Dr. Nabeel Al ameer:
العراق . . بين مال المقاولين ودهاء التجّار

بقلم / د. نبيل احمد الأمير

عاش العراق تاريخ سياسي زاخر بالأحداث التي كان معضمها يدور في فلك ومفهوم ومنهج العنف والدم والموت .
فلقد إستبشر العراقيون بسقوط الملكية (الدموي) وشاركوا فيه ، وإستبشروا بسقوط قاسم (الدموي) وشاركوا فيه ، وبعده بسقوط عارف ، والبكر ، وإستبشروا أخيرا بسقوط صدام وشاركوا فيه ، وفي كل الحقب خاب أملهم ، لأنهم لم يجدوا مبتغاهم في حاكم او زعيم ينهض بالعراق وبهم لمراتب جيرانهم على الاقل .

قد تكون هناك لعنة أصابت العراق ، وقد يكون قدر أعوج ، او حظ أهوج ، او قد لايوجد بالعراق من يحب هذا الوطن !!!!
فبين العملاء والديكتاتوريات والمصالح والجهل والوطنية والشعارات ، كان العراقيون يراوحون في مكانهم ، بينما العالم يتقدم بخطى سريعة وثابتة في كل الميادين .

لكن أن يقع العراقيون بأيدي التجار والمقاولون والسماسرة ، ومذيعي قنواتهم الفضائية فهذه جديدة !!!!

يُحاول بعض التجّار والمقاولون (السياسيون) أن يُديروا الوطن بأغلب مفاصله السيادية من خارج الحدود ، بواسطة قنوات فضائية ومذيعين ومقدموا برامج يعملون الليل والنهار لتسقيط كل مفهوم عقائدي يعود لأغلبية عراقية ، فبعضهم بزّاز .. يبيع أكفان الموت ، وبعضهم خنجر .. صُنع بأموال صدام وأولاده ليطعن جبين العراق ، وآخر خشلوگ .. يُزكّي أمواله بمنخل مزروف ليُعطيها لزوّار أهل البيت في كربلاء والنجف ، يعتقدون جميعهم أن بيدهم الأمر والحل والعقد ، فلا يمكن لأحد ان يكون وزيراً او سفيراً او مديراً ،  إلّا برضاهم وأمرهم …. فبأموالهم يبيعون ويشترون ، المناصب والرجال ، والعناوين والمشاعر ، والحاضر والمستقبل ..
بأموالهم وبأيدي سماسرتهم يُقتل العراقيون ، تحت شعار الوطنية وحب الوطن … ينهبون ، يحلّلون ، ويحرّمون . . يبيعون ويشترون ، كل شيئ مستباح ، كل شيئ بهواهم يكون او لا يكون .

نحن اليوم ننبه أهلنا وشعبنا ، أن المرحلة القادمة هي مرحلة كشف الوجوه ، ونزع الأقنعة ، فالامور أصبحت واضحة للجميع ، فلقد تحوّل السياسيون الى تجّار جملة ومفرد ، وتحوّل التجّار الى سياسيين ، يبيعون الوطن ، ويشترون به مجد الدنيا الزائل ، يُتاجرون بكل شيئ ، بالمناصب والكراسي ، والحاضر والمستقبل ، بالشرف والكرامة ….
يُتاجرون بالعراق بلقاءات ومؤتمرات وفضائيات مشبوهة ، لزيادة الأرصدة وتبييض الوجوه في دوائر المخابرات الدولية التي ينتمون ويعملون بها ومعها .

علينا جميعاً كشيعة وسنّة وأكراد وتركمان ومسيحيين وكل أطياف الشعب العراقي ، المظلوم والمهموم ، مثقفين ومتعلمين ، معلمين وطلاب ، فقراء وأغنياء ، موظفين وتجّار شرفاء ، أن نوقف هذا الإنزلاق ، وإلّا سقطنا مع الوطن في ظلمة القبور التي لاتُفتح لأحد بعد أن يتم إغلاقها …
علينا أن نتعلم من دروس التاريخ ، لا أن نجترّها فقط لتسجيل الذكريات ، فالإنتخابات قادمة .. وخط الوصول أصبح واضح وقريب ، لكن هل سنعمل على الوصول اليه بلا هذه النفايات التي علقت بأذيال أثوابنا من هذه المزبلة أو تلك ..؟؟

هذا هو السؤال ..
وهذا هو القصد والمعنى ..
فالغبي هو يخطأ ويُصر على خطأه ،
والأغبى منه هو من يُصدّقه ويُنظّر لذكائه !!!!

فالنهاية صارت قريبة .. ونحن نقف على حافتها ، ولكم الأمر في أن نكون أو لا نكون بهذه النهاية .

والله من وراء القصد .