تحية طيبة …نشر الشاعر سعدي يوسف قصيدة يعبر فيها عن ألمه عما حل بالموصل من قتل و دمار …و اشتعلت صفحات الفيس سبا و شتما و هتكا لعرض الشاعر سعدي يوسف لنشره القصيدة و كأنه هو من احتل الموصل … و كأنه هو من سلم الموصل و أمر بسحب 60.000 ستين الف جندي من الجيش العراقي و جعلهم مهزومين امام 500 من الدواعش و هؤلاء الدواعش كالقرود في مستواهم الفكري و تصرفاتهم التي لا تشبه اسوياء البشر ، و اكثر من هذا ترك المالكي لداعش المعدات العسكرية و قيمتها اكثر من 27 مليار دولار …و كلنا سمعنا و عرفنا ما نجم عن هذه الجريمة من افعال منكرة، و سكتوا و ما زالوا يسكتون على كل جرائم و خيانة الطائفي نوري المالكي، و فجأة شنوا حملة ظالمة و هجمة شرسة على سعدي و كأنه هو الذي قتل شهداء سبايكر…أو اغتصب اليزيديات، والشاعر سعدي أضطر الى الهجرة، و هو لاجيء في الخارج، و لم يرجع الى العراق على ظهور دبابات المحتلين الامريكان و الصهاينة و ايران، و الشاعر سعدي لم يستحوذ على عقارات الدولة من أراض و قصور ، و لم يسد من حولها الطرقات و الشوارع بسياجات من الكونكريت المسلح ، و هو لا يمشي راكبا سيارات الجكسارات المصفحة تحيط به حمايات هم اقرب الى الوحوش من البشر ، و لم ينهب أموال العراق كما فعل العملاء و الخونة ممن يصفون انفسهم بالسياسيين ، و هم مجرد مجرمين محميين بمن تطلق على نفسها المرجعيات الدينية ، من علاّمة سُني أو آية إلهية شيعي، …أو….أو…أو..ثم لست ادري لم مجموعات الفيس سكتت على كل هذا الواقع العراقي المزري ، و جرائم المحتلين و العملاء الخونة من الحاكمين، و فجأة خرجت على بكرة أبيها، و هي تلعن سعدي يوسف و بعضهم هدده بالويل و الثبور و عظائم الامور، و كل ذنب و جريمة الشاعر سعدي انه تألم لمأساة و كارثة تدمير الموصل و لعن من كان السبب، و حينما نشرنا وصفا مختصرا لدمار الموصل و عدد القتلى و الجرحى و قد تجاوز الخمسين الف، و كل عدد افراد داعش في الموصل حسب المصادر الرسمية لا يتجاوز الـ4000 فرد ، و عندما تساءلنا هل تستوجب مواجهة 4000 داعشي ان تدمرالموصل و يقتل خمسون الفا من ابنائها في هذه المواجهة ، و ينزح اكثر من مليون ونصف من الاهالي، و يفقد منهم اكثر من سبعمئة الف ، و اذا يتكرم بعضهم بأن يعظنا و يعطينا درسا في التضحيات و في التأريخ ، و يذكرنا بهتلر و يربط بينه و بين ابي بكر البغدادي , و كيف ان دول العالم حاربت هتلر ، و لهؤلاء المتفيقهين أقول : هل تعرفون من هو هتلر ؟ انه زعيم الماني اوصله الشعب الى السلطة ، و لم يصل الى الحكم على ظهر دبابات المحتلين ، و لم يكن عميلا لدولة اجنبية ، و لم يسرق المال العام ، و في بضع سنوات استطاع ان ينقذ الاقتصاد الالماني من آثار ما الحقته بالمانيا هزيمة الحرب العالمية الاولى، و بنى واحدا من اقوى اقتصادات اوروبا، كما بنى واحدا من اقوى جيوش العالم في ثلاثينات و اربعينات القرن العشرين ، و استطاع هتلر أن يحصل على تأييد الجماهير وتشجيعها لأفكاره القومية الالمانية ، التي جعلت الالماني يحس بالعزة و الكبرياء و الانفة، و تمكن هتلر في ثلاث سنوات من احتلال مناطق شاسعة في اوروبا ، اذ استطاعت المانيا ان تحتل دول المحور ومعظم قارة أوروبا (عدا بريطانيا) وأجزاء كبيرة من أفريقيا ودول شرق وجنوب شرق آسيا والدول المطلة على المحيط الهادي، و كان ذلك من اجل ما اسماه هتلر المجال الحيوي لالمانيا ، و بعد هذا النجاح المذهل وقع في الخطأ القاتل ، عندما اندفع هتلرلاحتلال الاتحاد السوفياتي على الرغم من وجود معاهدة بينه و بين السوفييت ، و كان هذا القرار بداية الانهيار، و لو ان هتلر تمكن من احتلال ثلث الاتحاد السوفياتي في أول الأمر ، و اتفقت الدنيا كلها ضد هتلر خوفا منه و من قوته ، و ما اكتبه هنا ليس تمجيدا لنازية هتلر، و لكن لبيان حقيقة ما قام به، و لكي اتساءل أين هذا التأريخ لهتلر من جرائم أبي بكر البغدادي و حكومة المالكي ؟ فهؤلاء مجرد عملاء للاجنبي …عملاء للأمريكان و الصهاينة و ايران ، و المجرم البغدادي قمة التخلف الفكري و الشعوذة و الدجل، أما المجرم المالكي فأشهر من نار على علم في سرقة المال العام و عقارات الدولة و قيادة عصابات حزب الدعوة المسعورة كالكلاب تنهش في جسد العراقيين، و تعيث فسادا لم يعرفه العراق في تأريخه لحد الآن ، و منذ بداية القرن العشرين ، فكيف تجوز من جهة الموازنة بين هتلر و أبي بكر البغدادي ؟ و من جهة السكوت على المجرم الطائفي نوري المالكي !؟ في محاولة سطحية لايجاد الذرائع و تسويغ ما حصل في الموصل من عار الإحتلال إبتداءً، و دمار ما يقال انه الإنتصار إنتهاءً !
وشخصياً أرى أياً كان الكاتب، فيفترض أن يعرف شخصية و مستوى من يخاطب و يوجه له التعليق، و ليس تأخذه العزة بالإثم كما تقول العرب، فيندفع الى اطلاق الكلام على عواهنه ، و يلقي علينا محاضرات في التأريخ، و هو جاهل به جهلا فاحشاً ، و يحدثنا عن الوطنية ، وطنية الطائفيين البائسة ، و يريد أن يعرفنا من هي داعش ، و كل ما يعرفونه عنها انهم سمعوا بداعش من بعيد، بينما أهلي شخصياً و اخواني و اخواتي و كل عوائلهم هم ضحايا داعش المجرمة ، فمنذ أربع سنوات فقدنا بيوتنا و أموالنا المنقولة و غير المنقولة و صرنا مشردين و كل ما قامت به تجاهنا حكومتنا العراقية العتيدة ، انها تكرمت بايجاد وصف جديد لنا بدلاً من المواطنين ، فقد صرنا بفضل حكومة المجرم المالكي من (النازحين) ، و لم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل صرنا مواطنين ليس من الدرجة الثانية بل ربما العاشرة أو اكثر ، و ها هم أهلي ، و عندما أذكر أهلي لا يقتصر الأمر على من تربطني بهم علاقة دم مباشرة فحسب ، بل أقصد أيضا كل من تشرد و صار نازحاً مثلنا، فقد أصبحنا كلنا في الهم شرق، أقول صار جميعنا يعيش إما في مساكن بايجارات مضاعفة يعتمد مالكوها – مع