الريادة ودورها في إرساء مبادئ المسؤولية الاجتماعية . . .

قراءة بقلم / د. نبيل أحمد الأمير

الريادة هي التفرّد بإنشاء فكرة أو منظمة أو نشاط جديد يُنشأ ويُدار من أجل استثمار فرصة مبتكرة ومتفردة ، وتسمى هذه الريادة بالريادة الخارجية .
أما الريادة الداخلية فتكون في أي نشاط او فكرة او منظمة قائمة وتكون عبارة عن مغامرة جديدة من خلال إيجاد أعمال جديدة أو إعادة التجديد الاستراتيجي فيها .
وقد أصبحت الريادة وسيلة حيوية للمنظمات القائمة كي تستمر في اكتشاف واستثمار الفرص من أجل تحرك المنظمات والأفراد إلى حالة جديدة من الوجود ، ولا سيما بعد أن ازدادت حاجة المنظمات لتكون أكثر مبتكرة من أجل البقاء وتسريع النمو في بيئة عالمية شديدة التنافس والتغير الحركي وزيادة مستوى اللاتأكد .

نحاول في هذه الدراسة الإجابة عن التساؤل فيما يُمثل دور المنظمات الريادية في تحقيق المسؤولية الاجتماعية ، وما هي انعكاسات ذلك على سلوك المستهلكين والمجتمع ؟
وذلك باعتماد المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على أساس الوصف المنظم للحقائق والخصائص المتعلقة بالمشكلة المحددة .

إرتبط مصطلح الريادة (Entrepreneurship) منذ منتصف القرن الثامن عشر بمفهوم الريادي ، والذي ترجع جذوره إلى الاقتصاد الفرنسي ، إذ يقصد بالكلمة الفرنسية (Entrepreneur) ، ذلك الفرد الذي يتولى مشروع أو نشاط مهم ، ويعنى في مضمون الأعمال هو بدء الأعمال . وفي قاموس (Webster) يمثل الريادي (Entrepreneur) ذلك الفرد الذي ينظم ويدير ويتحمل مخاطر الأعمال أو المشروع .
وقد مثل الرياديون الأفراد التواقون للثروة الذين يتخذون المخاطرة ويصنعون القرار لإدارة الموارد بطرائق غير مألوفة لاستثمار الفرص وبذلك أصبحوا قادة الصناعة في العالم .
فيما أشار(Robert Hisrich) إلى الريادة بكونها عملية تكوين شيء ما مختلف ذو قيمة عن طريق تكريس الوقت والجهد الضروري ، بافتراض مخاطر مالية وسيكولوجية واجتماعية مصاحبة ، وجني العوائد المالية الناتجة ، إضافة إلى الرضا الفردي . وبعبارة أخرى أنها عملية خلق القيمة عن طريق استثمار الفرصة من خلال موارد متفردة .

يتكون مفهوم الريادة من ثلاثة أبعاد وهي :
– الأبتكارية (Innovativeness) :
وتمثل الحلول الإبداعية غير المألوفة لحل المشكلات وتلبية الحاجات ، والتي تأخذ صيغا من التقنيات الحديثة .
– المخاطرة (Risk) :
وهي مخاطرة عادة ما تحتسب وتدار وتتضمن الرغبة لتوفير موارد أساسية لاستثمار فرصة مع تحمل المسؤولية عن الفشل وكلفته.
– الأستباقية (Proactiveness) :
وتتصل بالتنفيذ مع العمل في أن تكون ريادة مثمرة .
فيما تتكون العملية الريادية من الفرصة والمخاطرة والابتكار الذي يخلق الفرصة .

