في واحدة من البلدان البعيدة غير المسلمة يعاني المتدينون الذين يقصدون تلك البلدان لحضور مؤتمرات ،أو للسياحة والعلاج من مشاكل في الحصول على الأطعمة الشرعية ،أو العثور على محلات طعام لاتباع فيها المشروبات الروحية ، كنت واحدا من هولاء لمرات حيث لاأطيق التعامل مع تلك الأماكن لكنني وجدت واحدا من المطاعم تقدم فيها خدمة الطعام الحلال والخالية من المشروبات الروحية ،وربما تتوافر على مكان للصلاة ،وقد حصل لي ذلك ودخلت المطعم ،كان اللباس باكستانيا واللغة من لغات القارة الهندية والطعام حلالا ،ويتضمن الرز واللحوم البيضاء والحمراء والحساء ،كانت الأطعمة حارة للغاية ونسبة البهارات والتوابل وأصناف الفلفل تحتل الأطباق المقدمة وهي الغالبة على الطعم ، صادف إني خرجت من المدينة الى البحر وصعدت مركبا قطع بعضا من المحيط ، وكان مقصدنا جزيرة ، وبينما كان الغيم الأسود يتكاثف كان البرد يشتد ، ولم أكن أضع الكثير من الثياب ، وبينما أنا في السفينة مبتهجا شعرت بالألم في معدتي ثم ينزل الى الأمعاء ، وكنت أهرع الى الحمام بين حين وآخر حتى إني تأخرت في الصعود عندما إنتهت الرحلة ،وكان الأصدقاء يبحثون عني وأنا في الحمام .
الإلتزام الديني يكلف أحيانا عناءا وشدة في السفر ، أو في الحضر ، وقد نرضى بقليل من الألم ونتحمل الصبر على الجوع والعطش لتلبية متطلبات الإيمان الديني والقيام بالتكاليف الشرعية ، لكن أن يقاد الناس للرضا بسلوك وبفكر منحرف قد يؤدي الى فساد وخراب في الأنفس والعمران والعقول ويفرق الشعوب فهذا ليس مقبولا على الإطلاق ولايرى بضرورته سوى قلة قليلة ضالة ومنحرفة تتعرض للرفض والسخط ، لكن مايقوي تلك القلة في مواجهة المجتمع هو تمكنها من الحصول على السلاح والقوة القاهرة التي لاتتوفر للكثرة وتكون هذه الكثرة سهلة القياد ولاتمتلك موقفا موحدا في مواجهة التحديات ،ويغلب عليها الضعف والتشتت ثم يؤدي بها ذلك الى الإستسلام والركون الى المنحرفين والضالين ليذيقوا الكثرة ويلات القتل والإرهاب وهو الحاصل في غالب بلدان المسلمين ويطال حتى البلدان التي تدين بعقائد أخرى بدأ بعضها يعاني الخوف والخشية من الصدام وتحاول تصوير المسلمين على إنهم خطر على المجموعة البشرية في كل الأرض.
نحن بحاجة الى قراءة مختلفة للظروف التي نعيشها ، وللتحديات التي نواجهها ، وللعلاقة بيننا كمسلمين، والعلاقة مع غيرنا ممن يشاطروننا العيش على هذا الكوكب ،والمهم أن صل معهم الى رؤية مشتركة لفهم طبيعة الاحداث وتأثيرها على الجميع دون إستثناء في التطرف ليس علة أسلامية ، أو ماركة مسجلة بإسم تنظيم ديني متشدد ،بل قد يكون في شعور وتفكير وسلوك غير المسلمين كما هو الحاصل عند المنظمات الصهيونية وبعض المنظمات المسيحية ، ففي اليونان وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأمريكا وفي بلدان آسيوية وأفريقية وفي أمريكا الجنوبية توجد منظمات متطرفة لايمكن أن تركن الى السلام إلا بمواجهتها ووقفها عند حدها ومنعها من التأثير في المواطنين الذين هم الضحايا في النهاية..