قصة قصيرة :هواجس الروح
بقلم: وهيبة بلقاسم
تبسة – الجزائر
ثار حزن القلب علي نبضه…بكت الروح، وارتعش الجسد…ارتفع النحيب من الأعماق، أمطر دموعاً حارقة…غطت وجهها بيديها، تاركة العنان لأنينها المكتوم ليعصف في الروح صراخا دون صدي… لا تعلم كم مر عليها من الوقت تصارع الألم وهي تسترجع ذكري المكان والزمان…وتفاصيل كانت نائمة في زوايا ذاكرة لا تهدأ ولا تنام. تمر أمام عينيها مشاهد الماضي، تلوح ابتسامة عابرة علي محياها تأبي المكوث، وكأنها علي عجل، لتترك الوقت للصور الحزينة التي تليها. تسارعت حركة الكرسي الهزاز بها، وكأن عاصفة ضربت أرجاء الجسد المتهالك عليها…غطت وجهها لتتقي عصف الذكريات… انطلقت من الأعماق… آه كاوية…مع عبق عطرها وزينتها وجمالها، حين كانت في ربيع العمر، تتهادي بفرح أمام نظرات الإعجاب كعروس الحكايات… اصطفت أمام ناظريها صديقات الطفولة والشباب… هذه خطبت… وهذه تزوجت…وأخري أنجبت… كل واحدة منهن في عالمها الخاص، أخذتها الحياة فغابت مع أسرتها ومناسبات أولادها…نادرا ما يتذكرنها وكأنها بالنسبة إليهن طيف مر في حياتهن وغادر إلي مكان منسي… تحسّرتْ علي ما مضي من العمر عبثا وهي تمني النفس بالاستقرار والدفء العائلي… إنها الوحدة القاتلة…الوقت الثقيل الذي يزحف بكل ثقله علي روحها، يزهق أنفاسها…انه الفراغ…فراغ لا أفق له ولا صدي… هي الأقدار التي تضعنا في ما لا نطيقه لكن مع ذلك نتشبث بالحياة رغم المرارة والحزن يتماشي الإنسان مع كل المتغيرات ويخفي حزنه ويبتسم ويتصنع الضحكات الباردة الخالية من المشاعر.