الريادي هو الذي يدرك الفرصة والموارد التي تستثمر الفرصة ويُنشأ المنظمة الجديدة أو يطوّر القائمة .
ويكون الريادي صاحب سلوك متوجه للحركية واتخاذ المخاطرة والإبداع والنمو مزهجاً له .
فالكثير من الأفراد لديهم أفكار عظيمة إلا أنهم لا يحققونها كما يفعل الريادي ، في حين يدور السلوك الريادي حول كيفية استثمار الفرصة ، لذا يوصف الريادي بأنه الشخص الذي يستثمر الفرصة في مواقف خطرة ، ولا يصنع الريادي قراراً عقلانياً في بعض الأحيان وإنما يعتمد على الحدس والبديهية الصحيحة ، وهذا ما يميز جودة أداء الريادي عن غيره . ويقابل الريادي المستكشف (Prospector) أي الباحث بشكل مستمر عن الفرص الجديدة ويمكن التفرقة بين ثلاثة أنواع من القادة تحتاجهم المنظمة خلال أوقات مختلفة من مراحل تطورها وهم :
– القادة المبتكرون : ويمثلون الحالمون الذين ينشئون النموذج الأصلي ، ويخترعون ما هو أبعد منه ولا يهتمون بالعوائد المالية .
– القادة الرياديون : وهم البناة الذين يحولون النموذج الأصلي إلى تركيز مستمر ، وتكون القابلية المالية هي الوجه الأكثر أهمية لعملهم .
– القادة المدراء المهنيون : وهم الأمناء (Trustees) الذين يضمنون المستقبل عن طريق إنشاء وضمان الأنظمة والبنية التحتية اللازمة من أجل استمرار التركيز المستمر .

ويتميّز الريادي بوظائف أساسية ، فيكون …..
– صانع قرار وتحت ظروف عدم التأكد ، إذ ينبغي توقع المخاطرة عند صنع القرار في بيئة غير مؤكدة .
– مبتكر ، حيث يستند الابتكار(Innovation) إلى تطبيق المعرفة لإنتاج منتجات أو عمليات جديدة .
– مُبدع ، حيث يرتكز الإبداع (Creativity) على إيجاد المعرفة الجديدة التي تتجسد في الاختراع .

المسؤولية الاجتماعية ……
——————————
١- مفهوم المسؤولية الاجتماعية وأهميتها …..
لقد تطور مفهوم المسؤولية الاجتماعية بشكل ملحوظ منذ أن بدأ يأخذ مكانا عام 1950, حتى أصبح يظهر جليا في العقد الأخير ، بحيث بدأت منظمات الأعمال في إظهار مسؤولياتها الاجتماعية بشكل أكثر جدية في إدارة إستراتيجياتها والتقارير الاجتماعية لأصحاب المصالح فضلا عن إبرازها عبر مسميات مختلفة إذ تشير جميعها إلى المسؤولية الاجتماعية ، ومنها : – المساءلة الاجتماعية
– الأخلاق التنظيمية
– المواطنة التنظيمية
– الالتزامات التنظيمية

عرّف البنك الدولي مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمنظمات على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة بالمجتمع من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس ، بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد ، كما عرفت الغرفة التجارية العالمية المسؤولية الاجتماعية على أنها جميع المحاولات التي تساهم فيما تتطوع به الشركات لتحقيق تنمية بسبب اعتبارات أخلاقية واجتماعية .
وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية تعتمد على المبادرات الحسنة من الشركات دون وجود إجراءات ملزمة قانونيا .
ويرى البعض بأن المسؤولية الإجتماعية للمنظمات والشركات ماهي إلاّ عقد بين المؤسسة المذكورة والمجتمع ، تلتزم بموجبه المنظمة او الشركة بإرضاء المجتمع وبما يحقق مصلحته ، وينظر لها على أنها التزام من قبل المنظمة او الشركة تجاه المجتمع الذي تعيش فيه من خلال قيامها بكثير من الأنشطة الاجتماعية ، مثل محاربة الفقر ومكافحة التلوث ، وخلق الكثير من فرص العمل وحل الكثير من المشاكل (المواصلات ، الإسكان ، الصحة) وغيرها من الخدمات .

وقد أكد العديد من الباحثين على أهمية الاستثمار في المجالات المختلفة للمسؤولية الاجتماعية مثل الأعمال الخيرية ، بحيث أصبحت تعد إستراتيجية كونها تجلب منافع كثيرة للمنظمة كزيادة المبيعات أو تعزيز الصورة الذهنية للمنظمة او الشركة في عقل الفرد الذي يعيش في مجتمع هذه المنظمة او الشركة .

