هذه العبارة لم يقلها آلهة أو أنبياء أو رسل أو فلاسفة ورجال الأديان والنخبة العربية، بل قالتها أمرأة تمتلك موهبة ومن أثرياء العالم ولا تعانى من الفقر، لكنها لم تفعل مثل النخب العربية الدينية الذين تجاهلوا الفقر والفقراء وأعطوا جل وقتهم لدعم الطائفية والكراهية والإرهاب، هذه العبارة عنوان مقالنا لم يقلها أحد الفلاسفة أو الحكماء بل قالتها فنانة تنتمى إلى الإنسانية الحقيقية وليست الإنسانية الزائفة التى تغوص فيها الشعوب العربية، إنها الفنانة والممثلة الأمريكية بيونسيه البالغة من العمر أربعة وثلاثين سنة فقط أى ليست مثل رجال نخبتنا العربية التى تعد بالملايين وأصابتهم الشيخوخة والكهولة وأضحى الجنس والمرأة والحيض والفتنة والعورة هى جوهر إهتماماتهم الإنسانية وتركوا مشاكلهم الحقيقية، الفنانة الشابة المبدعة بيونسيه الحاصلة على عشرون جائزة غرامى ( بالإنجليزيةGrammy Awards  ) خلال حياتها الفنية التى أمتدت ستة عشر عاماً أستطاعت أن تقول وتفعل وتطبق على نفسها ما عجز عنه ملايين العرب مرضى الهوس الدينى.
 
كانت بيونسيه نجمة حفل “غلوبال سيتيزن فستيفال” في نيويورك، الذي أذيع للمرة الأولى في العالم كله في 26 سبتمبر الماضى دعماً لمكافحة الفقر وأصبح تقليداً سنوياً منذ عام 2012، وقالت بيونسيه في بيان نشر بهذه المناسبة: “إنه خلال مهرجان هذا العام سنركز جميعاً على هدف وحيد وسنستخدم مواهبنا لتحقيق الحلم، وهو القضاء على الفقر المدقع في العالم”.، هذه هى المشاركة الإيجابية التى تدعو فيها كل إنسان أن يستخدم مواهبه الإنسانية فى مكافحة الفقر المنتشر فى بلاد العالم، الفنانة بيونسيه تقول هذا وهى تعيش فى أمريكا وتشعر كأنسانة بالأهمية الكبرى لقضية الفقراء، وهى قضية يعانى منها المجتمع العربى رغم كثرة أموال البترول التى تكفى للقضاء على الفقر فى بلاد العروبة، ومع ذلك لا نسمع أصوات رجال النخبة السياسية والدينية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية العربية تتحدث عن هذه المشكلة المزمنة.
 
إذن قد يكون هناك مشاكل كبرى يوليها القادة السياسيون والدينيون والإجتماعيون إهتماماتهم وتشغل تفكيرهم، للأسف نعم لديهم مشاكل مرضية عويصة وعصية على الحل والعلاج إنها مشاكل التخلف الفكرى والإنحرافات النفسية والعنصرية الجنسية، إن نخبة رجال الثقافة والدين والإجتماع والإعلام توارثوا بالفطرة العقدة الجنسية تجاه المرأة، رغم أن المنطق يقول أن المرأة يجب إحترامها وتكريمها وتكريس وزرع هذا الإحترام والتكريم فى سن الطفولة وفى مناهج التعليم الأساسية، فالمرأة هى الأم التى نرتمى فى أحضانها ونحن صغار باكين أو فرحين هى نفسها الزوجة التى نتزوجها وتتولى تنشئة صغارنا أولادنا وزرع الأدب والأخلاق فيهم وعلينا كأباء وأزواج تقديم وإظهار الإحترام لهم أمام أولادنا، لكن الحاصل غير هذا فالهوس الذكورى جعله يعتبر لمس يده ليد المرأة نجاسة وفتنة يخاف منها، ويخشى سماع صوتها ورؤية وجهها حتى لا يسقط فى الخطيئة!!!
 
الفنانة الإنسانة تحارب الفقر بموهبتها الصوتية أما رجالنا العرب المسيطرين على كل المواهب الصوتية الخطابية فى وسائل الإعلام ودور العبادة، فإنهم يحاربون بمواهبهم المرأة وكل أحاديثهم تدور عن المرأة وما يجوز وما لا يجوز من ممارسات الجنس وأوضاعه، وما يجوز كشفه أو ستره من جسد المرأة لأنهم يعتبرون ويعتقدون ويؤمنون إيماناً مطلقاً أن جسد المرأة من العار كشفه، وتطول خطاباتهم وأحاديثهم ومقالاتهم وكتبهم وتراثهم وتأخذ المرأة المساحة الأكبر فيها حتى يخيل للفرد العربى أن المرأة هى مشكلة المشاكل وهى سبب الفقر والجوع والبطالة والفساد السياسى والإدارى والإجتماعى وهى سبب الجهل والتخلف وفساد التعليم والمعلمين والمرأة سبب نقص الإبداع وإنعدام الأختراعات التكنولوجية، أى أن المرأة بكل بساطة هى الشيطان العربى الأكبر الذين لا يقدرون على القضاء عليه إلا بالقضاء على مواهبه وتحجيب عقله وجسده وإحكام غلق النوافذ والأبواب عليها لتعيش مسجونة فى جسدها وبيتها سجناً يومياً!!!!
 
الثقافة الحضارية الإنسانية تدفع الشابة الفنانة المبدعة بيونسيه لتفكر وتخرج بقناعة أنه يمكننا أستخدام مواهبنا للقضاء على الفقر ومكافحته متى وصلنا لمعرفة أسبابه، هذا هو المنطق المطلوب أن نستخدم عقولنا ومواهبنا الحقيقية فى العمل على النهوض بالمجتمع وتنميته، لأن الفقر بيننا وليس بعيد عنا إنه يسكن فى نفس المدينة والقرية والحارة والشارع والمسكن المجاور، وعلينا أن نتحمل مسئولياتنا ونشارك الدولة تقديم المساعدة للفقير للخروج من دائرة فقره وتقديم المساعدة التى يمكننا أن نقدمها لهم سواء تعليمية أو معرفية أو مادية التى يمكن أن تؤهلهم لتغيير نمط حياتهم وتفكيرهم ليكتسبوا حياة إنسانية جديدة من خلال تعريفهم بمواهبهم المجهولة لهم والتى يمكن أن تنتشلهم من فقرهم المادى والمعرفى وتنتشل المجتمع من جرائم الإرهاب لأن مرتكبيها فقراء فى مواهبهم وخاصةً موهبة المحبة للآخرين مثل بيونسيه.
 
 
لذلك حيث يوجد عبودية ودكتاتورية ذكورية يوجد الفقر والتخلف، وحيث توجد معرفة وحرية يوجد تقدم وحضارة.