في ظل المعاناة من النقص الحاد بإمدادات الطاقة الكهربائية الذي عاشته البلاد منذ ايام حرب الخليج الثانية عام 1990 م، وزيادة عدد ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003 م، ولاسيما في العاصمة بغداد، بفعل محدودية انتاج محطات التوليد المتأتي من تقادم أغلبها، فضلا عن آثار عمليات التخريب التي طالت بعض منشآت المنظومة الكهربائية في اعوام المرحلة الانتقالية، أطلت علينا ادارة الكهرباء مطلع شهر شباط 2012 م من نافذة الأمل المرتجى، بإعلانها أن أزمة الكهرباء التي أتعبت البلاد والعباد، ستجد مساحة واسعة من الحلول الناجعة خلال العامين المقبلين، وبعبارة أخرى سيشهد الشعب العراقي عام 2014 م غرس آخر إسفينات النور في نعش ظلام سنوات المحنة. ولتعزيز ثقة المستهلكين بما أعلنته، أكدت أن واقع الطاقة الكهربائية سيشهد تحسناً ملموساً في موسم الصيف المقبل، فضلا عن أشارتها إلى إنجاز الربط النهائي لخط (قائم ـ تيم 400 كي في) الذي أفضى إلى ربط الشبكة الوطنية العراقية بمنظومة الكهرباء السورية، تمهيداً لاستيراد الطاقة عبر الربط الثماني. ولتنشيط  جرعات الأمل، جددت وزارة الكهرباء  نهاية الشهر الماضي، تأكيدها بحل أزمة الكهرباء في العراق بشكل نهائي مع نهاية عام 2013 م، من دون اللجوء إلى اعتماد الاستثمار الخاص على الرغم من ألزام مجلس النواب مجلس النواب بداية الشهر الجاري الحكومة العراقية على اخضاع ملف الطاقة الكهربائية إلى الاستثمار. وبغض النظر عن كثرة وعود ادارة الطاقة في البلاد، وضخامة المبالغ التي خصصت من الموازنة العامة لأغراض تحسين واقع الكهرباء، نشير إلى أن الكهرباء ترتقي إلى مستوى الأزمة  حينما تعجز الشبكة الوطنية عن تغذية المستهلكين بإمدادات الكهرباء على مدى أربعة وعشرين ساعة في اليوم الواحد. أن العجز في تأمين إمدادات الطاقة الكهربائية في العراق ناجم من تداعيات مشكلة مركبة تقوم على ثلاثة اضلاع، ما يفرض على إدارة الطاقة عدم الركون إلى التركيز على معالجة النقص الحاصل بالإنتاج المتأتي من قلة محطات التوليد أو محدودية طاقاتها التصميمية، وإغفال جوانب المشكلة الأخرى المتمثلة بمنظومتي نقل الطاقة، و توزيعها على المستهلكين. وإذا كانت منظومة نقل الطاقة تواكب عملية تأمين القدرة الكهربائية إلى المحطات الثانوية بالأحمال الحالية، فمن المؤكد أن زيادة انتاج الطاقة الكهربائية مستقبلا سيفضي إلى حراج ادارة الكهرباء، إضافة إلى الثغرات التي تعانيها منظومة التوزيع الناجمة عن محدودية الطاقات التصميمية والمتاحة للمحطات الثانوية التي ستفضي إلى اختناقها عند تحسن الانتاج مستقبلا في محطات توليد القدرة؛ بالنظر لعدم توافق قدراتها الاستيعابية مع الزيادة المحتملة في انتاج محطات التوليد، وبخاصة في اوقات الذروة، فضلا عن مشكلة تقادم مغذيات التوزيع التي تربط  المحطات الثانوية مع المستهلكين في الاحياء السكنية والمرافق العامة والمناطق الصناعية والخدمية وغيرها، ما يؤكد احتمالات تعرضها للأعطال في ظل التحسن بإمدادات الطاقة الكهربائية. وينضاف ذلك رداءة المحولات الكهربائية الموردة حديثا بعد أن أثبتت تجربة السنوات الماضية فشل أغلبها في الصمود أمام الامطار.

في أمان الله.