وتؤكد العديد من الدراسات التي أجريت في بيئات مختلفة على أهمية المسؤولية الاجتماعية ، ومن هذه الدراسات دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 2006 حيث أظهرت أن ما مقداره 2.3 تريليون دولار من أصل 24 تريليون دولار كانت قد استثمرت في الشركات التي أظهرت نسبة عالية ضمن مقياس المسؤولية الاجتماعية .
ومن خلال البحث فنحن نؤكد أن الابتكار والإبداع لهما دور كبير في ترسيخ الصورة الذهنية، ولكنهما لا يكفيان لضمان النجاح، لذلك فقد ازداد الاهتمام بما إذا كانت هذه المنظمات تحمل سجلا تاريخيا في المسؤولية الاجتماعية أم لا .
لذلك فقد أضاف هذا المعيار الاجتماعي عبئا آخر على المنظمات بحيث أدخلت هذا البعد في استراتيجياتها وقراراتها ، وقد حدد مجموعة من فوائد المسؤولية الاجتماعية ، فبالإضافة إلى الأداء المالي الأفضل ، والزيادة في حجم المبيعات، فان لها أثرا ايجابيا على الصورة الذهنية للمنظمة لدى المستهلكين .
من خلال ما سبق يمكن القول بأن مفهوم المسئولية الاجتماعية للمنظمات يعنى تصرف هذه الأخيرة على نحو يتسم بالمسئولية الاجتماعية والمساءلة ، ليس فقط أمام أصحاب حقوق الملكية ولكن أمام أصحاب المصلحة الأخرى بمن فيهم الموظفين والمستهلكين والحكومة والشركاء والمجتمعات المحلية والأجيال القادمة .
ويعد مفهوم المساءلة مكونا رئيسيا من مكونات المسؤولية الاجتماعية للمنظمات ، كما تعتبر التقارير الدورية للمسؤولية الاجتماعية التي تقدمها هذه المنظمات أداة تسعى عن طريقها لطمأنة أصحاب المصلحة بأنها تُعنى باستمرار بما يشغلهم على نحو استباقي وابداعى عبر كل ما تقوم به من عمليات .
وتتضمن تلك التقارير السياسات وإجراءات القياس والمؤشرات الرئيسية للأداء والأهداف في المجالات الرئيسية لنشاط المنظمات .

٢- أبعاد المسؤولية الاجتماعية …..
لقد اجمع العديد من الباحثين على أن منظمات الأعمال تمارس عددا من المسؤوليات الاجتماعية والتي تنحصر ضمن تصنيف الأعمال الأخلاقية ، والإنسانية تجاه المجتمع المحلي والموظفين والعملاء والموردين والبيئة والمساهمين …الخ ، وتعتبر المسؤولية الأخلاقية مسؤولية إلزامية وتتعدى في كونها الإيفاء بالالتزامات القانونية والاقتصادية . ومن هذا المنطلق نُبين أن أبعاد المسؤولية الاجتماعية والمتمثلة في :
أ- المسؤولية الإنسانية : أي أن تكون المنظمة صالحة ، وأن تعمل على الإسهام في تنمية وتطوير المجتمع ، وأن تعمل على تحسين نوعية الحياة الإجتماعية .
ب- المسؤولية الأخلاقية : بمعنى أن تكون المنظمة مبنية على أسس أخلاقية ، وأن تلتزم بالأعمال الصحيحة ، وأن تمتنع عن إيذاء الآخرين .
ج- المسؤولية القانونية : أي أن المنظمة يجب أن تلتزم بإطاعة القوانين ، وأن تكسب ثقة الآخرين من خلال التزامها بتنفيذ الأعمال الشرعية وعدم القيام بالأعمال المخلة بالقانون .
د- المسؤولية الاقتصادية : ويقصد بها أن تكون المنظمة نافعة ومجدية اقتصاديا ، وأن تحاول جاهدة توفير الأمان للآخرين .