الأسف – أسلوب مصائب قوم عند قوم فوائد، أو يعيش أغلب النازحين في الخيام تشاركهم حياتهم، الكلاب و الحيوانات الضالة، و صنوف الحشرات تقيم بينهم، و من يمرض فعلاجه بطريقة من الله الشفاء، فلا طبابة و لا دواء، و جميعنا نشرب الماء الملوث ، و نحن بلا كهرباء ، و هكذا نكاد نشوى من نار صيف العراق اللاهب، و نتجمد في الشتاء القارص، و كم من خيمة احترقت حينما حاول أهلها التدفئة بايقاد الحطب !! و لا أصف لكم ماذا نأكل، فلم نعد نتذكر كثيراً مما يوصف بالأكل مما تعرفونه أيها السادة كتاب الفيس، يا من صرتم عناترة صفين و حطين على الشاعر سعدي يوسف، الرجل المسالم لأنه أعرب عن مشاعر إنسانية ، و تألم على قتل أهل الموصل بطريقة الإبادة الجماعية ، و ما حل بها من دمار ، و كذلك على ما يحصل في العراق من عار ! يا أيها الذين ثارت ثائرتكم لا لشيء إلاّ لأني طالبت بنظرة موضوعية و عبارات أخلاقية مؤدبة تقال بحق سعدي يوسف، و كم كنت و ما زلت أتمنى لو تمتلكون الشجاعة لتقولوا للمجرمين الحقيقيين بعضاً من العبارات من سب و شتم و تهديد و هتك للعرض، كالتي كتبتموها و وجهتموها لسعدي يوسف ، فهل ما عبر عنه هذا الشاعر جريمة لا تغتفر كما ترجفون ؟ أم ما كتبته أنا تمجيد لهذا الشاعر كما تزعمون ؟ و كل ما في الأمر أن شاعراً كتب قصيدة و قد عبر بحق عما حل بالموصل من عار و دمار، وكان صادقاً في وصفه، و ما عبر به عن مشاعره !! و بدلاً من معارضة القصيدة- إذا اقتضى الأمر – بالرد الموضوعي بمنطق و بعبارات مؤدبة وأخلاق كريمة، وإذا يواجه الشاعر سعدي يوسف حملة شعواء شرسة، و لم تبق كلمة سب و شتم و هتك للعرض في قاموس اللغة إلاّ و وجهها له كل من هب و دب، و لم يكتف بعضهم بهذا، بل تجرأعلى نسبة الأمراض النفسية لسعدي من عوق و خرف و عقد، و كأن واحدهم قد صار فرويد من الأطباء النفسيين، و كشف على سعدي و شخص علته، و أنتم يا سادة الفيس أغلبكم لم يشاهد سعدي يوسف مجرد مشاهدة وجها لوجه، و لم تقرأوا له و لا حرفاً واحداً مما نظم و كتب من سنين طويلة ، و الواقع أجد صعوبة في الضغط على مشاعري إن رغبت في مواصلة الكتابة ، فالحقيقة و بكل صدق و أمانة لا أحس بأني أكتب بل أنزف هذه العبارات، حزناً و ألماً على العراق كله لا الموصل وحدها، و على أهلي شخصياً ، و على عموم النازحين ، و على ما ضاع من بيوت و مال منقول و غير منقول للعراقيين، و الأبرياء ممن خطف أو أعتقل أو أغتصب أو صار يتيماً أو من ترملت أو ثكلت…أو…أو…أو …فهذه الوقائع المأساوية للشعب العراقي من أبناء الرافدين هي الحياة اليومية، لأحفاد أول من بنى حضارة للإنسانية !!!
و أكتفي بأن أقول رحم الله المتنبي القائل:
وكمْ من عائِبٍ قوْلاً صَحيحاً وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السّقيمِ
ولكِنْ تأخُذُ الآذانُ مِنْهُ على قَدَرِ القَرائحِ والعُلُوم

و السلام على من اتبع الهدى..
د. رعد مقبل العبيدي