أهميةُ التخطيط لتنميةٍ مستدامة
لَطيف عَبد سالم العگيلي
المخاوفُ المتناميةَ مِنْ زيادةِ معوقات استمرار الحياة الإنسانية بشكلٍ آمن، فرضت عَلَى أغلب الحكومات فِي أرجاءِ المعمورة أبداء الكثير مِنْ الاهتمام بقضايا البيئة، وقدراً أكبر مِنْ الحواراتِ الَّتِي مِنْ شأنِها المساهمة فِي تكثيفِ البحث حَوْلَ إمكانية الوصول لمساراتٍ تضمن تجنيب البشرية تداعيات ما يحتمل مِنْ الكوارثِ عبر اعتماد المتاح مِنْ الآلياتِ الَّتِي بمقدورِ مخرجاتها التأثير بفاعليةٍ فِي مهمةِ حماية عناصر بيئة الحياة، وَالحفاظ عَلَى سلامةِ مقوماتها ومصادرها مِنْ مخاطرِ التلوث البيئي، وَالَّذِي تلمس العالم الكثير مِنْ مشكلاته عبر مظاهر عدة، تميزت بتباين آثارها فِي تشويه عناصر البيئة والإخلال بالتوازنِ البيئي. إنَّ استمرارَ المنشآت الصناعية، ومحطات الوقود ومحركات الاحتراق الداخلي بوسائلِ النقل والمواصلات فِي حرقِ كميات هائلة مِنْ الوقود الاحفوري، كان فِي طليعةِ الوسائط المنتجة لغازاتِ الدفيئة المسببة لظاهرةِ الاحتباس الحراري، وَلاسيَّما غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغاز ثاني أكسيد الكبريت وغيرها. وبالإضافةِ إلى شدةِ الأخطارِ الناجمة عَنْ استخدامِ الدول الاستعمارية لأسلحةِ الدمار الشامل، فضلاً عَنْ تبنيِها أجراء التجارب النووية الَّتِي تسبب التلوث فِي الماءِ والهواء والتربة، تتسارع زيادة مساحة المشكلات البيئية مَع التطور العلمي وتقدم المجتمعات الإنسانية، إذ تنامى الميل إلى استخدام المنظفات الصناعية والفلزات الثقيلة، والمواد المشعة، والمبيدات الحشرية، والمخصبات الزراعية، إلى جانبِ ضعف الإجراءات أو التدابير الَّتِي تفرضها مسؤولية مواجهة بعض الظواهر الخطيرة، وبشكلٍ خاص مخلفات ناقلات النفط، مياه الصرف الصحي، ومياه الصرف الصناعية الَّتِي يجري تصريفها مباشرة ومِنْ دون معالجة إلى الأنهارِ والبحيرات، ما يفضي إلى تكوين طبقة سميكة مِنْ الرغوة الَّتِي تترتب عليها مشكلات خطيرة، قد تؤدي إلى نفوقِ الكائنات الحية وهلاك أنواع منها؛ بالنظرِ لعزل المياه عَنْ أوكسجين الهواء الَّذِي يقود إلى حالةِ نقص شديد فِي حجومِ الأوكسجين الذائبة فِي المياه.
لعلَّ مِنْ المناسبِ التذكير هُنا بأهميةِ الآثار المتأتية مِنْ إحدى المشكلاتِ البيئية الَّتِي ما تزال آفاقها تزداد اتساعاً فِي بلادِنا بمعزلٍ عَنْ ظهورِ تدابيرٍ تعكس تدخلِ الجهات المعنية بقصدِ التخفيف مِنْ سلبية آثارها والمتمثلة بمشكلةِ الضوضاء، وَالَّتِي يترتب عليها الكثير من الأضرار الصحية والنفسية، إذ تؤدي بحسبِ المتخصصين إلى حدوثِ اضطراب فِي وظائف الأنف والأذن والحنجرة، فضلاً عَنْ تسببها بإفرازِ بعض الهرمونات الضارة فِي الجسم الَّتِي تؤدي إلى الاضطرابِ في بعض وظائف المخ، وَأَدْهَى مِنْ ذلك آثارها الأكثر خطورة بفعلِ تسببها فِي ظهورِ مشاعر الخوف والقلق والتوتر لدي الأفراد، مع العرضِ أنَّ المصابينَ بالاكتئابِ هم أكثر الناس حساسية للضوضاء.
تأسيساً عَلَى ما تقدم، فأن واقع الحال فِي بلادِنا يعكس الحاجةَ لتبني وزارة الصحة والبيئة برامج واعدة لأجلِ تنمية العمل البيئي المتوازن ورفع مستوى الوعي البيئي فِي المجتمع، إلى جانبِ وضع الخطط الكفيلة بالحفاظِ عَلَى مواردِ البيئة الطبيعية، والركون إلى الإجراءاتِ الَّتِي بوسعِها المساهمة فِي تحقيق مفهوم التنمية المستدامة مِنْ خلال الاهتداء لسياسةِ التخطيطِ الشامل لعمليةِ التنمية فِي قِطاعاتها كافةِ.
فِي أمَانِ الله.