٣- مجالات تطبيق المسؤولية الاجتماعية …….
يعتبر المجتمع المحلي ، إضافة إلى البيئة الداخلية للمنظمة الريادية ، مجالات مهمة لتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية ، إذ تتطلع إلى تجسيد متانة العلاقات وتعزيزها ، الأمر الذي يتطلب منها مضاعفة نشاطاتها اتجاه المجتمع ، من خلال بذل المزيد من الرفاهية العامة والتي تشمل المساهمة في دعم البنية التحتية وإنشاء الجسور والحدائق ، والمساهمة في الحد من مشكلة البطالة ، ودعم بعض الأنشطة مثل الأندية الترفيهية ، واحترام العادات والتقاليد ، ودعم مؤسسات المجتمع المدني ، وتقديم العون لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تقديم الدعم المادي لهم ، هذا بالإضافة إلى الدعم المتواصل للمراكز العلمية كمراكز البحوث والمستشفيات . وعادة ما يُنظر إلى مسؤولية المنظمة تجاه المجتمع المحلي من زوايا مختلفة ، فقد تشمل رعاية الأعمال الخيرية ، الرياضة والفن ، التعليم وتدريب المؤسسات ، وإقامة المشاريع المحلية ذات الطابع التنموي .

كما يجب أن تدرك المنظمة الريادية دورها الاجتماعي تجاه :
– المالكون
بحماية أصول المنظمة ، وتحقيق أكبر ربح ممكن ، ورسم صورة جيدة للمنظمة ، وتعظيم قيمة السهم والمنظمة ككل ، وزيادة حجم المبيعات .

– العمال
بتطبيق العدالة الوظيفية ، والرعاية الصحية ، ورواتب وأجور مدفوعة ، وإجازات مدفوعة ، وفرص تقدم وترقية ، وتدريب مستمر ، وإسكان للعاملين و نقلهم ، وظروف عمل مناسبة .

– المستهلكون
بإقرار أسعار مناسبة ، والإعلان الصادق ، ومنتجات آمنة وبنوعية جيدة ، وإرشادات بشان استخدام المنتج وكيفية التخلص منه أو من بقاياه .

– المنافسون
بإعطائهم معلومات صادقة ، وعدم سحب العاملين من الآخرين بوسائل غير نزيهة ، ومنافسة عادلة ونزيهة .

– الموردون
بإعطائهم أسعار عادلة ، والاستمرارية في التجهيز ، وتسديد الالتزامات المالية والصدق في التعامل .

– البيئة
التشجير وزيادة المساحات الخضراء ، وتكون المنتجات غير الضارة ، والحد من تلوث الماء والهواء والتربة ، والاستخدام الأمثل للموارد وخصوصا غير المتجددة منها .

– الحكومة
بضرورة الالتزام بالقوانين ، وإعادة التأهيل والتدريب ، وتكافؤ الفرص بالتوظيف ، وحل المشكلات الاجتماعية ، وتسديد الالتزامات الضريبية .

– جماعات الضغط
التعامل الصادق مع الصحافة ، واحترام أنشطة جماعات حماية البيئة ، والتعامل الجيد مع جمعيات حماية المستهلك ، واحترام دور النقابات العمالية والتعامل الجيد معها .

٤- فوائد تبني المنظمات الريادية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية …..
أشارت العديد من الدراسات إلى الفوائد المتزايدة التي جنتها المنظمات الريادية جراء تبنيها للمسؤولية الاجتماعية في عملها ، ضمن إستراتيجيتها التنظيمية ، استجابة للضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها تلك المنظمات .

٥- أدوار المنظمات الريادية في تحقيق المسؤولية الاجتماعية …..
تتمثل أدوار المنظمات الريادية في نشر وتحقيق المسؤولية الاجتماعية من خلال ثلاثة اتجاهات :
أ – المساهمة المجتمعية التطوعية ..
ويلقى هذا المجال معظم الاهتمام في الدول التي يكون فيها الحوار حول المسؤولية الاجتماعية للشركات حديثا نسبيا . ومن الممكن أن يتضمن ذلك الهبات الخيرية وبرامج التطوع والاستثمارات المجتمعية طويلة الأمد في الصحة أو التعليم أو المبادرات الأخرى ذات المردود المجتمعي . ويلتزم عدد من الشركات متعددة الجنسيات بالتبرع بنسبة 1% من أرباحها قبل خصم الضرائب لخدمة القضايا المجتمعية . ويمكن للشركات متعددة الجنسية إنشاء مؤسسات بمبالغ وقفية كبيرة وتقديم منح للمنظمات الدولية غير الهادفة للربح والعاملة في الدول النامية .

