات ) ، الروك اند رول ، الهارد روك ، اضافة الى ثقافة الايمو الداعية الى الانطوائية والاكتئاب والانتحار والمخدرات وإلحاق اﻷذى بالنفس ،ناهيك عن جماعة ” الجوثيك ” أو عبادة الشيطان وتقديسه ، فجل قصات الشعر التي أبتلي بها شبابنا ، وكل التقليعات والملابس والاكسسوارات الغريبة والوشوم اﻷغرب إنما هي نتاج مسخ ﻷفكار الحركات الشيطانية والباطنية الهدامة وموسيقاها وزيها الذي يميزها عن سواها من بقية فرق – الحشاشين ، المخنثين من الذكور ، المسترجلات من الإناث – وأنا على يقين تام بأن شبابنا لايعلمون عن ذلك شيئا قط إذ جرت عادتهم على تقليد نفايات الثقافات واﻷفكار الوافدة من دون السؤال عن أصولها ومعانيها حتى ، وتخير الخبيث من الوافدات حصرا من دون طيباتها ، استنساخ سلبياتها تحديدا من دون ايجابياتها وﻻشك أن المسؤولية هنا تقع على الجميع بدءا باﻷسرة مرورا بالمدرسة وليس إنتهاء بالجامع والجامعة والقضاء وفي ذلك كله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ”، وجاء في كتب السير ، أن ” النبي صلى الله عليه وسلم ورآى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ»”، ﻷن حلق بعض الشعر وترك بعضه يسمى بالقزع وهو محرم شرعا حيث “نَهَى رسُولُ اللَّه عنِ القَزعِ”، كما نهى الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم عن ” أنْ تَحْلِقَ المَرأةُ رَأسَهَا”.
والى جميع المستوشمين والمستوشمات وبعد تذكيرهم بالحديث الصحيح المرفوع “لعن الله الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون, والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمه والنامصة والمتنمصة “، أحيلهم الى الدراسات العلمية والبحوث الطبية اﻷخيرة التي خلصت الى ، ان” الوشم يسبب الحساسية ، الالتهابات الجلدية ، ينقل الايدز والتهاب الكبد الفايروسي، يسبب الجلطات الدموية ، ضعف جهاز المناعة ، مضاعفات الرنين المغناطيسي،الندوب ، أما مركز الصحة الألماني فقد حذر في دراسة نشرتها “مجلة شتيرن ” الالمانية من دور الوشم الكبير في نقل الايدز والكبد الفايروسي والاصابة بالسرطان، فيما كشفت دراسة صادرة عن جامعة ميامي الاميركية نُشرت في المجلة الدولية للأمراض الجلدية ، أن” من يحبون رسم الوشوم على أجسامهم، هم أكثر عرضة للانخراط في السلوك الاجرامي الخطير ودخول السجون “، وذلك تأييدا لدراسة سابقة صادرة عن مركز روشستر الطبي، نوهت الى “أن الموشومين كانوا أكثر ميلاً لمعاقرة الخمور والتدخين والتسرب المدرسي ” بدورها أوضحت مجلة ( The Lancet) الطبية التي تعد أشهر دورية علمية في العالم ، أن ” 5% ممن يوشمون جلودهم يعانون على المدى القصير من عدوى بكتيرية وتظهر عليهم آثار الحساسية للحبر المستخدم خلال العملية ” .
ومثل ذلك ما يحدث في مراكز التجميل المنتشرة في كل مكان وكثير منها مشبوهة وغير صحية وﻻمجازة يديرها أميون بمهنة الطب ، جاهلون بفنون التجميل وأصولها ومخاطرها كليا ، وقد أعلنت وزارة الصحة عن إغلاق أكثر من 50 مركز تجميل غير مرخص منها في العاصمة بغداد لوحدها ، حيث نفخ الشفاه ، تكبير أو تصغير المؤخرات واﻷثداء ،شفط الدهون ،تبييض البشرة ، العدسات اللاصقة الملونة ، اﻷظافر والرموش الصناعية ، الباروكات المصبوغة ، العبث بخلق الله مصداقا لما جاء في كتاب الله بمبالغ خيالية تكلف أصحابها كثيرا وتستنزف مواردهم وتخدع الشباب بـ – نيو لوك – وجمال صارخ مصطنع ﻻ أساس له من المصداقية كثيرا ما إنطلى على الخاطبين اﻻ أنه وفي شهر العسل و” بتالي الليل تسمع حي العياط ” لينتهي الزواج – الطياري – بالطلاق حتما ..أتقوا الله في أولادكم ..في بناتكم ..في أزواجكم ..في طلابكم وطالباتكم ..في شبابكم وشاباتكم فهؤلا هم جيل المستقبل الذي تراهن اﻷمم على بناء أمجادها بعقولهم وسواعدهم ، ولكن أي مجد ذاك الذي سيبنيه – البزر نستلة – وعشاق السبايكي ، الوشم، البرمودا ، البنطال الممزق والنازل ، ثقافة الهب هوب الممزوجة باﻹيمو ؟ اودعناكم اغاتي