تأريخ حرق الكتب في الإسلام:
جاء الحث على إتلاف كتب (الضلال و البدع) التي كانت تطلق على كتب المعارف و العلوم الأجتماعية و الفلسفية كما يُسميّها المتعصبون المنغلقون – من وجهة نظر “علماء الإسلام” في مصادر عدّة، بل بعضهم يعتبر مؤلفي تلك الكتب كفاراً يجب القضاء عليهم و معاقبة طلابهم .. و كما فعلوا مع مؤلفات البروفيسور الفيلسوف (ماسينوس) أستاذ الدكتور علي شريعتي في السوربون لأنه كان يهودياً بينما لم يعلن عن فكره يومأً مجرد كان إنتمائه ضمنياً .. و لانه كان باحث و عالم و محقق ..

و في الأمس أيضا؛ كان يقول إبن القيّم في الطرق الحكميّة :
[لا ضمان في تحريق الكتب المضلة و إحراقها، قال المروزي؛ قلت لأحمد (أيّ أحمد بن حنبل) استعرت كتاباً فيه أشياء رديئة ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال نعم”. لا بدّ من التنويه إلى أن هناك أسباب عملية و علمية في نفس الوقت لإتلاف الكتب، خاصة من مرحلة الجمع والتدوين والإملاء].
ملاحظة: تصوّر يستعيرون كتباً من الآخرين و الكتاب وقتها أغلى من آلذهب و كل شيئ متداول و يعادل سعر بعضها شراء بيت بآلكامل – إلى جانب أن ملكيتها عائدة للغير ولا يجوز التصرف أو التلاعب به أو حتى حذف حرف منه؛ لكنهم كانوا يحرقونها بلا ذمة أو ضمير أو أسف و بأمر من الشيوخ و الفقهاء و يعتبرونه نصراً و المفتي علماً و فقهياً و خليفة.!؟

حيث كان الشيوخ و حتى الخليفة يملي على عماله و تلاميذه المادة وغالباً ما كانت مواد دينية، وكان التلاميذ يحضرون ويكتبون عنه وتضبط أسماء المجلس في محضر يحمل تاريخ السماع .. خشية الأخطاء، كان العلماء يتلفون هذه الأصول في حياتهم أو يوصون بإتلافها بعد وفاتهم، و هذا ما فعله كثير من علماء الحديث النبوي من الصحاح و غيرها.

كما أنّ هناك أخباراً عن إتلاف كتبٍ بسبب مخالفة روايتها و منهجها المتفق عليه من الشروط العلميّة للكتابة و الرواية، و ذلك على نحو ما حلّل الخزيمي في كتابه حرق الكتب في التراث العربي.

لكن أكبر و أسوء محنة لتأريخ حرق الكتب كان في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب, عندما إستفتى قائد الجيش الأسلاميّ سعد بن أبي وقاص الفاتح لبلاد فارس الخليفة عمر, برسالة سألهُ فيها عن أمر المكتبة المركزية في آلبلاط الملكي بعد سقوط الأمبراطوريّة الشاهنشاهيّة بقيادة رستم الذي كان يحكم العالم تقريباً كقطب الرحى في التكنولوجيا و العلم و المدنية, حيث أمر الخليفة عمر في جوابه و بآلنّص التالي:
[تلك الكُتب إمّا أن تكون موافقة لرأي الإسلام أو مخالفة له؛ فإن كانت موافقة فلدينا كتاب الله يكفينا, و إن كانت مخالفة فلا حاجة لنا به, لذا في كلتا الحالتين يجب حرقها و السلام].

و المحنة الكبيرة الثانية التي دمّرتنا و أثرت بآلعمق على تخلّف حضارة الإسلام و المسلمين سلباً ؛ هي حرق مكتبة القاهرة على يد القائد صلاح الدّين ألأيوبيّ عندما إحتل مصر و أسقط الخلافة الفاطميّة التي كانت قائمة فيها أنذاك و المكتبة الفاطمية كانت من أبرز معالم آلقاهرة, ففي البداية نزعوا جلود تلك الكتب لصناعة وترميم أحذيتهم و أحزمتهم و أغلفة السيوف و الخناجر, ثمّ قاموا بإحراق المتبقي من متون (الكتب) وسط المدينة وسط حريق إمتد لأيام!

و الحال أن السعادة كلها لا تجدها إلا في المعارف و في بطون الكتب:
و قد لاحظت جملة من الأجوبة على سؤآل تمّ طرحه في أحدى المواقع:
مفاده أين أجد السعادة : فكان جواب بعض المفكرين بحسب التالي:
– #سيوران : لو لم تأتي إلى هذا العالم!؟
– #راسل : في المعرفة!؟
– #سینکا : أن تنسجم مع واقعك!؟
– #ديوجن : أن تزهد في هذا العالم!؟
– #أفلاطون : في الطريق إلى الحقيقة!؟؟
– #سقراط : عندما تعرف نفسك!؟
– #نيتشه : في شجاعة هدم معتقداتك!؟
عزيز : في معرفة الجمال و محو هويّتك!؟
– #دوستويفسكي : ذلك وهم .. لا وجود للسعادة!؟
. #وأنت عزيزي القارئ أظن أنك ستجدها في واحدة من تلك الأجوبة!؟

على كل حال .. و رغم أن معظم الأجوبة تدور حول فلك الثقافة و المعرفة و إنمائها؛ إلا أننا رأينا التعامل المجحف مع المعرفة و الفلسفة التي هي أم العلوم سابقا و حتى اليوم, حيث لا قيمة للعالم و الفيلسوف خصوصا في العراق و أكثر بلاد العالم, خصوصا عالمنا المتدهور ..
بل و فوق ذلك يسرقون كلماتك و نظرياتك و يشوهونها بطرحهم أمام الأعلام للظهور طبعا لا للبناء .. وكأن شيئا لم يحدث .. ولا يكلف نفسه المسؤول أو المحافظ أو الوزير أو رئيس الجمهورية بدعوة اصحاب تلك النظريات لعمل مؤتمر أو ندورة على الأقل .. و السبب هو خوفهم من الطرد من قبل المجتمع حين يكشفون تفاهة و تدني مستوى الذين طرحوا أنفسهم قادة و هم لا يصلحون لرعي مجموعة من المعاجز … و المشتكى لله.

العارف الحكيم : عزيز حميد مجيد