يلقب الأطفال بملائكة الله في الأرض لكن يبدو أن الوضع قد تغير في الوقت الحالي، وذلك بعد أن تحولوا إلى مقاتلين ومجندين يحملون السلاح، وبرأسهم أفكار قتالية بعيداً عن البراءة التي خلقهم الله عز وجل بها، فبالتأكيد الذنب ليس ذنبهم بل الظروف والبيئة المحيطة بهم والتغيرات السياسية التي شهدتها الدول العربية أرغمتهم على أن يكبروا قبل الأوان. إلى ذلك، اتخذ استغلال الأطفال أثناء النزاعات المسلحة أشكالا متنوعة مثل: العمل القسري أو العبودية في الحالات القصوى، وقد يكون ذلك مصير الأطفال الذين جندتهم الجماعات المسلحة أو الأطفال رهن الاحتجاز . ولا ينجو أحد من أثر النزاعات التي غالباً ما تكون اليوم نزاعات داخلية بطبيعتها، ويتعرض فيها الأطفال للسجن والاغتصاب الجنسي والتشويه على مدى الحياة، بل ويُقتلون، وتمزق النزاعات المسلحة شمل العائلات كل التمزيق، مما يُرغم آلاف الأطفال على إعالة أنفسهم ورعاية أشقائهم الصغار.
ومنذ أن أستوطن أخطبوط داعش الأراضي السورية ومن ثم العراقية بدأت هذه الظاهرة الخطيرة بالظهور من خلال تجنيدهم أطفال المناطق التي تم الأستيلاء عليها ومحاولات غسل أدمغة الأطفال وتغذية عقولهم بالأفكار المتطرفة والأجرامية وتدريبهم على أستعمال الأسلحة المختلفة لمواجهة عدو أفتراضي وسعيه لتلقين الأطفال الصغار أفكاره المتطرفة وتجهيزهم كأنتحاريين في محاولة لتشديد قبضته على تلك المناطق.
وأغلب الأطفال الذين يتم أشراكهم في معسكرات التدريب قام التنظيم بخطفهم من ذويهم أو بشرائهم من العائلات الفقيرة التي لا تتمكن من سد رمق أطفالهم نتيجة الفقر والعوز، وتجنيدهم في تلك المعسكرات للتدريب على أستخدام الأسلحة الشخصية والقذائف الصاروخية ، وأجبارهم على الحضور في مراسم قطع الرؤوس ورجم النساء بغرض أنشاء جيل جديد يتغذى على العنف والأرهاب.
وليس حال الأناث القاصرات بأفضل من حال البنين ، فهن يتعرضن الى الخطف والبيع والشراء في سوق النخاسة بأعتبارهن غنائم حرب بعد قتل آبائهن وأخوانهن أمام أعينهن بطرق وحشية وأستغلالهن في أشباع رغبات ( المجاهدين ) الجنسية ، والعمل كخادمات في بيوتهم وأستعبادهن وأذلالهن بأشد أنواع الذل والهوان.
لقد عمد تنظيم داعش الأرهابي الى ألغاء المناهج المقررة في المدارس وأستبدلها بدروس حول شروحات الفكر السلفي المتطرف أضافة الى دروس تعليم الفنون القتالية وأستخدام الأسلحة ، وهذا الأمر تكمن خطورته بأن التنظيم يعد جيلا جديدا ناشئا قد تغذى وتربي على أفكار متطرفة منحرفة أجرامية مما يعني أن قتال هذا التنظيم قد يستغرق أمدا طويلا.
ومن الجدير بالذكر أنه وبحسب القانون الدولي، فإن تجنيد واستخدام الأطفال دون الخامسة عشر للعمل بوصفهم جنودا أمرا محظورا بموجب القانون الدولي الإنساني وطبقا للمعاهدات والأعراف الدولية ، كما يجري تعريفه بوصفه جريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
بقلم : عباس الخفاجي