ب – العمليات الجوهرية للأعمال وسلسلة القيمة ..
غالبا ما تكون رؤية وقيادة الأفراد والمنظمات الوسيطة ضرورية لإدخال المسؤولية الاجتماعية للمنظمات . وتستطيع أي منظمة من خلال التفاعل النشط مع عمالها ، تحسين الظروف والأوضاع وتعظيم فرص التنمية المهنية . ومن ذلك تطبيق إجراءات لتقليل استهلاك الطاقة والمخلفات . وتستطيع المنظمات الريادية أن تكفل صدق وسهولة الاتصالات مع عملائها . ومن ناحية تأثيراتها غير المباشرة عبر سلسلة القيمة ومواثيق الشرف في تدبير الاحتياجات وبرامج بناء القدرات ، وتستطيع كذلك مساعدة مورديها وموزعيها على تحسين أداء قوة العمل والحد من الضرر البيئي .

ج – حشد التأييد المؤسسي وحوار السياسات والبناء المؤسسي ..
على الصعيد الداخلي تضع قيادات المسؤولية الاجتماعية للمنظمات الريادية الرؤيا وتهيئ المناخ العام الذي يساعدها في تحقيق التوازن المسؤول بين المتطلبات المتعارضة لزيادة الأرباح ومبادئ المسؤولية الاجتماعية . أما على الصعيد الخارجي فان كثيرا من رؤساء مجالس الإدارات وكبار المديرين يقودون مشاركة الأعمال في قضايا التنمية بمفهومها الأوسع ويؤيدون المبادرات الخاصة بأنشطة المسؤولية الاجتماعية وغيرها من المبادرات .

وللخاتمة نقول . . . لم يعد تقييم منظمات الأعمال يعتمد على ربحيتها فحسب ، ولم تعد تلك المنظمات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط ، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية عبر أنحاء العالم ، وكان من أبرز هذه المفاهيم مفهوم المسؤولية الاجتماعية .
وقد أصبح دور المنظمات الريادية محورياً في عملية التنمية ، وهو ما أثبتته النجاحات التي تحققها الاقتصاديات المتقدمة في هذا المجال ، وقد أدركت المنظمات الريادية أنها غير معزولة عن المجتمع ، وتنبّهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية ، مثل هموم المجتمع والبيئة ، وإلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة التي عرّفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي النمو الاقتصادي ، والتقدم الاجتماعي ، وحماية البيئة .
ومن خلال ما سبق يمكن القول بأن الفرضية المتمثلة بمقولة ((يساهم وجود المشروعات الريادية في تعزيز المسؤولية الاجتماعية بالمنظمات)) ، مقولة صحيحة حسب ما تم التطرق إليه سابقا .

توصيات القراءة والبحث ……
———————————-
١- توضيح مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى العمال والإطارات في المنظمات الريادية، وتنميتها ، ويقصد بها تحديد المعايير الذاتية الداخلية التي تتصل بالولاء والانتماء ويقظة الضمير تجاه فعاليات العمل ، أي كل ماله علاقة بالمفاهيم والقيم الأخلاقية للفرد التي ينبغي أن يلتزم بها من أجل النهوض بالمنظمة ربحيا وماديا وثقافيا .
٢- وضع ضوابط وأسس إجرائية لقواعد المسؤولية الاجتماعية ، تتمثل في إرشاد ممارسيها وتوعيتهم بفاعلية سلوكهم الخلقي تجاه المنظمة ، والمجتمع ، والبيئة ، والحلول الواجبة الإتباع فيما يعترضهم من مشكلات حيال قيامهم بأعمالهم .
٣- تفعيل دور جمعيات حماية البيئة وجمعيات حماية المستهلكين ودعمها ماديًا ومعنويًا ، على أنها هيئات ذات صفة اعتبارية ولديها الصلاحية في إقرار معايير الممارسات المثالية العليا وتطبيقها على أصحاب المهنة بما يحقق إعادة تأهيل العمال في المنظمات الريادية ، وتحديد القيام بأدوارهم .
٤- تطوير مفهوم الأخلاقيات المهنية كحقل رئيسي من تخصص المسؤولية الاجتماعية ، بتناول الأسس والمنهجية النظرية لطبيعة الأخلاقيات المهنية للممارسين وكيفية تتبّعها ، والمشكلات التي تعترض واقع العمل فيها ، بجانب الحلول المختلفة التي يمكن اللجوء إليها .
٥- قيام المنظمات الريادية والشركات والمنظمان الإقتصادية والسياسية الكبرى الاقتصادية بإصدار مدونات أخلاقية تكون مرشدًا وموجهًا لقرارات المديرين وسلوك العمّال في المسؤولية الاجتماعية ، في مجالات عمل هذه المنظمات او الشركات بما يضمن الموازنة والكفاءة والأخلاقيات ومصالح الأطراف المختلفة ، هذا إلى جانب العمل المشترك مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية ، من أجل إصدار مدونات أخلاقية لأخلاقيات المسؤولية الاجتماعية .
٦- اهتمام المنظمات الريادية والمؤسسات الاقتصادية باختبار المديرين والممارسين على أساس متوازن من الكفاءة والخصائص الأخلاقية ، بما يضمن أن يكونوا مصدرًا لتعزيز سمعة ومكانة المنظمة ، وضمن ذلك يكون الاهتمام بتدريب العمال في مجال المسؤولية الاجتماعية .
٧- لابد أن يتغير مفهوم العلاقات العامة بالمنظمة او الشركة ، بحيث تكون مسؤوليتها الأساسية أنها مصدر رئيسي لاحتياجاتهم وأن تكون جزءًا حيويًا وشريانًا للمؤسسة ، وأنها تعبّر عن القيم والمسئولية الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع .
٨- ضرورة تدريس أبعاد أخلاقيات الإدارة والمسؤولية الاجتماعية في أقسام وكليات إدارة الأعمال والاقتصاد المختلفة ، وتدريب الطلاب عليها بحيث تصبح مفاهيم المسؤولية الاجتماعية ومواثيق الشرف ليست مجرد مبادئ مثالية وإنما أساسًا للوصول إلى ممارسة جيدة تخدم المجتمع وترفع درجة المصداقية والنزاهة نحو الجميع .
٩- وجود نقابة مهنية للمسؤولية الاجتماعية تدافع عن مبادئها وتضع لها دساتير وقوانين ترشد المهنيين وتوجههم وتحدد لهم مالهم وما عليهم وأن تكون هناك لجنة للقيم والأخلاق لإدارة الأعمال والتجارة .

عموماً نُلخّص الخاتمة والبحث بكتابة هذه السطور . .
تؤدي الريادة دوراً هاماً في الاقتصاديات العالمية كونها من ابرز محركات النمو الاقتصادي ، من خلال إنشاء منظمات أعمال محلية فاعلة تساهم في التطور المحلي ، عن طريق توفير فرص العمل وزيادة العوائد ، بقصد تفعيل دورها في تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية اتجاه الأفراد والمجتمع .
وتضمنت هذه الدراسة مفهوم الريادة والريادي وخصائصه ودوافعه ووظائفه ، ومفهوم المسؤولية الاجتماعية وأبعادها ، كذلك ريادة المنظمات . إضافة إلى مفهوم وابعاد ومجالات المسؤولية الاجتماعية ، كذلك أدوار المنظمات الريادية في تعزيز المسؤولية الاجتماعية للأفراد تجاه مجتمعاتهم .

وللموضوع بقية إن شاء الله ….
والله من وراء القصد .