رحيم الخالدي
تعالت أصوات المطالبين، بإقامة دولة كردستان في الفترة الأخيرة، وصلت حد لا يطاق، وتصاعد التهديد والوعيد لمسعود، وكأنه يملك كل الأوراق، وبإستطاعته فرض أمر غير قابل للرفض، وهذا بفضل تنازلات الحكومة السابقة، لأجل البقاء في رئاسة الوزراء، ولم يعتبر تلك التنازلات هدية، بل تمادى أكثر! وصلت لإشعال حرب بين أطياف الشعب الواحد، وحفر الخنادق! ونشر قوات مقابل قوات دجلة آنذاك، وكادت تشتعل تلك الشرارة لولا لطف الباري، واليوم وبعد إعلانه قرار الإستفتاء ليكّوُنْ دولة الأحلام التي لطالما حلم بها، من خلال إستغلال الأزمة الحالية في محاربة الإرهاب .
الإستعاشة على الأزمة، التي طال أمدها منذ الدورة الإنتخابية الأولى، أمر مستهجن من قبل الأوساط الإقليمية والدولية، ومنذ إستبدال الجعفري، وهو يستغل الوضع لصالحه، وصلت حد التمادي وإدخال المعارضين الأتراك BKK)) للأراضي العراقية! وإستغلالهم لحمايته، وإرسال إشارة على أنه قادر الدخول مع الحكومة الإتحادية في معركة! في سبيل نيل الحرية حسب ما يزعم وكأنه دولة محتلة، ونسي أن المكون الكردي جزء من الحكومة الإتحادية، ولديه نواب ممثلين للمكون الكردي في البرلمان ضمن الدستور العراقي، وهم جزء مؤثر وفاعل في العملية السياسية، التي أستغلها أيّما إستغلال، في سبيل الضغط على الحكومة، لتحقيق مصالح شخصية لا تمثل رأي الشارع الكردي .
أردوغان في بداية الأمر كان مسانداً قوياً، لغرض إمتصاص النفط الذي يتم تهريبه، ليأخذه بأبخس الأثمان، ولكن عندما أصبح أمر واقع إنتفض ليعارض! ويقف بالضد بل ويهدد، وهذا بالتالي يأخذنا لنتيجة واحدة، أن كل العلاقات والإستثمارات التي كان يتعكز عليها بارزاني، لا تمثل سوى مصالح وليست مواقف سياسية، وعَبَرَتْ تركيا خلال الفترة المنصرمة، بشرائها النفط بتعزيز إقتصادها، ولم يكن البارزاني لديها سوى مرحلة إنتهت صلاحيتها1 كما لا ننسى الدخول التركي للأراضي العراقية، وفرض نفسه كلاعب لا يمكن التغاضي عنه في الأيام القادمة حسب تصور أردوغان .
الجانب الإيراني أوصل عدة رسائل بصورة غير مباشرة، وعبّر عن رأيه بالإستفتاء المرام إجراءه، لكنه بالفترة الأخيرة صرح برسالة، تمثل رأي الحكومة الإيرانية، بأنها ستقف بوجه مسعود بكل قوتها، وما الاتفاق الأخير مع الجانب التركي، وفق إجراء عمليات في المنطقة المراد تكوينها كدولة، بعمليات عسكرية والقضاء على العصابات، التي تأخذ أوامرها من الجانب الأمريكي، وهذا أمر يجعل موقف مسعود ضعيف جداً، إضافة لموقف الحكومة الإتحادية، الذي يقف بالضد من الاستفتاء آنف الذكر، كون الدستور أُقِرَّ وفق العراق الفيدرالي الإتحادي، وليس هنالك فقرة تدل على الإنفصال بتكوين دولة .
المكون الكردي بكل سياسييه، بحاجة لموقف محدد، وفرض أنفسهم على الساحة، من خلال الوقوف بوجه من يريد تفكيك العراق، وإقتطاع جزء منه بحجة تكوين دولة، تفتقر لأبسط مقومات الدولة، والتي شرحت مواقف دول الجوار موقفها أزائِها، والتي تعارض وبشدة بتكوين تلك الدولة، لان هذه الدول لديها أقليات من القومية الكردية، وبالطبع هذا يجعل المنطقة غير مستقرة، وسندخل حروب لسنا بحاجتها، كوننا مللنا منه والتي خضناها مرغمين، وجعل العراق ساحة تصفيات لأجل أغراض عدائية شخصية، تذهب لأجلها أرواح شبابنا .
بعد كل هذا الحراك المكوكي، والذي لم يحصل على أيّ وعد، من أي من الدول التي زارها خلال رحلته، سوى التأييد الإسرائيلي الذي يريد من ذلك موطئ قدم! في قلب الشرق الأوسط والمنطقة المتمثلة بالمثلث الإيراني العراقي السوري، من أجل الهيمنة المستقبلية لمقدرات الشعوب، فقد وضع مسعود نفسه في مأزق من الصعب الخروج منه، بعد كل ذلك التهديد والوعيد، سيّما أن العراق قد أنهى وجود داعش في تلعفر، آخر منطقة في الموصل، وعليه إنسحاب قوات الإقليم من كل المناطق التي دخلتها، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت .